مـن أجــل يقظة مــالية إســلامية
الانفاق في الاسلام مؤصل بقواعد وضوابط معروفة في الفقه الاسلامي
الانفاق الذي نتحدث عنه هو إنفاق مؤصل ليس معناه الصدقة فقط. هو أعم من أن يكون صدقة، لأن الصدقة أو المساعدة، أو العطاء التطوعي هو جزء من الانفاق، لكنه مؤصل ومحدد، بحيث إنه ليس في إمكان الانسان الآن أن يتحدث في هذه الموضوعات بلا تأصيل، كثير من الناس يجلسون في المقاهي ويحسمون في الأمور ويحكمون على أن هذا مبالغ فيه، وأن هذا فيه تقتير، ولكن هذه الأمور لو رُجع إليها كما ضبطها علماء المسلمين لوجدوا أنها عملية محكمة ومضبوطة ومؤصلة. وأفضل الأشياء التي يمكن أن يكتب لها النجاح هي الأشياء التي تؤصل بقواعدها، وقد كان كثير من العلماء جزاهم الله خيرا ينهض بهذا، خصوصا الذين كتبوا في الفقه المالي، وقد كان الراغب الاصفهاني في كتابه ” الذريعة إلى مكارم الشريعة” من الذين حددوا وجوهالانفاق وكيفياته وحددوا متى يصير الانفاق تقتيرا، ومتى يصير إسرافا، ومتى يذم ومتى يحمد.
كما ينتشر الاسلام بالدعوة والخطبة والمقالة ينتشر الجهاد المالي
إن الاسلام كما يخدم بالموعظة الحسنة، والخطبة الجميلة وبالمقالة المنمقة، يخدم كذلك بالتخطيط المالي. وبصرف الجهد المالي وصرف مال كثير من أجل إبلاغ هذا الاسلام. فكما أن القوة المالية الآن هي عون للباطل، فيجب أن تصير القوة المالية الاسلامية عونا لنشر الحق. فهناك مبادئ تنتشر، وهناك تصرفات شائنة وهناك انحرافات، هذه الانحرافات تتغلغل فينا وتتسرب إلى وجودنا ونجدها تضغط علينا بقوة، ونحاول أن نتخلص منها، ونسأل كيف تصلنا هذه الأفكار؟ نحن الآن متفقون على أننا يجب أن نكون على الاسلام، ولكن عمليا نحن ننحرف، نحن نريد أن نعيش بالاسلام، ولكننا نلاحط أن هناك انزلاقا خطيرا نحو التغريب ونحو عادات وأشياء يرفضها الاسلام، فهناك انجذاب نحو الحضيض، أو ما يمكن أن نسميه اللاَّإسلام.
القوة المالية المسخرة لخدمة الباطل هي السبب في هذا الانحراف
كيف يتغلغل فينا هذا؟ هل يقوم فينا خطباء بدعوننا إلى هذا الضلال؟ هل نسمع أئمة منابر يستحثوننا على أن نكون منحرفين؟ لا. ولكن مع ذلك فالانحراف يسري فينا سريانا خطيرا، وهو يتغلغل فينا ونحن نسأل كيف وصل إلينا؟ إن السبب في ذلك هو أن القوة المالية عند الكفار موظفة توظيفا جيدا من أجل خدمة آراء الكفار ومبادئهم وعقيدتهم، في حين أن المسلمين يكتفون بالدمدمات وبالتسبيح وبالتهليل وبكلمات يرددونها ولكنها لا تعطي مثل ما يعطي الجهد عند الطرف الآخر.
إن هناك قوة مالية موظفة للانحراف وموجهة أساسا للعالم الاسلامي من أجل أن تزيحه عن جادة الصواب. إن الذين ينفقون في هذا العالم هم الذين تكون لهم الكلمة الأخيرة. إن الذين ينفقون هم الذين يحددون مستقبل الناس.
