الصورة الأولى : استغلال الأطفال الرضع
كنت في مخدع هاتفي، وإذا بامرأة تسألني :
- الصرف؟
جاءت العاملة بالمخدع، وقالت بعد أن عدت القطع النقدية عدًّا :
- ثمانون درهما فقط هذا اليوم؟
أجابت المرأة :
لم أعمل اليوم سوى ساعتين عند الزوال
فتدخل شخص آخر، يبدو أنه سائق سيارة أجرة :
- أين الطفل؟ بكم تستأجرينه من أمه؟
- بخمسة وعشرين درهما لليوم.
- سأشي بك… قيمة استئجار طفل في المحطة خمسون درهما، أما ذلك الثمن، ففي الأماكن الأخرى القليلة الرواج.
تساءلت : استئجار طفل بطريقة محددة؟!
فأجابت عاملة المخدع الهاتفي :
- كل يوم تصرف عندي على الأقل ثلاثمائة درهم
للتذكير، فالمرأة تحترف التسول!
نعم التسول الذي طال براءة أطفالنا، بثمن بخس، ونحن نعول الكثير على أطفالنا، رجال الغد!
التسول الذي أصبح شيئا مألوفا في محطاتنا وأسواقنا وشوارعنا، بل حتى عند أبواب بيوت الله، وأبواب الأبناك ومقرات البريد!
فهل من حل لهذه الظاهرة؟!
الصورة الثانية : شتان ما بين الدمع… والدمع!
جاءتني تبكي بكاء هستيريا، وقد استبد بها الحزن… غمغمت :
ـ قتلت الفنانة التي كنت أحبها إلى حد الجنون!
واستغربتْ حين لم أشاركها البكاء…
آه أخية، لو تعلمين أن الدموع قد تحجرت في مآقي؛ وأن قلبي ينزف دمعا ودما أحر من الجمر، ينساب بداخلي، فأحترق في صمت… وجراح أمتي تنزف… والشهداء يسقطون كل لحظة في فلسطين، وفي العراق، وصرخات الأطفال والثكالى والشيوخ تزلزلني… فأنى للأغنيات الحالمات من تضميد جراحي النازفة؟! وأنى للبطون المهتزة و”الكليبات” المصورة في جزر نائية بين سحب الخيال من رعشة جسدي السقيم المحموم؟!
فإن كنت معزية لك، فتعازي الحارة لأمتي إلى أن تلتئم جراحاتنا.
> نبيلة عزوزي