مهداة إلى روح رائد القصيدة العمودية المغربية الشاعر محمد الحلوي رحمه الله
هذه القصيدة المعلقة حرفاً جميلاً بين المال و المآل، هي أرخص و أغلى و أفقر و أغنى ما يهديه شاعر مغرم بالشعر غارق في بحوره العميقة منذ طفولته الأولى مثلي إلى روح شاعر كبير مؤمن وطني حر أبي، كانت حلاوة شعره من أهم ما ألهب عشقي و محبتي و خشوعي لقداسة الحرف و جلاله ، في محراب لغة الوحي الذي نشأت في ظلاله ؛ إنه الشاعر الحبيب البعيد القريب الأستاذ محمد الحلوي الذي انتقل من الدنيا الدنيَّة إلى العليا العليَّة ،خالدا مخلَّدا بشعره الحلو الجميل في الأولى، و بتقواه في الآخرة – إن شاء الله تعالى – بجنة المأوى ،حيث رحمة الله تسبق عدالته ؛ بعد أن أقام الحجة البالغة على الذين كافأوه على حبه الكبير لوطنه و مواطنيه بأقسى مما كوفئ به سنمار !
و هذهالقصيدة مهداة أيضا إلى أسرة الشاعر الفحل الراحل الباقي – رحمه الله رحمة واسعة-؛ و إلى كل أهله و ذويه، وكل محبيه ، داخل المغرب و خارجه، و إلى ديوان الشعر العربي الأصيل عامة و ديوان الشعر المغربي خاصة، و إلى كل الشعراء الأحرار الأبرار بما فيهم شعراء الزجل و شعر التفعيلة؛ و إلى كل الظالمين المعتدين على كرامة الحرف و حقوق أهله، لعلهم يرعوون و يتداركون أنفسهم بما ينفعهم في الدنيا و الآخرة معا قبل فوات الأوان ؛ فكلنا إلى الله راجعون مهما طال العمر و اتسع العيش في الدنيا. و عسى أن يكون في هذه القصيدة عبرة لمن يعتبر ، و بعض العزاء لنا جميعا . {إنا لله و إنا إليه راجعون}.
مع خالص مودتي في الله.
لـو دام يـا صـاحـبـي للـمـرء مـا جَـمَـعـا
عـبد الـهوى في الـهـوى تـاهت سفائـنـه
في درهـم في رضـا الشـيـطـان أنـفــقــه
و الـنـفـس أمّـارة بــالـسـوء مـسـرفـة
لـم تـقنـع النـفـس من لهـو و من لعـب
ضـلـت و زاغـت عـن الـتـقوى بصاحبها
لم تـسـتـفـد من سـواها في الـهوى عـبـرا
فانـهـار و الأرض من أوزاره انـخـسـفـت
مَـن مـثـلـَه غـرَّه مِـن عـيــشــه بـَذَخ
بـرق الـهـوى خـلَّب والـنـاس تـعـشـقـه
يــبـدو كـأنــه تــاج صـيــغ مـن ذهــب
مـَن لم يـصن نـفــسـه مـن نـار فـتـنـتِـه
حـتـى إذا مـا لـظـى الـنـيـران أحـرقـه
لم يـلـق مـمـا رأى في الـحـلـم غير هبـا
فـالـدرهـم الساحـر الـفـتـان سـلـطـتـه
مـاذا يــفـيـد حــطـام أنـت تــجـمـعـه
كل اللـصـوص بـأرض الـمغرب اتحـدوا
مَـن ظـن غـزَّةَ تـسـتـهـوي مـشـاعرهـم
و المـاءَ من صخـرنا انـسـابـت جـداولـه
و العينَ أضـحـت على الأمـجـاد سـاهـرة
و القـلبَ يـنـبض كـالـبركـان مـنـتـفـضا
يا لـيتَ آمـال قـومـي كــان يـجـمـعـهــا
لـو كـان ذاك لـكـان الـنـصـر حـالـفـنـا
يـا شـاعـرا ًلـم تـزل فـي قـلـبـنـا فَـرَحـاً
أحـلـى مـن الشـهـد مـنـسـابـا علـى بـردٍ
أنت الغـنـي و إن كـنـت الـفـقـيـر بهـم
من يملـكِ الـحرفَ لا يـحفِـلْ بـأي غنــىً،
( إقرَأ ) بـذا شـهـدت في الوحـي مـعـلنـةً
فـلـيـسرقـوا مـال كل الـشـعب إن لـهـم
و لـيـأخـذوا من جـفـون الـفـقـر أدمـعَـه
فـالـبـحر يـحـضـن في أمـواجـه غـدهـم
والـنـار فـي حـمـم الـبـركـان رابـضـة
فاسـأل نـمـوراً دهـى الطـوفـان مربضهـا
أيـن الـنـمـور و قـد كـانـت مــشـمِّـرة
أين اختفت ؟ أين غابت شمس يقـظتهـا؟
لم يـبـق مـنها سـوى أخـبـارها انـتـشـر
هـل يـنـفـع الـحيَّ إن ماتـت بـصـيـرتـه
هـل يـدـفـع الـمال عـن أصـحابـه قـدراً
فـليـعـبـدوا الـمـال ربـّا ً واحـدا أحـداً
و لـيقـتـلـوا بـهـجـة الأشعار في فـمِـنـا
إنّـا سـنـبـعـث فـي حـرف تــلألأ فـي