انظر إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فمن ينفق أكثر هو الذي يتحكم فيها، كالولايات المتحدة، فإنها لو أزالت دعمها لهذه المنظمة لسقطت وتهاوت. ولذلك هذه المنظمة تخاف من سطوة الولايات الأمريكية المتحدة، فهي ليس لها في مجلس الأمن صوت من جملة أصوات الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. لا، هي كل مجلس الأمن، لأنها تنفق على مجلس الأمن.
وهناك فقراء يأتون من جهات كثيرة يحلمون بالمساواة في الأمم المتحدة، إن المساواة شعار يمكن أن ننادي به ويمكن أن نقذف به في وجه الشعوب الإسلامية من أجل أن تثور على دينها.
من أجل أن نقول للمرأة إنك لم تَصِلي بعد إلى المساواة لأن دينك ظلمك وأعطاك نصف ما أعطى الرجل!!. فتهيج المرأة الجاهلة عندنا، وتثور ضد دينها وتحلم بالمساواة التي ينادي بها النظام العالمي.
ولكن أين المساواة في قبة الأمم المتحدة؟ أين المساواة في مجلس الأمن؟ لماذا يكون لبعضهم حق النفقة ولا يكون لبعضهمحق النقض؟ ألا يمكن أن تتساوى الشعوب؟ ألا يتساوى أولئك الممثلون الجالسون في مجلس الأمن؟ لا إن المنطق يقتضي ألا يتساووا، لأنهم ينفقون وأنتم تستهلكون، وبما أنكم تستلهكون فأقبلوا بموقع المستهلك ولا تطمعوا في أن تكونوا في موقع المقرِّر.
هذا هو الأمر الذي نراه صباح مساء. فمن أراد أن يفرض إرادته على هذه الهيأة فعليه أن ينفق أكثر مما تنفق.
فانظر مثلا إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال كلمة ندت منه أو أُفْلِتَتْ منه، حيث قال إن اسرائيل فعلا تعمدت الهجوم على الأبرياء واللاجئين في لبنان، وضع بذلك تقريرا، في نفس الأسبوع أطلقت الصحف جميعها في الولايات المتحدة تقول إن هذا الأمين العام موصوف بعدم الكفاءة وبسوء التسيير، وبالانحياز للعرب وبكراهيته لاسرائيل ويجب أن يزال، ولن يعود أبدا إلى الكرسي مطلقا ، لن يعود. أجلَسوه ثم أقاَموه، وهو أطاعهم دائما، وما عصى لهم أمرا. وعندما أغضبهم في البوسنة والهرسك قيل له : هذه مبادئ مسنودة بالقوة المالية لأن الأمريكيين في هذا المجال ينفقون، فلو كان المسلمون قادرين على أن ينفقوا لكانوا كذلك في هذا الموقف ولكانت لهم الكلمة.
حتى أباطرة المخدرات يتحكمون بالقوة المالية في الدولة
إذن فجهات كثيرة تنفق من أجل الباطل، سمعنا من قبل عن أباطرة المخدرات وكيف أنهم كانوا يفرضون إرادتهم على كثير من الشعوب، كيف كانوا يتدخلون ويحسمون، كانوا يحرفون حتى أجهزة الدولة. كانوا بقوتهم تلك يستطيعون أن يفرضوا إرادتهم حتى على القضاء وعلى الإدارة وعلى كل شيء ويفرضون رأيهم، وانسحب هذا على أجزاء كثيرة من العالم حتى أصبحت البشرية الآن تضج من ويلات المخدرات. والمخدرات ليست قضية سهلة ولا تجارة محدودة، وإنما هي نظام لاستهلاك الانسان وتدمير الانسان من أجل أن يثرى بعض الناس، إذن فتجار المخدرات أصبحوا يوما ما قوة، وأصبحت الدول تنظر إليهم وتغطي عيونها كأنها لا تراهم لأنهم أصبحوا يمثلون ثقلا كبيرا في هذه الدول.
