أحيــاء عند ربهم يــرزقــون نعم سيدي : اغتالك الكفرة الفجرة اغتالك أبناء القردة والخنازير اغتالك شُذَّاذُ الآفاق اغتالك لقطاء الأرض والنسل وأرادوا باغتيالك وقف مسيرة الجهاد يقول تعالى : .{يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}(سورة التوبة} ظنا منهم أن دعوة الله مرتبطة بالأشخاص ولقد خسئوا فان دعوة الله مرتبطة بخالق الوجود سبحانه حيث يقول : { فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين}(سورة الأنعام) والواقع سيبين لهم بأن شخصية احمد ياسين في أعماق كل مؤمن صادق أينما كان في فلسطين أو في غير فلسطين والكل يعاهد الله على أنه سيثأر له ولكل شهيد أينما كان في فلسطين أو في العراق أو في أفغانستان أو في كاشمير أو في أي ارض من ارض الإسلام وقد حان الوقت لتعلم الأمة ما لها وما عليها وليعلم أعداؤها أنها لا زالت حية وستبقى حية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلا يخيفها تهديد ولا يثنيها عن عزمها وعيد ولا يقف في طريقها استشهاد شهيد يقول تعالى : {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} .
ماذا اعد الله للمجاهدين؟
نعم يا سيدي اغتالوك وهم لبلادتهم وطمس بصيرتهم يظنون أنهم أساءوا إليك من غير أن يعلموا بأنها كانت أغلى أمنياتك -و أنى لهم أن يفهموا ذلك- و أمنية كل مؤمن صادق شعار الجميع الله غايتنا ورسول الله قدوتنا والموت في سبيل الله أغلى أمانينا
كما يجهلون أو يتجاهلون قول الرسول الحبيب في ما أعده الله للشهداء يقول : >لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا يا ليث إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا ليلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا على الحرب فقال الله أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآية : .{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله …}(سورة آل عمران).
ألم يعلموا يا سيدي بأن اغتيالك شهادة والشهادة في سبيل الله اصطفاء واختيار فمن أحبه الله أكرمه بالشهادة في سبيله وهل هناك ما هو أكرم مما قاله تعالى ومما يقوله الحبيب المصطفى في قوله : ” للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ( دفقة دم ) ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه ” رواه الترمذي.
إذًا ما قيمة الدنيا -التي غادرتها - وما فيها أمام هذا الكرم الذي أعده لك مولاك -وأرجوه أن يكون كذلك - أعد لك جنة عرضها السماوات والأرض جنة عالية قطوفها دانية فيها ما تشتهيه الأنفس وتلد الأعين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
الشــــوق إلى الأحبـــــاب
ولا أظنك يا سيدي إلا أنك كنت في اشتياق كبير إلى لقاء الأحبة محمد وصحبه ويحيى عياش وفتحي الشقاق ويوسف محمد عقل ومحمد قنديل وحسن البنا وسيد قطب وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي وأطفال الحجارة وغيرهم مما لا يعد ولا يحصى من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين .
فهنيئا لك يا سيدي بلقاء إخوانك المؤمنين الذين طالما اجتهدت في الدعاء لهم بالأسحار يقول تعالى : .{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}(سورة الحشر) جمعك الله بهم في عالم لا ظلم فيه ولا اعتداء لا غدر فيه ولا خيانة ولا مخططات صهيونية ولا مؤامرات صليبية ولا مناورات شيوعية، عالم فيه حاكم واحد عادل لا يظلم مثقال ذرة بل كل نفس بما كسبت رهينة.
نعم يا سيديذهبت إلى عالم الحق وتركت هذا العالم المليء بالجور والظلم والحسد والحقد والاستبداد والاستعباد لشارون وبوش ومن على شاكلتهم -ولن يلبثوا بعدك إلا قليلا- ينعمون بالحياة، والله لن يجدوا لها طعما ولن يجدوا لها مذاقا مادامت أرواحهم في أجسادهم وعما قريب سيلتحقون بموكبهم الذي ينتظرهم بفارغ الصبر: فرعون وهامان وقارون وأبو جهل وأبو لهب وأمية بن خلف وغيرهم من جبابرة الأرض، فينادي جبار الأرض والسماوات ويقول :
.{وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}.
ولا سيما أن قائد الجبابرة إلى النار فرعون وبئس القرار .
الرغبـــــة في الشهـــــادة
ألم تكن سيدي تسعى إلى هذه النهاية وترغب فيها وقد حقق الله رجاءك ؟ ألم تجعل حياتك كلها رهن إشارة سيدك ومولاك ؟ فلم تؤثر فيك المساومات ولم تغرك المغريات ولم تقف في وجهك التهديدات تحقيقا لرضى سيدك ألم تقل :
“إن الذي يريد حرية ووطنا وعزة وكرامة عليه دفع الثمن ؟ ” ألم تقل : “إننا أقوى شعوب الأرض وقد أثبث شعبنا استعداده للتضحية؟” ألم تقل نحن ثوا بتنا واضحة ولا نخجل من سلوكنا وتحركاتنا ولسنا منهزمين ولا نسلم حقوقنا وليفهم المهرولون وراء السراب ما أرادوا ؟ ألم تقل يا سيدي نحن نقف أمام أمريكا وغيرها كند وليس كعملاء و خدم .
