د.مصطفى بنحمزة في حوار شامل مع المحجة حول قضايا:التربية والثقاقة ، وحرب القيم ، والتغيير، والتنمية
الأستاذ الدكتور مصطفى بنحمزة من الوجوه البارزة في المشهد العلمي والثقافي والتربوي في المجتمع المغربي،بفضل إسهاماته القيمة،وحضوره العلمي، سواء في مجال التوعية الإسلامية وترشيد مسار الصحوة الإسلامية على قاعدة من الوسطية والاعتدال، أو في مجال تحمل أمانة الحفاظ على كيان التعليم العتيق والحرص على تطويره والرفع من مستواه، فضلا عن مبادراته المشهودة وتجربته المتميزة الرائدة في حقل العمل الاجتماعي والثقافي.
والحوار التالي الذي أجرته معه جريدة المحجة، يعكس بعض ملامح رؤيته لقضايا التربية والثقافة، ولآليات البناء الثقافي الضامنة لوحدة المجتمع وتوازنه ومناعته، وفيما يلي نص الحوار :
حرب “القيم” حرب على الاسلام
< من المقولات التي تتردد في الاستعمال المعاصر، مقولة حرب “القيم”، ما تقدير فضيلتكم لموقع هذه الحرب ضمن ألوان الحروب الأخرى ولطبيعة تعامل الأمة معها، وقبل ذلك مع وعيها لما تكتسيه من خطورة بالغة؟.
>> بسم الله الرحمن الرحيم، المقولة الشائعة المتعلقة بحرب القيم هي مقولة يوحي ظاهرها بوجود طرفين متحاربين كشأن الحروب التي يلتقي فيها فرقاء متعددون. والواقع أن ماهنالك في الساحة، ليس إلا حربا على قيم معينة. ليس هناك حرب عالمية على القيم، وإنما هي حرب يشنها معسكر معاد للإسلام على قيم الإسلام بالذات، وهذا يجب تحديده منذ البدء. إن الحرب التي تشن هي حرب على قيم إسلامية صنعت هذا المجتمع المسلم وأكسبته المناعة والقوة والقدرة على الاستمرار. وبما أن عمليات كثيرة قد جربت وآل أمرها الى الفشل والبوار، فقد أصبح الهم متعلقا باجتثاث كل القيم التي شكلت شخصية المجتمع الإسلامي المتفرد.
حرب القيم مرحلة ضرورية في عملية تفكيك كل العلاقات والمقومات التي قام عليها المجتمع الاسلامي، إنها بعبارة أخرى صيغة من صيغ الحرب الشاملة، أو العلمانية الشاملة -كما يسميها الدكتور المسيري- التي من مقتضياتها التشكيك في جميع القيم والمعاني التي أسست لمجتمع إسلامي ذي شخصية مستعصية على الفناء والذوبان. وقد تأكد هذا من خلال مراحل كثيرة من الحكم ومواجهات متعددة مع العالم الاسلامي الذي كان يخرج أكثر قُوّةً وعزما بعد كل مرحلة رغم مايمنى به من خسائر في الأجساد والأرواح والمال . فلذلك كانت هذه العملية -التي ليست حرب قيم إنما هي حرب على قيم معينة- عملية تندرج في إطارتفسيخ هذا المجتمع وفي إزالة عوامل المقاومة والمناعة منه.
< إذن أستاذنا الفاضل، قد ميزتم من خلال هذا الجواب بين حرب القيم والحرب على القيم، لعل هناك فرقا بينهما؟.
>> نعم إنها قيم معينة مستهدفة، وهذه القيم لا تحارب الغير، فليست هناك حرب مشتركة، هناك تَلَقٍّ للصدمات وتلق للحروب وللعدوان فقط، إن القيم الاسلامية ليست قيما محاربة، ليست قيما عدوانية، إنها قيم لها من الوجاهة ومن القوة ومن الصلاحية ما يجعلها تمتد وتنتشر عبر العالم من غير أن تكون في حاجة إلى حروب.
< أستاذنا الكريم، لقد دأبت الدوائر الغربية على مطالبة الدول الإسلامية بتغيير المناهج الدراسية تحت دعوى التحديث والتطوير، ما خلفيات ذلك ودلالته في نظركم؟.
