كم هي بشعة تلك الصور التي عرضتها القنوات الفضائية و الصحف الغربية والعالمية التي تظهر الأسرى والسجناء العراقيين و هم يتعرضون للتعذيب على أيدي جنود الاحتلال الأمريكي البريطاني في السجون العراقية.
إن اللسان ليعجز والقلم ليأبى والكلمات لتخونني كلما أردت وصف تلك الصور البشعة, أي وحشية تلك؟ وأي إجرام ذلك الذي يحدث في العراق؟ أسرى عزل داخل سجن أبو غريب، قد جردوا من ملابسهم وقيدت أيديهم وتركوا فريسة للكلابّ…
سجين عراقي يداه إلى الخلف وعيناه مغمضتان، وقد جرد من ملابسه، يجلسونه على الأرض، جلسة القرفصاء، يفرقون بين رجليه، ليأتي جندي ويضربه بعقب الرشاشة إلى ما بين فخذيه..
سجين آخر يلقى على الأرض وتقيد يداه إلى العمودين ويأتي جندي أمريكي يجلس فوق ظهره جلسة المزهو بالنصر ينظر إليه وهو واثق من نفسه ..
سجين يجرد من…… ويأتي جندي أمريكي….
سجين آخر يجرد من….. سجين آخر…….
أما الإغتصابـات الفردية والجماعية للعراقييـن والعراقيات فإني استحي أن أصفها.
صور التعذيب تهاجمني في ذاكرتي كلما حاولت تناسيها، إنها فوق البشاعة، وتتجاوز الإجرام.
من المعلوم أن هذه الأفعال والجرائم في حق الإنسانية كانت تقترف منذ دخول قوات الاحتلال إلى العراق، أثناء التحقيق مع أفراد النظام السابق ومع رجال المقاومة العراقية، واستمرت حتى الآن أي على ما يزيد عن السنة.
وكان ذلك في علم قادة الاحتلال الأمريكي البريطاني، بل لقد صورت تلك الجرائم بآلة التصوير و الكاميرا وقد احتفظ بتلك الصور، وهذا يعرف في علم الجنايات بسبق الإصرار والترصد.
والذي يبدو أن هذه الصور لم تسرب خلسة إلى وسائل الإعلام لتعرض أمام العالم، و إنما كان ذلك بإرادة القادة ولربما لهدف مقصود، فما هو سر اختيار التوقيت بالضبط لعرض هذه الصور أمام العالم؟ و ما الهدف من ذلك؟
الذي يبدو لي أنه بعد فشل القوات الأمريكية في اقتحام مدينة الفلوجة ودخولها فعادت منهزمة من أمام رجال المقاومة الأبطال الذين كبدوها خسائر فادحة. وكانت تقصد من قبل تأديب أهل الفلوجة وتنتقم من مقتل الأمريكيين الأربعة والتمثيل بجثتـهم في شوارع المدينة، حيث تكسرت كبرياء أمريكا ومرغت كرامتها في تراب الفلوجة واهتزت صورة أمريكا ونقصت هيبتها أمام العالم ، فأرادت الانتقام من العراقيين ورجال المقاومة بعرض صور تعذيب الأسرى العراقيين في السجون. وهي حرب نفسية بالأساس إذ أن انتصار المقاومة في الفلوجة رفع من معنويات المجاهدين خاصة والعراقيين والعرب عامة.
بالمقابل أفقدت الجنود الأمريكيين ثقتهم بنفسهم وبتفوقهم في العتاد والقوة، وأحدثت هزة في الرأي العام الأمريكي، وأصبح الحديث عن التورط الأمريكي، وعن فيتنام الثانية. فأرادت أمريكا بعرض هذه الصور إهانة العرب عامة والمقاومة في العراق خاصة، وكسر كبريائها والتأثير على نفوس المقاومين بعرض صور العراقيين وقد جردوا من ملابسهم، واغتصبوا لتقدمهم في صورة مهينة مذلة.
لكن شتان بين ما تقوم به أمريكا في العراق وبين أفعال المقاومة.
فالعراقيون قتلوا ومثلوا بالأمريكيين الأربعة ليس في أمريكا، وليس اعتداء، بل على أرض العراق ودفاعا عن أرضهم ووطنهم، وفي ساحة الحرب، فأولئك الأمريكان هم أفراد الحراسة الأمنية، بل هم من جودة الكمندوز الأمريكي في مجال الحراسة الأمنية.
أما ما يفعله الاحتلال الأمريكي البريطاني في سجون العراق فقمة الجبن، فهم يعذبون أسرى حرب قد جردوا من سلاحهم وملابسهم،وليس في ساحة الحرب وإنما داخل السجون أما أثناء المعارك فهم لا يستطيعون مغادرة دباباتهم ومدرعاتهم .
مع العلم أن اتفاقيات جنيف تجرم تلك الأفعال،وتعدها خرقا لحقوق الإنسان.