كـالـبـدر لمـا تـوارى بـعـد غــيــبــتــه
فـلـتـبـق يا أيـها الحَــلْـوِيّ فـي دمـنــا
مـا مِـتَّ ، لا ، بـل هـم الماتوا بغـصـتهـم
تـحدو مـواكـبَـنـا و اللـيـل مـكـتـئـب
أنـشـدتـنـا فـي هـوى الأوطـان قافـيـة
فـي كـل نـاحـيـة بـالـحـب لــوَّنـهـا
قد أنـضـج الـشـعر بالتقوى سنـابـلـها،
و ارتاح في رجـعـهـا قـلـب الـشهيد فلم
أحـيـاه إكـسيـرها مـن بـعـد رقـدتــه
و الـشـعـر بـعـث إذا ما الـحر أنـشـده
كم غـافلاً عن هـمـوم الـنـاس أيـقـظـه
كـالـمــدفـع الـهـادر الـجـبّـار حـركـه
فانـقـاد كـالـعـبـد فـي أغـلالـه فـرحـاً
يا شاعـري نم قرير العـيـن و اهـنَ بمـا
إنـا سـنــرعـاك حـيـا خــالـداً أبـداً
لا نـبـتـغـي بـدلاً عـنـهـا لـنـصـرتـنـا
üüüüüüüüüüüü
ما ضاق عـيـش بذي الـدنـيـا و لا اتَّسعـا
ما بين مـد و جـزر في الـهـوى اجـتـمَـعـا
فــازداد مـن بـعـد إنــفـاق بـه جَـشَـعـا
تـغـري الـفـتى بالذي عن شـره امـتَـنـَعـا
و المـوت و الـقـبر مـنها يـسـخـران مـعـا
واسـتـبدلت بالهدى عيـش الـهوى البشعا
قـارون قـد مـلـك الـدنـيـا و مـا شـبِـعـا
واستـرجـعـت منه ما من خيـرهـا انتَزَعـا
بـعـد الذي قد جـرى بالـفـقر قد قـَنَـعـا
وهْو السـنا القاتـل المـقـتـول إن لَـمَـعـا
كم من حـريـص على الدنـيـا به انـخدعـا
يــزدد بـنـار الـهـوى فـي عـيـشـه ولَـعـا
واسـتـيـقـظ الحـق في وجـدانــه فـزِعـا
ءٍ من سـراب كـوهـم راح و انـقـطــعـا
تفنى و يفـنى الـذي في مـلـكـه طـمـعـا
إن لـم تـكـن فـيـه بالإحـسان منـتـفـعـا
و المصـلحـون جميـعا أصـبـحـوا شِـيَـعـا
قد ظن نـورَ السهى من جـدبـه سـطـعـا
و البـحـرَ صـار لهـا مـسـتـسلـما تَـبَـعـا
لم تـرض فـيما ترى غـير الـهـدى متَـعـا
في كـفـه حـجـر مـن نـبـضـه اقـتـطـعـا
حرص الـحريص على جـمع الذي جمَـَعـا
و انـجاب عـنا غمام الغـم و انـقـشـعـا
كالـحـرف أخضـع أسـيـادا و ما خـضـعـا
أصـفى من الـنور يـشفي لـمسه الوجَـعـا
أنت القـوي الـذي بـالـحـق قـد صـدعـا
أزكى الـكـنـوز غنـىً ما حرفـك ابـتـدعـا
أن الـسـعـيـد الـذي صـلـى بـهـا و دعـا
يـومـا سـيـحـمـل في أكـفـانـه الـهـلـعـا
كي يـجـعـلوهـا عـلى الشـطآن منتـَجَـعـا
وهْـوَ الذي هلـك الـقرصـان و ابـتـَلـعـا
تـــزداد شــرّا إذا بــركـانـهـا انــدلــعـا
فـانـهـار في لـحـظـة كالـبـرق و اقـتـلِـعـا
تـهـفـو إلى كسر طـوقٍ حـولـهـا وضِـعـا ؟
أين الـقويّ الـذي يـمـحو الـذي وقـعـا ؟
فــازداد كــل غــوي ظــالــم فــزَعــا
في عـيــشـه بصـر أغـوى بـه الـدلـَعـا ؟
و هْـوَ الذي في هـوى الإغـواء قـد بـَرَعـا ؟
و ليـحصدوا ما الهوى في دربـهم زَرَعـا
و اللهِ لـن يـنـفـع الـسَّـفّـاح َمـا صَنـَعـا
وجـدانـنـا من بـهاء الـشـعر و ارتـفـعـا
يـزهـو بــه الكـون إشـراقـاً إذا رجـعـا
حرفـاً مضـيـئـا بـحبر الحـب قـد طـبـِعـا
لـمـّا رأوك عـلى الـعـلـيـاء مـرتـفـعـا
من هـول ما صـنـع الـفـسّـاق ما هـجعـا
في حضنـهـا شـمـلـنا الميمون قد جـمِـعـا
خـصـب بـخـيـر ثـرىً من ثـديها رضعـا .
و الفـجر من حـرفـها بالسـعد قد طلـعـا
يـحزن على ما الـهـوى في قـلبـه صـنـعـا
كالـغـيث يحيي مـوات الأرض إن هَـمَعـا
أصغى له الكون طول الـدهر و استمعـا.
شـعر قـوي الـصـدى مـن قـلـبـه نـبـعـا
بـالـرغـم منـه هـوىً لـمّـا الـفـؤاد وعـى
يسـعى إلى الـنـصـر كالبركان مـنـدفِـعـا
أولاك شـعـرك عـنـد الله مـن شـفـَعـا
فـي أحـرفٍ صانـهـا وجـدانـنـا و رعـى
في ركبهـا ركـب فـرسان الـجهـاد سعـى.
ذ.جلول دكداك