>> هذا العمل لم يبدأ فـــــي هذه الفترة، -وإن كان الآن قد اتخذ كيفية معلنة وزخما واضحا-، لكنه في الحقيقة بدأ منذ بدايات الالتقاء بين العالم الإسلامي والغرب في الأعصر الحديثة، فحينما أرادت القوة التي كانت تملك زمام الأمر أن تشن حربا عدوانية على المسلمين، أول ما فكرت فيه تجريد مناهج تربوية وافدة مع تجريد الجيوش. وكان مشروع (دنلوپ) لضبط التعليم في الشرق معروفا، وقد طبقت هذه السياسة بالتدريج وبمكر شديد، فكان من مضموناتها ومضامينها إيجاد كليات ومؤسسات حديثة في مقابل المؤسسات القديمة، وكانت المؤسسات الحديثة تمكن من كل وسائل الحياة، وكان خريجوها يَحْضَون بالرتب وبالمناصب في توجيه الحياة، بينما كان خريجو المؤسسات القديمة والعتيقة يعانون الفقر والمسغبة، وكانت بنايات هذه المؤسسات متآكلة، وكان وضعها المادي مزريا، وكان هذا كافيا لصرف الناس إلى تبني التعليم العصري الغربي أوالإقبال على التعليم الذي كان تعليما لأبناء الخاصة بغية تخريج قيادات تؤمن بمفاهيم الغرب. فطبق هذا المنهج وعرفنا نتائجه في مصر وفي الشرق عموما، وكانت له آثاره وتداعياته. الآن وبعد هذه التحولات السياسية والاجتماعية، وبعد إقدام العالم الغربي على احتواء العالم الإسلامي، كان ضروريا أن توجه التهمة إلى المناهج التربوية على أساس أنها مسؤولة عن التخلف من جهة، وعن عدم التسامح مع الآخر، وعن إنبات أو زرع بذور “التطرف” وما إلى ذلك. هذه حجج وذرائع وجيهة -في نظرهم- في فترتنا هذه وكافية لاتهام هذا التعليم بأنه يجب تغييره، لكن المشكلة هي أن المناهج ذاتها مستوردة لأنها غالبا ما تنتمي إلى بيئة أخرى وتقوم على معايير أخرى، فلذلك تكون هذه المناهج التربوية في الغالب مناهج مقحمة على العالم الإسلامي. العالم الإسلامي مطالب من حيث إنه يشعر بضرورة التطوير والتحديث، بأن يطور تربيته ووسائله التربوية، وأن يستحدثها على الوجه الذي يضمن بقاء خصوصياتها، وأن يكون لها تجاوب مع شخصية هذه الشعوب الإسلامية. وبالتالي فأي تربية، سواء قلنا إن هنالك تربيةً فنيةً أو جنسيةً أو تربية اجتماعية، لابد بأن تتبنَّى جميعَ المقولات التي آمنت بها هذه الشعوب، فحينما تقوم التربية خارج قناعة الإنسان واهتمام الإنسان ويقين الإنسان فإنها تكون نوعا من “الإرهاب” المفروض على الإنسان، لأن ذاتيته ترفضها ولا تؤمن بها.
< أستاذنا الكريم، هل تعتقدون بأن قسطا من المسؤولية وراء هذه الهجمة التي تشنها القوى المعادية للإسلامراجعٌ إلى كون القيّمين على أمر المجتمعات الإسلامية قد قصروا في واجب تطوير المناهج الدراسية من الداخل حسب خصوصياتها الحضارية؟.
>>لا شك أن هذه المجتمعات هي نتيجة مناهج تربوية سابقة، هذه المناهج التربوية السابقة سواء كانت مطبقة في المدارس الدينية أو المدارس العصرية، عاجزة عن جعل الإنسان يستوعب اللحظة. ويحافظ على الذات. فالإنسان وليد هذه التربية التي تلقاها والتي عومل بها، وهي التي جعلته إنسانا سالبا وإنسانا غير شاعر بمهمته وبمسؤوليته. فما الواقع المزري إلا نتيجة تربية سابقة لم تجعله في مستوى استيعاب اللحظة واستيعاب كل مايجري حول الإنسان. إذن هذه إدانة في الحقيقة للمناهج السابقة، لكن هذا لايعالج بمزيد تغريب، إنما يعالج بجعل الإنسان واعيا ومحسا بأهميته ودوره، وبما يجب أن ينفذ من خلال مشاريع حقيقية للتطوير. هناك مشاريع وهمية لتطوير الإنسان وهناك مشاريع لايمكن أنتؤدي إلى نتيجة، لأنها في الحقيقة مُجَرَّد استنساخ. إن كل مشروع ليس فيه إبداع الإنسان، يظل استنساخا ويظل تقليدا سواء كان تقليدا للقديم أو للحديث، فالتقليد على كل حال يلغي إرادة أو قدرة الإبداع في الإنسان. فلذلك وجب تعديل ماسبق من المناهج والحدُّ من آثارها عن طريق العودة إليها بالذات، من خلال الإحساس الذاتي بضرورة تطوير الإنسان وترقيته من أجل أن يحس بواقعه ويفترض مايجب فعله، وحينذاك يكون هنالك توجه نحو تربية فاعلة، تربية تنمي في الإنسان الإبداع أساسا، تربية التقليد فاسدة سواء كان تقليدا أعمى للجديد أو للقديم. لابد من إبداع، لا بد من حضور الذات في عملية التطوير والتحديث.