والشركات تفرض قوتها وسياستها بالقوة المالية أيضا
كذلك نجد أن الشركات الغربية التي تروج لبضاعاتها في عمق البلاد الاسلامية، بعض الشركات تستعمل اللقطة الاشهارية من أجل عرض منتوجها على أنظار الناس، وبعض الناس لا يرى في ذلك إلا نوعا من التنافس التجاري العادي، والأمر ليس كذلك.
إن الشركة التجارية الآن، خصوصا الضالعة في الجانب التجاري، التي لها أناس متخصصون في الترويج وفي الاشهار، ليست ساذجة، هذه الاشهارات ليست ساذجة. ماذا تفعل؟ هذه الاشهارات تربي أذواق الناس، تربي عيون الناس، تربي شعور الناس، تهدم الأخلاق في الناس، تصنع أجيالا وأجيالا جديدة على عقلية جديدة، معناه : هي تريد أن تبيعك شيئا ما، تريد أن تبيعك منتوجا هو في الظاهر عادي. فتبيعك أداة مثلا لحلاقة الوجه، وهذه الأداةالحادة الجميلة… تبيعك إياها، لكنها لا تبيعها على أساس أنك تستعملها فقط لأنك إنسان عادي. لا . إنها تربط بينها وبين مظاهر تقتضي أن يكون وجه الانسان محلوقا حلاقة متقنة. إن هذا الانسان حين يستعمل هذه الأداة الغالية يجب أن يربط بينه وبين مشاهد تقتضي أن يكون وجهه محلوقا حلاقة جيدة أنيقة بحيث لا يبقى في وجهه أثر للشعر، هذا الموقف هو كونه مع امرأة يراقصها وتراقصه، فيحتاج إلى أن يبتدئ بأجمل صفة من صفات الحلاقة وكأن هذه الشركة لا تبيع مصنوعها وإنما تصنع عقليات تروج لذلك المصنوع.
هذه شركات تنظر إلى إنسان شاب، تعرض شابا في رأسه قشر، وهذا الأمر، أي إزالة القشر من الرأس، أمر معروف وكل الناس يرغبون فيه، لكن الشركة تربط بين هذا المنظر وبين كون الانسان مدعواً إلى سهرة راقصة وإلى أن هناك فتيات لا يجب أن يرين فيه أثرا للقشر، لأنهن يسكن قريبات منه جدا، فحينها يحتاج إلى أن يكون شعره نظيفا جدا. هذه امرأة تجلس ويمر بها رجل فيعجب كيف لايرى في شعرها أثرا للقشرة وحينئذ هي تدله على نوع الصابون الذي استعملته حتى أزال القشرة، كما ترون هذا، إذن فليس الامر بيعا للمنتوج فقط، وإنما هو صياغة لعقليات ولأنماط سلوكية تستدعي ذلك، أي أنكم أيها الناس إن لم تكونوا تحسنون الرقص فلا حاجة بكم إلى مثل هذه الأشياء. إذا كنتم أناسا عاديين يمكنكم أن تغسلوا رؤوسكم بالصابون العادي وكفى . ولكنكم إن كنتم ستقفون مواقف خطيرة ومواقف خاصة كهذا الفتى الذي ملئ شعره قشرة ويخاف أن ترى هذه الفتاة منه ذلك فإنه حينئذ يحتاج إلى هذا النوع.
إذن فمثل هذا الاعلان له دور تربوي، تمرر من خلاله الكثير والكثير من الأشياء، حينما يباع معجون الأسنان على أساس أنه يستعمل حين (الاقتراب)، بل إن بعض أنواع الصابون هكذا تسمى تسمى “القرب الكثير” معنى ذلك أنك تحتاج إلى أن تكون قريبا جدا من الانسان، فأنت تحتاج إلى أن تكون أسنانك لماعة، لأنه يمكنك أن تكون في ذلك الموقف وأنفاسك ليست طيبة.
