الإمام الأوزاعي
وحقوق الإنسان
إن الإسلام لـم يأذن لأهله بالتخريب والتدمير، مهما كانت الظروف ولم يسمح بإخراج الناس من ديارهم وتهجيرهم وإبعادهم عن أوطانهم، وإليك أخي المسلم هذا المشهد من مواقفنا يبين لك مبادئنا وروح رسالتنا، ويظهر لك من خلاله وحشية عصرنا وسَبُعِيَّته.
ثار بعض سكان لبنان على عاملها علي بن عبد الله بن عباس، فحاربهم وانتصر عليهم، ورأى من الحكمة أن يفرقهم ويجلي فريقا منهم عن ديارهم إلى أماكن أخرى، فما كان من الإمام الأوزاعي إمام الشام، إلا أن كتب إلى والي لبنان ينكر عليه ما فعل، من إجلاء بعض اللبنانيين عن قراهم، ومعاقبته من لم يشترك في الثورة كمن اشترك فيها، وكان مما كتب إليه في ذلك : “وقد كان من إجلاء أهل الذمة- يعني النصارى- في جبل لبنان ممن لم يكن ممالئا لمن خرج، فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة حتى يخرجوا من ديارهم وأموالهم، وحكم الله تعالى : {أن لاتزر وازرة وزر أخرى} وهو أحق ما وقف عنده واقتدي به، وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله فإنه قال : >من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة< فما كان من الوالي إلا أن ردهم إلى قراهم معززين مكرمين.
هذا الذي وقع في عصر التابعين ولو وقعت هذه الثورة في عصر حقوق الإنسان،وتمكن الحاكم من رقاب الثائرين،وانتصر عليهم،لفعل بهم من التنكيل والعذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلوب العامة من الناس، ولكنها حقوق الإنسان التي أقرها القرآن منعت من الظلم والبطش والعدوان.