في العلاقة بين التربية والثقافة
< لقد بات التداخل بين التربية والثقافة في ظل التحولات المعاصرة من قبيل المسلمات، ما حقيقة هذا التداخل وما تجلياته؟.
>> الواقع أن العلاقة بين التربية والثقافةهي علاقة مابين الوسيلة والغاية، إن المفروض هو الوصول إلى ثقافة، لكن الوصول إلى هذه الثقافة وإلى غرس هذه الثقافة وبثها إنما يتم عن طريق اعتماد تربية معينة، التربية التي وضعت هدفا لها تفضي إلى ذلك النوع الذي تختاره من الثقافة، إذن فالعلاقة علاقة مابين الوسيلة التي هي التربية والغاية التي هي الثقافة. الثقافة الإسلامية تعتمد تربية معينة قائمة على الاستمداد من الكتاب ومن السنة ومن كل ما ترك لنا المسلمون من حكمة ومن توجيهات ومن نظرة إلى الأخلاق. فهذه ثقافة معينة والغاية من ذلك هي تحقيق ثقافة معينة هي ثقافة الإنسان المسلم.
< أستاذنا الجليل، لا شك أن من خصائص هذا العصر الذي نعيش فيه تعدد وتنوع القنوات التي تساهم في تشكيل العقل، وإننا عندما نقرأ قول الرسول : >كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه…< فهذا الحديث الشريف أعطى المسؤولية المركزية في هذا التشكيل للأبوين، كيف يمكن أن نفهم هذا الأمر وديمومة مسؤولية الأبوين في ظل هذا الزخم العارم الذي يتمثل في وسائل الإعلام وفي مقدمتها التلفاز بالدرجة الأولى، وهذه الفضائيات التي تغزو البيوت وهذا الشحن اليومي الذي يمارس على الإنسان؟.
>> الحديث النبوي الشريف لا يتحدث عن العامل الوحيد، ليس الأبوان عاملا وحيدا بل هما العامل الأبرز بحكم احتكاكهما بالمولود في فترة مبكرة وارتباطهما والتصاقهما به، فالأبوان يشكلان مرجعية في فترة معينة. لكن هذا لا يعني بأن الأب والأم هما وحدهما المسؤولان، هناك المجتمع بكل مكوناته، هناك الرفقاء، هناك المثل، هناك الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم مُثُل ونماذج، هناك المدرسة، هناك وسائل الإعلام باختلاف أنواعها، كل ذلك يسهم في تشكيل شخصية الطفل الوليد، لكن الأبوين يظلان مع ذلك أبرز الفاعلين في هذا المجال، هذا معنى مضمون الحديث. إن المجتمع الذي يريد أن يصل إلى ثقافة موحدة، ثقافة متوازنة يجب أن يؤدي الجميع فيه هذه الرسالة، أنا أتحدث هنا عن الفنان، عن البناء، عن المهندس، عن شرطي المرور، عن كل هؤلاء أتحدث لأقول : إن جميع الأعمال يجب أن تكون أعمالا متضافرة على إنجاز مشروع معين. حينما تتعاكس المجهودات وحينما يكون ما يبذله الآباء منقوضا بما تبذله المدرسة، وما يبذله الآباء منقوضا بما تبذله وسائل الإعلام، هنا يقع الاهتزاز والاضطراب، بمعنى أن التربية هي عمل ومشروع مجتمعي متكامل يؤدي فيه الجميع ماعليهم. مع الأسف الشديد، إن الإحساس بالتكامل يضيع وراء أو أمام إحساس الآخر بالحرية، إن الإنسان حين يتصرف بما يشاء بالنزعة الفردانية وبالرغبة في التميز، وبأشياء من هذا القبيل، يطوح بكل المجهودات التي تبذل من أجل توحيد الجهد ومن أجل التركيز على الإنسان ليكون إنسانا واعيا. نحن محتاجون إلى إنسان يستطيع أن يغير هذا الواقع المؤلم، إلى إنسان يؤمن بالأخلاق في شمولها، نحن محتاجون إلى إنسان إيجابي يستطيع أن يطور وسائلنا، إنسان يستطيع أن يدخل بنا عصر التقدم ويسهم في نهضتنا الاقتصادية ويمحو منا الأمية والجهل والبطالة وما إلى ذلك. هذا مشروع مشترك يجب أن يكون مشروعا لكل الأطراف والفرقاء ومكونات المجتمع. حينما نؤمن بهذا المشروع المتكامل، فالكل يمكن أن يؤدي من زاوية معينة ما يمكن أن يؤديه من أجل أن نصل إلى إنسان متوازن تجتمع فيه كل هذه المجهودات وتعطي هذه النتيجة، وتصل إلى هذه الغاية.