ما هذا، هذا منظر فاسق، منظر قبلة، ويقال لكTRES-PRET أي قريب جدا. هذه دعوة إلى الفجور والفسق. والرجل مع زوجته لا يحتاج إلى هذا ولا تحتاج منه إلى هذا الأمر، إنها تربية لأجيال جديدة على أنماط سلوكية تفعلها هذه الشركات، لذلك يتخلخل البناء فينا ولا نشعر من أين نؤتى، لأننا نعقل أن هذا نوع من التربية، هذا أكثر من خطب الخطباء، هذه أكثر من دروس المدرسين، هذا تعويد وترويج لمبادئ فاسدة، ولكن عن طريق إنفاق المال، عن طريق اللقطة الإشهارية، تصوروا أن شركة من الشركات تتبرع على المواطنين برنامج تافه لا قيمة له، برنامج من البرامج يسمونه برنامجا ثقافيا، يختارون الأوقات التي تجتمع فيه الأسر في بيوتها. فيأتي المذيع إلى المنزل ويسأل الأسرة أسئلة تافهة، ويختلط الرجال بالنساء، ويقع الرقص والتفاهة وما إلى ذلك، لماذا مثل هذا البرنامج؟ -وهو برنامج يومي- يأخذ متسعا زمنيا كبيراً لا يعطى للبرامج الدينية الهادفة. لماذا؟ إنه يصنع عقليات، ويعوِّد عيون الناس والأسر كبيرها وصغيرها على هذ ا المنظر، هذا تطبيع مع الفسوق والمجون. إذن هل ترون أن شركة من الشركات تتبرع على المواطنين كل هذا التبرع؟ إنها شركة تجارية ولكنها تحمل مقولة غربية تحليلية تريد بها أن يصل هذا الانسان إلى نوع من التحلل والتفكك لأن أفضل طريقة لمواجهة ما يسمونه بالأصولية، هو” الأصولية المضادة” بمعنى أن تواجه من حيث لا يشعر الناس.
فأحسن شيء هو أن تأخذ مجموعة من الشباب وتغريهم وتسيل لعابهم وتستدرجهم إلى هذا النوع من الفساد، وحينئذ كل واحد دخل إلى هذا الفساد معناه لا يكون أصوليا في يوم من الأيام ـ هكذا هو تفكيرهم ـ
المسلمون في حاجة إلى يقظة مالية هادفة قصد خدمة الاسلام
فهذا الموضوع مهم جدا وكما قلت، يتقرر على ضوئه مستقبل الأمة الإسلامية حينما تريد النهوض وحينما تريد أن تفيق، لا بد لها أن توظف كذلك طاقاتها ومالها وجهدها من أجل أن تواجه التيار المضاد، تواجه الفكرة الأخرى، توحد الإسلام المعبر عن نفسه بهذه الطرق الجميلة والطرق الجذابة التي تجمع الناس وتستقطبهم حول دائرة الاسلام.
هذا الانفاق حينما تحدث عنه العلماء، قسموه إلى قسمين : إنفاق محمود وإنفاق مذموم، لأن الشرع له رأي في كل تصرفات البشر بما في ذلك الإنفاق.
> فالإنفاق المذموم هو كل إنفاق وقع في معصية، في شيء يغضب الله، كل نوع من المجازفة والإسراف فيه، ويلتقي معه الشح والتقتير والقبض والإمساك، كل ذلك من قبل الإنفاق المذموم.
