التقيت بهذا الرجل العظيم منذ أربع سنوات بالكويت فوجدت نفسي أمام رجل فريد ذكرني في الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي وفي عمر المختار وأمثال هؤلاء الذين كانوا حريصين على الموت والشهادة في سبيل الله حرص عُبَّاد العِجْل وأمثالهم وأشياعهم وأزواجهم (أنصارهم) على حياة أي حياة!!!.
سأله مراسل “الجزيرة” عن موقفه من الوعيد الصهيوني لاغتياله فأجابه: إنهم يخوفوننا من الموت والقتل ونحن ما تحركنا لمقاومة الاحتلال الصهيوني إلا ونحن أشد شوقا إلى الموت والشهادة في سبيل الله، وستظل مواكب الشهداء متتابعة حتى يحقق الله لنا النصر بفضله وقدرته.
والأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي كان يجيبنا عن تساؤلنا مواجهته للقوات الاستعمارية وضراوة أسلحتها الفتاكة والمجاهدون لا يملكون إلا أسلحة قليلة وضعيفة ولا سيما في أوائل الحركة- كان يقول : “كنا نخرج إلى المعارك ونحن على يقين بأن الشهادة أقرب إلينا من أنفسنا لأنفسنا، وما كنا نهاب الموت بل ما كنا نختبئ من القنابل والرصاص الذي كان يتساقط علينا تساقط المطر .. وها نحن عشنا والحمد لله واستأنفنا النضال ضدا على الاستعمار”.
إن الأمم الحية والشعوب الجديرة بالبقاء والارتقاء والحرية والانعتاق هي التي تطبق قول الخليفة أبي بكر : “احرص على الموت توهب لك الحياة” والشيخ أحمد ياسين وإخوانه الأبطال هم من هذا الصنف، وقد أقدموا على ما أقدموا عليه إيمانا بالمبدأ واستماتة للدفاع عن مقدسات المسلمين وعن القبلة الأولى للمسلمين.
إن استشهاد أحمد ياسين شهادة صادقة على أن الشعب الفلسطيني شعب عظيم لا يقل عن الشعب الشيشاني الذي عانى أكثر مما عانى الشعب الفلسطيني ومع ذلك فهو باق ثابت حتى أن بعضهم تساءل عن أصل هذا الشعب وهل هو من غير جنس البشر لصموده العظيم خلال قرون في وجه الإبادة القيصرية والشيوعية والبوتينية .. وكذلك الشعب الفلسطيني فإنه بأمثال أحمد ياسين وأصحابه الكرام يقدم نفسه إلى العالم أنه شعب جدير بالحرية والاستقلال وبحكم نفسه بنفسه …
لقد حقق شارون أغلى أمنية للشيخ أحمد ياسين وهي الشهادة، الجواز الضامن للجنة بفضل الله وكرمه ومنِّه.
أما شارون ومشايعوه فقد أبانوا عن خستهم وجبنهم وتفاهتهم وانحطاطهم باغتيالهم رجلا مشلولا شللا تاما لا يتحرك فيه إلا لسانه، ولكنه لم ولن يستطيع أن يغتال القضية الفلسطينية التي يتآمر عليها بعض بني جلدتنا، بل إن اغتيال هذا الرجل بوّأه مقاما عليا في التاريخ المعاصر وجعله في الصف الأول من عظماء هذا العصر..
إن شهادة الشيخ أحمد ياسين حياة لفلسطين بل ترسيخ وتقوية لخطه ومنهجه وتوسيع لدائرة الشهداء وتحريض عظيم على الموت في سبيل الله وفي سبيل تحرير فلسطين.
رحم الله شهيدنا العظيم الذي خدم قضية فلسطين حياوخدمها أكثر شهيدا و {إنا لله وإنا إليه راجعون}.