انحراف الشباب نتيجة
لانحراف الكبار
< لاشك – أستاذنا- أن قضية الوقوف عند وضعية التربية وعند وضعية التشكيل التربوي في مجتمعنا تضعنا في الحقيقة أمام مشهد مؤلم كما ذكرتم، يتمثل في نوع من التسيب الأخلاقي الذي يعم بعض أوساط الشباب وذلك نتيجة العوامل التي ذكرنا من قبل، كالقنوات التي تغزو الإنسان وتقتحم عليه عقله ومشاعره، فهل ترون بأن هناك جهودا، ماثلة الآن في الواقع الذي نعيشه، تحاول تشكيل الشباب بما يحفظ له شخصيته ويوفر له طاقاته كشريحة ينبغي أن توظف للبناء في المجتمع؟.
>> الشباب كما أسلفت هو نتيجة لنوع من الثقافة الشائعة، الشباب لا يمكن أن نتحدث عن انحرافه قبل التحدث عن انحراف الكبار، فما انحرف الصغار إلا بانحراف الكبار. ومع ذلك أقول إن هنالك الآن تصارعا بين كثير من التوجهات. ولكن أعتقد أن شبابنا بخير وإنه الآن يمضي إلى خير، ولأنه يمضي إلى الخير توجهت إليه هاته الجهود من أجل تحريفه عن هويته وتصريفه عن الخير. لكن الشباب الآن في درجة من الوعي ومن الإدراك جيدة ربما لم تكن حاصلة فيما سبق. لا أتحدث عن شيء مثالي أو عن وضع مثالي، ولكن أقول إن هناك صحوة عند الشباب، هذه الصحوة تقاوم الآن بوسائل متعددة توظف فيها وسائل الإغراء واستغلال الفقر واستغلال الحاجة وما إلى ذلك، توظف أشياء كثيرة، ولكن البقاء دائما للأصلح، والأمر يتعلق فقط بأن تبذل وتواصل مجهودات أهل الخير والخيرين في هذا المجتمع. المهم أن لا يَهِنَ الإنسانُ وأن لا يشعر بالسآمة، وأن لا يشعر كذلك بأن كل شيء قد ضاع. هذا هو الأساس ولكن الحياة ماضية والشباب يصحح نفسه والشباب ولله الحمد – الآن- ربما تهمته الكبيرة في العالم الإسلامي أنه متدين، لا أنه غير متدين، وبالتالي فهذا مكسب يجب كذلك ضبطه وتحديده ويجب توظيفه، حتى في جانب التدين يجب أن يظل هذا الشباب متدينا تدينا ناضجا واعيا عاقلا و إيجابيا ورافعا لهذه التحديات التي يوجد فيها المجتمع الإسلامي.
نعم لثقافة التغيير نحو الأصول
< عقد مؤخرا ملتقى أو ندوة في المغرب تحت شعار (تغيير الثقافة أو ثقافة التغيير) كيف تنظرون إلى هذا الشعار؟.
>> نحن نقول نعم، إن هذا أمر ضروري، لا بد من تغيير الثقافة ولا بد من إيجاد ثقافة التغيير نحو القيم الأصلية ونحو الأصول. نحن لانجمد على شيء نخاف عليه من الضياع، نحن نقول إن التغير شرط وضرورة من ضرورات الحياة وإن التطور ضروري ولكن التطور له اتجاهات، فقد نتوهم أننا نتطور ونحن نرتكس وننتكس. وقد نتطور تطورا فعليا، لابد أن نلاحظ آثار التطور على قطاعات معينة على العلاقات التي تسود الأسرة، هل هي علاقات تراحمية أم هي تأتي للتفكك. لا بد أن نتحدث عن هذا الإنسان كيف أصبح متخلفا من جانب الأخلاق. لا بد أن نتحدث عن العلاقة بين المرأة والرجل هل هي علاقة إنسانية ومتطورة أم هي علاقة استيلاب بشري… هذه الأشياء هي التي تبين لنا في أي اتجاه نمضي. فنحن نؤمن أيضا بالتغيير وبثقافة التغيير وبتغيير الثقافة، من هم الذين ينادون اليوم بتغيير الثقافة؟ المتدينون هم الذين يتحدثون اليوم عن ثقافة التغيير. وهذا أيضا مشروع يجب أن يأخذه جميع أهل الخير والفضل في هذه الأمة على أساس أنهم يؤمنون بالتغيير ولايجمدون على الواقع، لأنه لا حد للكمال وأنه لابد أن يضبط التغيير ليكون تغييرا إيجابيا، ولايكون تغييرا سلبيا. في بعض المرات قد نقرأ في بعض المقالات أن هنالك من وقف مثلا في الخلافة العثمانية ضد دعوة أحد الخلفاء إلى خلع العمامة وارتداء الطربوش، ثم هنالك من دعا إلى خلع الطربوش وارتداء البرنيطة، وكانت هذه حروبا تخاض، وذهب ضحيتها أشخاص، ما قيمة هذا النوع من التطوير الذي يتعلق بالطربوش والعمامة ؟ هذا وجه من التخلف الذي يتزيى بزي التطوير. نحن ندعو الإنسان إلى تطوير العلاقات الموجودة الآن، لو تحدثنا الآن عن علاقات الوسيط، إن الإنسان لابد له من وسيط من أجل أن يصل إلى حقه، هذا تقريبا يقع الإجماع عليه من قبل الجميع ولاننتبه إليه على أنه فساد يجب أن يزول. الوسيط والمحسوبية، هذا الأمر كأنه أصبح مألوفا وأصبح مسلَّما، يجب أن يلغى من حياةالناس لأنه يضيع عليهم حقوقهم. علاقة المعرفة أو القرابة بدل الكفاءة شيء يؤذي المجتمع يجب أن يلغى. يجب أن نتعاون على تطوير هذه الأشياء وهذا الواقع، هذه أشياء يجب أن تكون أوراشا مفتوحة لتطوير الواقع المزري للإنسان. حينما يكون أكبر طموح الآن في العالم الإسلامي هو أن نزيل الأمية. أليس هذا شيئا مقيتا ؟ هذا واقع مزري يجب أن يكون ورشا مفتوحا للجميع، كل من كان يؤمن بتطوير هذا المجتمع يجب أن يطوره ابتداء من بث الثقافة ونشر الثقافة قبل نشر الايديولوجية. لابد من أن ننشر الثقافة التي تجعل الانسان إنسان العصر. نحن فقط نطمح إلى تكوين إنسان لنصل إلى إنسان ليس أميا، وهل إذا افترضنا أن المجتمع تكون من أناس ليسوا أميين معنى ذلك أن هذا تطور. هذا ليس شيئا. ومع ذلك هذا الشيء نحن نحلم به ولم نصله، و حوالي نصف المجتمع الآن من الأميين. ولا تنتفض كثير من القوى الآن لهذا الوضع الذيهو سُبَّة، في وجه الجميع، كيفما كانوا -متحجرين متخلفين أو متقدمين-، سبة للمجتمع أن يكون نصفه لا يقرأ ولا يكتب. إذن التطوير يجب أن يكون تطويرا حقيقيا و تطويرا يؤدي فعلا إلى أن نصل إلى المراحل التي نتوخاها والتي نحلم بها. وهذا التطوير ربما لا يختلف عليه اثنان حينما يكون التطوير قصدا صحيحا وغاية ثابتة.
< مع الأسف الشديد إننا عندما نقف أمام المشهد الثقافي الذي نعايشه نجد أن هناك تيارا يسعى إلى تسميم المناخ الثقافي في المجتمع من خلال بث مجموعة من المقولات والمفاهيم المضادة لقيم المجتمع الأصيلة والممثلة لوجدان الأمة. كيف تنظرون إلى هذا الاختلال؟.
>> أنا لاأسمي هذه الاتجاهات بالمسمومة، هناك جهل يعم، وهناك غيبة عن الواقع الذي يجب أن تكون عليه الأمة الاسلامية وكفى، هذه المواجهات أو الاشياء المخالفة كانت موجودة عبر تاريخ الأمة الاسلامية، كان هناك دعاة يدعون إلى أشياءشاذة، وكانت هناك طوائف متعددة.
على كل حال كان مذهبها معروفاً في تاريخ المسلمين، لكن الذي كان يبقى هو بقاء الأمة بقيمها. الأمة شامخة بقيمها و بمثلها، ومن شرد لابد أن يعود إلى جادة الصواب، والذين لايعرفون، يجب أن يفتح معهم حوار جاد، طبعا هم الآن يختفون وراء شعارات،ويحتمون بها حتى لا يحاوروا، لكن الحوار لابد أن يكون قاسما مشتركا، ولايجب أن تتوقف الدعوة عن الحوار، ولكن حينما لايمكن للانسان أن يعرف شيئا كثيرا وأن يقرأ الكثير عن الاسلام، فلابد أن رؤيته تكون رؤية مرتبطة بذلك الواقع الثقافي الذي يعيشه، ولانطلب منه أكثر من ذلك. أنا لاأسمي هذه الاشياء أكثر من هذه الأسماء، إنها غفلة وشرود، ولكن الواجب هو واجب المجتمع الذي يجب أن يقوم بوظائفه وبواجباته وتعود الأمور ولاشك إلى نصابها بمقدار مايبذل من جهد خالص.
القرآن الكريم
أصل الثقافة الاسلامية
< ممالاشك فيه أن القرآنالكريم يعتبر أصل الثقافة الاسلامية بلا منازع، ماحظ المجتمع المغربي خاصة والاسلامي عامة، من التشبع بذلك الأصل والصدور منه في الحركة و التفاعل والبناء؟.
