27 مليون شاب وشابة فاتهم قطار الزواج لأسباب مادية
أكدت الباحثة “جيهان محمود النمرسي” أن ظاهرة تأخر سن الزواج بين الشباب والفتيات باتت ظاهرة خطيرة جداً في المجتمع المصري، حيث بلغت نسبة العازفين عن الزواج أكثرمن 27 مليون شاب وفتاة، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و45عاما، وهو ما ينذر بكارثة أخلاقية كبيرة.
جاء هذا في مناقشتها مؤخرا لرسالة الدكتوراه من جامعة الأزهر بكلية الدراسات الإنسانية تحت عنوان : “اتجاهات الشباب نحو قضايا الزواج”.
وأكدت الباحثة أن الإحصاءات أوضحت أن هناك 9 ملايين شاب وفتاة بلغوا سن الزواج وتجاوزوا الـ35 عاما، منهم 3 ملايين و738 ألفا و407 من الإناث والباقي من الذكور بينما وصل عدد من هم أقل من 35 عاما ولم يتزوجوا أيضا 17 مليونا و274 ألفا و189 بينهم 9ملايين و217 ألفا و637 من الإناث والباقي من الذكور.
وأشارت الباحثة إلى أن رقم 27 مليونا هذا ليس الرقم الحقيقي، بل إن الرقم الحقيقي أكبر بكثير من ذلك، مما ينذر بكارثة محققة تؤدي إلى تفسخ المجتمع المصري بسبب التغيرات الجذرية الطارئة التي أحدثتها العولمة في المجتمعات العربية والإسلامية، فانتشرت اتجاهات غريبة تمسك بها الشباب بخصوص قضايا الزواج، منها الزواج العرفي والزواج السري والزواج غير المتكافئ، والعزوف عن الزواج.
وأوضحت الباحثة أن الإحصاءات تشير لارتفاع نسبة النساء عن الرجال في المجتمعات العربية. وكذلك ارتفاع نسبة العنوسة ونسبة الزواج غير الشرعي، بسبب الآثار السلبية للحروب والدمار، وبسبب إحجام كثير من الشباب المتوسط الدخل المادي عن الزواج تهربا من المسؤولية الزوجية ومتطلبات الحياة العصرية الفادحة، مما أدى لانتشار الدعارة وهبوط المرأة إلى وحل الرذيلة.
واستطردت الباحثة قائلة : وأمام كل هذا لا تجد الفتاة إلا الزواج يحفظ لها كرامتها وعفتها ويبعدها عن شبح الفقر وينتشلها من براثن الرذيلة، لكنها تصطدم بواقع أليم سيئ مفاده أن غالبية الشباب المعاصر في المجتمعات العربية يحجم عن الزواج لعدم قدرته على تحمل واجبات وتبعات الزواج المادية فيكتفي بالانغماس في أرجاس الرذيلة والزنا وهو ما لا يكلفه كثيرا”.
وأشارت “جيهان النمرسي” إلى أن وراء تنامي هذه الظاهرة تشبث الآباء والأمهات في عصرنا الحاضر بمطالب مادية باهظة من سيارات وملابس وأثاث وتجهيزات في الشقة وشبكة ومؤخر صداق ومهر وغيره كثير، مما يزيد في استمرار عزوبة النساء وانتشار العوانس والعزاب في الريف والحضر على حد سواء، ويؤدي هذا إلى إفساد الحياة الاجتماعية وإصابة الشباب بالأمراض والصدمات النفسية والعصبية في عصر تسوده مطامع المادة ومتاع الحياة الفانية.
وترجع الباحثة حدوث هذا التغيير إلى مقتضيات العصر الحديث بما فيه من تطور وتقدم في جميع نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، ليصبح التعليم واستكمال الفتاة لتعليمها سببا لرفضها الارتباط أو الزواج، رغم أنها تكون جاهزة في العشرين من عمرها ومستعدة للزواج، وفي نفس الوقت لا يستعد زميلها ولا يكون جاهزا للزواج قبل الـ30 أو أكثر ليستطيع الالتزام بمقتضيات الزواج.
كما ترجع أسباب انتشار الظاهرة إلى ضعف الوازع الديني عند الشباب العصري ومغالاة الأهل في المهور وتكاليف الزواج الباهظة والخوف من تحمل المسؤولية المادية والقانونية، فيشبع احتياجاته النفسية والفسيولوجية بورقة زواج عرفي بلا أي تكلفة مادية أو مسؤولية اجتماعية.
وأوضحت الباحثة أنه في ظل هذه العقبات والأزمات ارتفع سن زواج البنات والأولاد، فبعد أن كانت الفتاة تتزوج قبل العشرين بقليل بدأت تتزوج بعد الـ25 وبدأ الشاب يتزوج بعد الـ35 بعد أن كان يتزوج في سن الـ25 وهو ما أدى إلى تغيير اتجاهات وقيم الشباب لتختلف القيم عن الماضي.
وأشارت الباحثة إلى أن العينة التي شملتها الدراسة بلغ عددها 1050 طالبا وطالبة من جامعة الأزهر وجامعة عين شمس وجاعة حلوان والجامعة الأمريكية وجامعة السادس من أكتوبر؛ بهدف التعرف على مدى ارتباط اتجاهات الشباب بقيم المجتمع وتوافقهم معه، وقد اتفق شباب العينة على أن المجتمع صاحب اليد الأولى والمسؤول الأساسي في انتشار الظاهرة واستفحالها بين الشباب.
وأضافت أن ما دفعها للبحث في هذا الموضوع ما طرأ على المجتمع المصري خلال العقود الأخيرة من وجود تغيرات جدرية، أدت إلى تغيير اتجاهات الشباب نحو قيم ومبادئ اجتماعية غير سوية، مما ينذر بخطر شديد، إذ بدأ الشباب يتقبل أفكارا واتجهات سلبية، نتيجة الضغوط الاقتصادية والعالمية والاجتماعية والثقافية المحيطة بهم.
< آفاق عربية