أتقول هذا يا سيدي لفرعون القرن الذي اتخذ نفسه إلها في الأرض لا يسأل عما يفعل، يقسم العالم كيف شاء ويضرب من شاء ومتى شاء بالرغم من أنه ذيل من ذيول شارون لا يتحرك إلا بإذنه وبمؤامراته.
ولقد قلت يا سيدي ذلك وأنت حبيس كرسي مقعد لأنك معتز بالله لا ترى العزة إلا به وغيرك من الملإ وتجار الدنيا يبتغون العزة عند غيره. لذا ليس في طاقتهم أن يتفوهوا بمثلها ولا بأقل منها بالرغم من الجيوش والمدافع والمدرعات المطوقين بها . ألم يكن عندك يا سيدي اليقين أن النصر قادم لا محالة وأن الاحتلال سينهار عاجلا أم آجلا وتضربه بصفعة قائلا له : ” أنت مهزوم و ستلفظك الأيام ولا مكان لك على أرضنا ولا أظن إلا أنك تقصد فلسطين كل فلسطين يظهر ذلك في توجيهك لأبنائك : ” يا أبناء حماس بارك الله في سواعدكم وثبت الله قلوبنا وقلوبكم على الحق ونسأل الله الشهادة لنا جميعا في سبيله والمستقبل لنا والصبر هو العلاج”.
الصبــــــر هو العـــــــلاج
نعم الصبر هو العلاج لكل الأدواء إذا كان لله وبالله، وهو يدخل في كل مجال. وأنت يا سيدي وفقك الله إلى الصبر فقد صبرت نفسك على تكوين جيل من الرجال فألفت قلوبهم حولك فرأوا فيك رمز التضحية والفداء وأنت على كرسيك لا تملك لهم إلا ذلك القلب الكبير المملوء بحب الله وبحب من يحبهم الله وتلك الكلمات الصادقة التي تقولها فيتزلزل قلب أعدائك وينشرح قلب أحبائك لما تملكه من نور الحق وحلاوة الصدق. صبرت يا سيدي على مؤامرة أعدائك اليهود ومن لف لفهم في الداخل والخارج فلم ينالوا من عزيمتك ولم يثنوك عن طريقك بالرغم من مكرهم الگبَّار وكأني بك تتمثل قول الحبيب المصطفى لعمه أبي طالب : >والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه<
وبذلك يا سيدي بوءك الله مكاناً عليا في الدنيا، وتربعت على عرش قلوب الصادقين من أبناء هذه الأمة، كما أفرغت قلبك من خوف كل مخلوق وملأته بخوف الله فخوف الله منك كل شيء وقلت لأمريكا التي ترعب العالم وكان في إمكانها أن تسمع نصيحتك لو ناديت حيا : “يا أمريكا إن القوة لا تدوم لأحد وستزول عنكم فعودوا إلى الجادة وأنصفوا العالم وأنتم في مركز القوة ومعركتكم ضد الإسلام خاسرة و اقرأوا التاريخ” .
نعم سيدي صبرت على الطريق بالرغم من عقباته وصبرت في كل ميدان بالرغم من ضعف البدن وثقل الأمانة وتكاليف الرسالة حتى بلغت إلى مبتغاك وأصبح كل مؤمن يتمنى أن ينال شهادة مثل شهادتك بعد صلاة الفجر وفي الفترة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ليشهدوا لك يوم لقاء الله بالفوز والفلاح ويشهدوا على أعدائك بنكال الدنيا وعذاب الآخرة.
علما أنه لا جدال في أن الاستشهاد هو قمة الجهاد وأن الشهادة في سبيل الله هي تاج العبادة لما تشتمل عليه من التضحية بالروح والجود بالنفس وهي أقصى غاية الجود لأن مهر الجنة يتطلب ذلك يقول تعالى : .{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}(سورة التوبة ) ويقول الحبيب المصطفى : >ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة<.
هكذا سيدي سمعت الترغيب فاستجبت واجتهدت وسمعت الترهيب فامتثلت وابتعدت كرست حياتك للدعوة إلى الله والجهاد في سبيله حتى فزت ورب الكعبة.
وهنا أقف وأقول لشارون وزبانيته شلت يداكم يا أعداء الله وأردد قول سعيد بن جبير : “اللهم لا تسلط شارون الملعون على أحد بعد الشهيد أحمد ياسين”.
الــوداع
سيدي قبل وداعك أستسمح الشاعر سمير عطية لأنقل أبياتاً من شعره التي قالها في الشهيدين إبراهيم ريان وعبد الله شعبان لأن المناسبة واحدة
الغيــــث دفــــاتر أشعــــاري
وكتبـــت رثـائـــك بالنــــــاري
ووقفـــــــت أودع أغنيــــتي
لأعــانق وجهــك في الــــداري
هـــل أنت لقــــــدس روعتـها
وبـــــريق فـــــي ليــــل ساري
أم أنــــت شـــــواظ يتلظــــــى
يحـــــــرق ألــــويت الكفــــــــار