>> لايختلف اثنان في أن حضور القرآن في حياتنا المعاصرة أمرضروري وهو مبرر، أي هذا الانتماء للقرآن هو مبرر كون تسمية هذه الأمة بالأمة الاسلامية. القرآن الكريم حينما تريد الأمة أن تعيش عليه لا بد أن تتخذ لذلك الوسائل، والوسائل تكون بتلقين الناشئة وربطها بالقرآن الكريم منذ مراحل التعلم الأولى. ويمضي الانسان في صحبة القرآن تدبرا وتأملا وفكرا حتى تكتمل شخصيته، ويبقى الانسان مع القرآن إلى أن يودع به الحياة. برامجنا التربوية الآن لاتفسح مجالا كبيرا لتلقي القرآن. تلقي القرآن مادة رمزية وجودها وجود رمزي.
حينما توجد يكون وجودها وجودا رمزيا، وأقول إن الذين يتعلمون القرآن الآن يتعلمونه خارج المدرسة المغربية، لايتعلمونه داخلالمدرسة المغربية، ولا يشعرون بجدية هذا التعلم داخلها. ولكن القرآن يظل مع ذلك المكون الأساس لشخصية الانسان المسلم ولكينونة المجتمع المسلم. وحينما يحاول الآباء وبعض الفاعلين تلافي ذلك النقص عن طريق إنشاء مدارس على هامش المدرسة الرسمية، فمعنى ذلك أن هذا فيه إحساس بتقصير هذه المدارس الرسمية وعدم قيامها بالمطلوب، أرجو أن يتدارك هذا بصدق وأن يكون البرنامج مشحونا بالمادة القرآنية، لأن المادة القرآنية هي مادة تمنح التلميذ مقوماته، تمنحه ثقافة دينية صحيحة، تمنحه ثقافة لغوية وشرعية، تمنحه ركاما من المفاهيم والمعلومات عن تاريخ البشرية، عن أشياء كثيرة، عن النبوات، فكلما قصرنا في الاتصال بالقرآن كان لذلك انعكاس على التربية.
ففي المشهد العام مثلا، في المشهد الوطني لابد من تعزيز وجود القرآن على كل الأصعدة وعلى جميع المستويات.
< تتميز الثقافة الإسلامية بشخصية فريدة أين يكمن هذا التفرد في نظركم؟.
>> الثقافة الاسلامية منظور فيها إلى مفهوم ثقافتها على الأساس، ومفهوم الثقافة هو لغوي يشير إلى معنى الاستقامة؛ الرمح المثقف أي المستقيم، وحينما يقال إن شيئا ما مثقف أي إنه مستقيم. إن الثقافة هي -كما يعرفها البعض- مايترسب بعد أن ننسى كل شيئ.
هذه الثقافة التي بثها الإسلام فينا، ثقافة إنسانية، ثقافة رائعة و رائدة، يمكن أن أقول لك : إن من صورها أن المرأة البدوية كانت تؤمن بالعلم، وكانت القرية الإسلامية أو القرية المغربية بالخصوص تؤوي مجموعة من طلبة العلم تهيء لهم وتوفر لهم المأكل والمأوى والتعليم، وتتولى رعايتهم و التكفل بحاجاتهم المادية إلى أن ينتقلوا من ذلك المستوى إلى مستوى الطلب، طلب العلم في مدارس كبرى.هذه ثقافة تعليمية وتنموية كبيرة جدا توفرت لمجتمعاتنا.
وهي ثقافة نابعة أساسا من إحساس الإنسان بضرورة المساهمة في إشاعة الخير وإشاعةالعلم والثقافة. ثقافتنا من مفاهيمها أو من مشمولاتها، كل المظاهر التي تعني اهتمام الانسان بالمعرفة، اللوح، القلم، الصمغ، وسائل الكتابة. هذه أشياء،حينمانعرضها نحن أمام الناس في متاحف معينة، نكون قد عرضنا في الحقيقة طريقا كنا نتبناه ونسلكه نحو المعرفة و نحو العلم. حينما نتحدث للناس عن ثقافة التضامن و التعاون من خلال عملية “التويزة” مثلا، حينما كنا نتحدث عن ثقافة مجتمعية تتمثل في أن كل إنسان في المجتمع يمكن أن يوجه، وأن الطفل إذا أساء في الطريق،يمكن لأي إنسان أن يتدخل ليوجهه ويؤدبه، حينما كنا نجد أن المرأة التي تضع مثلا مائدة الخبز في باب المنزل تعرضها لجميع المارة ليوصلوها إلى الفرن، كان أي واحد يمر يعتبر أن ذلك هو واجبه. هذه ثقافة إنسانية، وهي ثقافة استقامة.
