مع كل موسم عبور للمهاجرين المغاربة إلى أرض الوطن تنشط حركة التنصير عبر الحدود ونقاط العبور بشكل يثير مجموعة من علامات الاستفهام عن هذه الحمى التي لا تدخر أي جهد في سبيل تحقيق أغراضها الخبيثة.
وأحببنا في عددنا الأخير لهذه السنة أن نخصص هذا الملف لهذه القضية الخطيرة عسانا نساهم في لفت أنظار الأمة حاكمين ومحكومين، وما وجدت أحسن ما أعبر به عن ذلك إلا هذه الكلمات من كتاب صيحة تحذير من دعاة التنصير للشيخ المرحوم محمد الغزالي ص 14 : يقول رحمه الله موجهاً كلامه إلى دعاة التنصير : … ما ذا تريدون ممن يعبد الله الواحد؟ تقولون : أُعْبُدْ معه يسوع ابنه الوحيد ثم ضم إلى يسوع الإله الثالث روح القدس..
إننا نعرف هذه القصة وننكرها، إن الله الواحد هو الخالق الرازق المحيي المميت، المدبر لكل شيء (ما أعانه أحد وهو يبدع السماوات والأرض) لأنه لا يحتاج إلى معين، إن ما عداه فقير إليه عان بين يديه!!
{قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هوا لغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون، قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون}(يونس : 68- 70).
سألت نفسي : ما وضع هذه الآلهة الأخرى مع الله؟ أهي كبطانة المغنى تردد ما يقول وحسب، إن البطانة مرتبة أخرى دون الأصل، وقد تُطرد ويجاء بغيرها إن هي أساءت الترجيع أو شذت عن النغم.
ما علاقتي أنا بأفراد هذا الثالوث؟ هل الأب خلق المخ، وخلق الابن الصدر، وخلق الروح القدس البطن والأطراف؟ أجبت : إن الحياة السارية في الكيان كله واحدة، لا تصدر إلا عن واحد يشرف عليها من ذؤابة الرأس إلى أخمص القدم، ويوزع عمل الأجهزة الرئيسة على أجزاء الجسم علوا وسفلا.
وأنا لهذا الاله الواحد أسجد، وأشكر، وأحيا في دنياي أستعد للقائه كي يجزيني على حسن معرفتي.
أنا ليست بيني وبين أحد الآلهة المزعومة خصومة شخصية، لو كان هناك إله آخر لعبدته {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} (الزخرف : 81) لكن ليس هناك خالق إلا الله، هو خالق الكل، وما عداه مخلوق له . {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذًا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون}(المؤمنون : 91- 92).
لكن هؤلاء الكهنة جهلة غاشون يبغضون محمدا لأنهم عميان لا يرون الحق ويبغضون أتباعه لأنهم متعاونون ضدهم من شياطين الإنس والجن.
وأعلم أن الناس من الأزل مختلفون، وكذلك خلقوا، ليكن {لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون}(يونس : 41). فما علة اجتماعكم عشرات ومئات كي ترسموا الخطط لقتلي، وتنتهزوا كبوة عرضت لي كيما تجهزوا علي.
…إنأوربا وأمريكا مع تقدمهما العلمي ما أحسنتا الصلة بالله، ولا اكترثتا باليوم الآخر، ولا احترمتا جنة ولا نارا، إنهم عباد (فانون) في متاع الدنيا وحدها، فهلا التفت الكهنة المؤتمرون إلى ما يسود مجتمعاتهم من مادية طاغية فقاوموها، هلا أصلحوا أنفسهم قبل أن يتجهوا إلينا بالإصلاح أعني بالإفساد.
ما أحسب غرائز السوء انطلقت في عصر انطلاقها في هذه الأيام النَّحِسَات الكارهة للوحي، الناقمة على مواريث السماء.. إن كهان أوربا وأمريكا يتعامون عن هذا الواقع الحافل بالنذر، ويكرسون أوقاتهم لشيء واحد، هو حرب محمد وأمته، حرب التوحيد الخالص، ونصرة عقيدة التثليث.
ونحو هذه الغاية يتسامحون مع الهنادك واليهود وكل ذي نِحْلَة شاردة، المهم هو القضاء على الاسلام وحده. والمؤتمر الأخير (يقصد أحد أشهر مؤتمرات التنصير في أمريكا) قوة جديدة لتشديد الغارة على الاسلام، ورسم لوسائل أنجع. وقد وقع الاشتباك في ساحات كثيرة، والأنباء التي تجيئني من القلب والأطراف، من وسط العالم الاسلامي وشرقه وغربه، تجعلني أأدرك ضراوة الهجوم.
من ألوم في هذه الأحداث المؤذنة بالويل والثبور؟ لا ألوم إلا قومي، فإن تخاذلهم وتقصيرهم من وراء هزائم شنيعة لحقت بنا في كل مكان< -انتهى-.