> الإنفاق المحمود هو صرف المال في وجوهه الشرعية ، في زكاة، أو حق من حقوق الأسرة، في حق من حقوق المسلمين، فكل ذلك من قبيل الإنفاق المحمود. إذا انزلق هذا الإنفاق إلى منزلق آخر، يصير هذا الإنفاق إما تبذيرا وإما تقتيرا، وكلاهما مرفوض، وكلاهما انحراف عن وجه الإنفاق,
والتبذير والتقتير ليسا من الأمور المتروكة إلى أمزجة الناس، أي ليس الناس هم الذين يحددون متى يكون الامر إسرافا ومتى يكون تقتيرا، العلماء المسلمون منذ البداية تحدثوا في هذه القضايا المالية وصنفوها في الفقه الذي يعرف بالفقه المالي، أي هناك فقه صلاة وصيام، وهناك فقه المال، فقه اكتسابه وفقه إنفاقه، وهذا الفقه المالي، فيه أن التبذير يرتبط غالبا بالكيفية أكثر مما هو مرتبط بالكمية. وهذا ماقاله الراغب الاصفهاني في كتابه “الذريعة” أي إن الذي يحدد كون هذا الشيء تبذيرا هو الجهة التي يصرف فيها، فأن يصرف الانسان درهماً واحداً في وجه من أوجه الفساد، فذلك مذموم ومحرم، وتبذير وإسراف، لأن هذا الوجه ليس مأذونا فيه أبدا. لو أعطى إنسان درهما في زنا، لكان تبذيرا وإسرافاً وشيئا يعاقب عليه الانسان.
لا خير في السرف ولا سرف في الخير
إذن فالكيفية هي التي حددت أن هذا إسراف، وفي المقابل إن الذي يعطي مثلا في سبيل الله أموالا كثيرة، لا يمكن أن يقال له في لحظة من اللحظات إنك قد أسرفت، لو أن إنسانا فعل مثل ما فعل أبو بكر الصديق ، لو أن هذا الانسان من أجل الجهاد أعطى ماله كله لما قيل له إنك مسرف. لماذا؟ لأن الوجه الذي أنفق فيه هو وجه خير، وليس الانفاق فيه في هذه الحالة بإسراف، حينما جاء أبو بكر ] رسول الله بماله كله وقال له : لقد تركت لهم الله ورسوله، بمعنى أنه لم يترك شيئا، لم يعقب عليه رسول الله لم يقل له أرجع بعض مالك فإنك قد أسرفت. لا، إنه قبل هذه الوضعية واستعد لها وتحملها فقبلت منه، وجاء عمر بشطر المال فقبلت منه لأن المقام مقام جهاد.
وإن كان في مقامات أخرى أوصى النبي الناس بأن لا يزيدوا على الثلث (…الثلث والثلث كثير) كما قال النبي لمن أراد أن يتبرع بماله، بشطر ماله، إلى أن قال له الثلث، قال له : (الثلث والثلث كثير. لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس). ولكن هذا موقف آخر.
إذن في موقف الجهاد وخدمة الاسلام لم يعترض النبي ولم يعتبر هذا العطاء الكثير إسرافا، لهذا حينما خوطب بعضهم في مثل هذا المقام وقيل له يا فلان لا تسرف، أو قيل له لا خير في السرف قال لهم : بل لا سرف في الخير.
وفي جانب التقتير غالبا ما يراعي الفقهاء جانب الكمية، بمعنى أنه حينما لا يعطي الانسان الكفاية يكون قد قتر ويكون قد ضيق، وصار بخيلا، فهنا ينظر إلى أصل آخر هو الكمية، في حين أنه في حال الإسراف ينظر إلى الكيفية، والطرفان ـ أي الاسراف والتقتيرـ كلاهما مذموم شرعا وغير محمود، وهو انحراف عن الجادة أو عن الوسط، ولكن الفقهاء مع ذلك كان يحلو لهم أن يفاضلوا بين المسرف والمقتر، فذهبت طائفة منهم إلى أنالمسرف، وإن كان فيه انحراف هو أفضل من المقتر، لأن المسرف منسوب إلى الجود، لأنه جواد كريم والجود فيه خير، ولأن المسرف يسهل عليه إذا نقص من عطائه أن يعود إلى حد الاعتدال، أما البخيل فيصعب عليه أن ينتقل من البخل إلى الاعتدال.
إذن الشريعة الاسلامية لها توجه نحو تحريك المال وترويجه وإنفاقه في حدود ما لا يصل إلى الإسراف، وفي حدود ما يرتفع عن التقتير.
د.مصطفى بنحمزة