كان بالإمكان أن يتعاطى الناس أشياء فيها ثقافة ومهارة، ولكن الإسلام كان يمجها. الاسلام مثلا مج و رفضعملية السحر أو اللعب بأعين الناس وهي مهارة في الحقيقة وثقافة، و لكن الاسلام رفضها لأنها تؤدي إلى خصومات، وتؤدي إلى خطر كبير. إذن مايعتبر ثقافة في ديننا هو مايمكن أن يدل على مايتبناه المجتمع ويتمسك به، في عادات الأكل وعادات الشرب والتواصل في مناسبات التراحم على مستوى القرى،تهيء المناخ والمجال للعلم إلى غير ذلك مما هو ثقافة إسلامية، مع الأسف الشديد، أن هذه الأوجه من الثقافة لاتبرز، وقد لايبرز إلا أخف الوجوه، والوجه الذي ربما يدغدغ العواطف أو يدغدغ الغرائز هو الذي يبرز على أساس أنه جزء أو وجه من أوجه الثقافة القديمة. لابد أن تكون لنا معارض ومهرجانات لعرض ثقافتنا الإسلامية النظيفة الطاهرة التي عاش الناس بها. لابد أن نميز للناس كيف عشنا داخل مجتمعاتنا. أنا أتصور لو أن رساما رسم صورة امرأة تضع مائدة الخبز في الباب، وأن شخصا يمد يده لأخذها، لكان ذلك منظرا ثقافيا يصور ثقافة، مشهد ثقافي رائع هذا الذي يمر بهذه المرأة لايعرفها و لا يطلب منها شيئا و ليس له بها صلة ومع ذلك يؤدي هذا الدور الاجتماعي الذي لانجد مثله، حينما تعم الأنانية، حينما لايقوم الصغار للكبار في الحافلة، نرى الأنانية والبشاعة، حينما نعيش هذا نعرف أن هناك ثقافة هي الثقافة الإسلامية المتصلة بالوحي وبالتوجيه الديني.
البعد التنموي
في الثقافة الاسلامية
< لاشك أن من الهواجس الكبرى في مجتمعنا هاجس التنمية التي تواجه أزمة فعلية فالجميع يتحدث عن مشاريع التنمية، ولكن لانرى تنمية في الواقع، لقد أشرتم إلى البعد التنموي في الثقافة الإسلامية، ماهي تجليات ذلك البعد؟.
>> التنمية الإسلامية نابعة من التصور الإسلامي للإنسان وللكون وللحياة، لايمكن أن تتحدث عن تنمية في آخر المراحل أو التنمية الاقتصادية إذا لم يكن لديك إنسان ينمي أو يستطيع أن يشارك في التنمية، إنسان ينطلقفي التنمية من مبدأ العبودية لله سبحانه وتعالى، ويعلم أن الله مطلع عليه، حينما يعلم أن هنالك ارتباطاً بين اليقين ومفهوم الجودة، الجودة هي نتيجة الرقابة والاحساس بالرقابة، فالجودة إذن يمكن أن تنتج ولكن ليس من طريق المفتشين، ولكن تنشأ عن طريق الرقابة الذاتية والاحساس بأن الله تعالى مطلع على مايفعله العبد، إذن الأساس الذي تعتمده التربية هو الإنسان، ثم هو بعد ذلك هو تنمية مختلفة الوجوه :هناك تنمية سياسية، وتنمية اقتصادية، وتنمية اجتماعية،وتنمية روحية أخلاقية، و هذا هو الإسلام كله، فالإسلام على كل الأصعدة يضبط الأمور بحيث إن التنميةلاتصير متوهمة. التنمية يحققها الإسلام من خلال ترك المؤسسات التي يَكِلُ إليها مهمة التنمية تمارس وظيفتها في باب – مثلا- الشركة، وهي مشروع تنموي اقتصادي، نجد الفقه الإسلامي يتحدث عن الشركة بكل أنواعها وما يجوز منها ومالا يجوز، شركة الوجوه التي هي نوع من المغالطة للمستهلك وهي نوع من الاحتيال على الناس وبيع الخامل للمليء كما يعرف في الفقه الإسلامي، هذه الشركة هي مشروع وعمل تنموي، ولكنها في نفس الوقت يمكن أن تَزِلَّ وتزيغ، فلذلك يضبطها الإسلام بالضوابط التي تجعلها عملية تنموية. الربا ليس عملية تنموية، فيه رواج المال، ولكن عملية تنموية، لأن فيه استغلالا لفقر الفقير وحاجة المحتاج،في حين أن الإسلام يتصور أن تداول الأموال و المنافع يجب أن يتم بالتراضي والتعاون وبتكافؤ الفرص.
التعارف عملية مشتركة تمهد للحوار الحضاري
< تقوم دعوة القرآن فيمايخص العلاقة (بالآخر) على مطلب التعارف، كيف يتأتى تحقيق هذا التعارف مع الحفاظ على هوية الأمة وخصوصيتها؟.
>> طبعا المسلم مدعو إلى أن يتعارف، والتعارف عندنا شيء مسلم به وضرورة من الضرورات لأنه انفتاح على (الآخر)، ومعرفة بالواقع، ومعرفة بالذين يخالفوننا. في هذه الفترة، أظن أن الناس قد أكثروا من الحديث عن التعارف و الانفتاح في اتجاه واحد.
كيف نتعرف نحن على الآخرين؟ الواقع الذي يجب أن نقر به هو أن هنالك امتناعا عن التعرف من قبل الآخرين، يقال مثلا عن ثقافة الانسان في أمريكا بأنه لايعرف الشيء الكثير عن العالم الإسلامي، ويعتبر ذلك بمثابة الاستغناء بالذات، إن هذا تقصير. فهؤلاء لا يعرفوننا.
ينبغي أن نسعى إلى تعريف هؤلاء بأنفسنا وبحضارتنا و بثقافتنا.لانترك وسائل الإعلام المغرضة لتُكوّن عنا الصورة الشائهة، لا نترك دور السينما تشوهنا دائما وتذكرنا بأننا ذلك الانسان العربي البليد المتخلف المتهالك على الشهوات. هذه الصورة النمطية التي تسيء إلينا كثيرا، يجب أن تزول. نحن نعرف (الآخر) ربما ما يعرفه المسلمون الآن عن غير المسلمين هو أكثر بكثير عما يعرفه غير المسلمين عن المسلمين. والدليل على ذلك أننا نعرف لغاتهم أكثر. فأبناء المسلمين يعرفون اللغات الحية في العالم أكثر مما يعرف الآخر شيئا عن اللغة العربية مثلا. هؤلاء الذين يريدون الآن أن يعرفونا، لابد أن يسلكوا لذلك سبلا. نريد للثقافة الإسلامية أن تعمم في المؤسسات وفي المدارس و الجامعات، كما نعرف الآن مناطق الالزاس واللورين ونعرف المشاكل التي وقعت في الحرب العالمية الأولى والثانية، ونعرف الأشخاص بأحوالهم الخاصة، نعرف زعماءهم، ومفكريهم، وفنانيهم ورساميهم،ومغنيهم، نعرف لاعبي الكرة،نحن نعرفهم أكثر مما يعرفوننا، ولكن هم لايعرفون منا إلا القليل،وكأنهم ليسوا مهتمين ولا معنيين بهذه القضية.التعارف هو عملية مشتركة، فكما ندعو إنسان العالم المسلم أن يمعن و أن يتعلم -و أظن أن العالم الإسلامي قد خطا خطوات كبيرة- فلا بد أن يكون الطرف الآخر هو الذي يبذل جهدا آخر ليتم هذا التعارف الذي هو بداية التحاور.
سر انتصار الإسلام
في حالة الاستضعاف
< من مميزات الثقافة الإسلامية الطريفة والعجيبة أن تحقق الغلبة والانتصار حتى في ظل حالة الاستضعاف، كيف تنظرون إلى هذه الخاصية أو الظاهرة؟
>> أظن أن هناك مشروعين في هذه الحالة: المشروع الذي هو مشروع ديني و مشروع آخر وهو مشروع سلطوي. فالمشروع الديني يحمل خصائصه ويحمل عوامل قوته في ذاته،الإسلام في ذاته قوي بحججه و بمنطقه، و بالتالي فإنه قادر على أن يسري ويمتد. المشروع (الآخر) المعاكس وهو المشروع السلطوي، هو مشروع تغلُّبي، مشروع قهري، وقد يقهر المسلمون بوجود بعض العوامل؛ لوجود التخاذل فيهم. لكن مع ذلك تظل الحجج قوية، لأن الإسلام لم يكن ينتصر بالقوة المادية فقط. لو كان انتصاره قائما على القوة المادية فقط، لكان ينكسر بمجرد أن تنكسر القوة المادية. إذن هذه حجة قوية ضد الذين يرون أن الإسلام انتصر بالقوة المادية. لو كان الإسلام يعتمد في انتصاره على القوة لكان منكسرا فيمثل هذه الحالات، لأن القوة أعوزته. وبالتالي فسوف يتراجع. إذن هناك كما قلت مشروعان : مشروع ديني له حججه ومقوماته، ومشروع آخر سلطوي وتغلبي له أيضا طبيعته الخاصة، وحينئذ نرى المشروعين يتوازيان، فقد تكون الأمة الإسلامية قوية في دينها، قوية في جانبها العسكري، وهذا هو الوضع السوي، وقد تكون الأمة الإسلامية في بعض المراحل قوية في دينها وفي عقيدتها، وقد يقع لها انكسارات، ولكن هذا لايعني أنها قد هانت، أو أن ما لديها من الحق أصبح باطلا.
إن الله سبحانه وتعالى حينما وقعت مثل هذه الوقعة في غزوة أحد قال : {ولاتَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأنْتُم الأَعْلَوْن إن كُنْتم مُومِنِين} أنتم أعلون بمقومات الدين الذي تتمسكون به والقادر على تجاوز الأزمة، ولو كنتم فقط تستندون في قوتكم وفي علوكم ذلك إلى القوة المادية لكنتم منكسرين،ولما بقيتم أبدا في مرحلة العلو مطلقا.
> أجرى الحوار :
ذ. عبد المجيد بنمسعود.