غداة الأحداث الدرامية التي عاشتها أمريكا عقب الانفجارات التي هزت مدينة نيويورك والتي خلفت جملة من التداعيات الخطيرة جدا على مسار الصحوة الإسلامية، وعلى توسع رقعة التدين عبر جميع القارات، شد الكثير من القابضين على جمر الدعوة، على قلوبهم، قلقا على مسار هذا الدين . وتواترت مجموعة من الكتابات المتشائمة التي بدأت تنظر لما يسمى بانحسار الدعوة و أفول نجم الإٌسلام . وأثناء ذلك عملت مجموعات خفافيش الظلام التي استفادت إلى أبعد الحدود من هذا الحدث على تصفية حساباتها التي لا تحصى مع الإسلام والمسلمين،على جميع الواجهات وعلى رأسها الواجهة الإعلامية لتسديد أكبر عدد من الطعنات إلى الظهر الإسلامي وفي أقل زمن ممكن مخافة انقلاب السحر على الساحر وافتضاح الأيادي والأدمغة الإجرامية التي كانت خلف تفجيرات نيويورك، هذه التفجيرات التي صدرت في فضح مرتكبيها كتب غربية رصينة عرت المستور ونفت التهمة عن المسلمين .
وفي الوقت الذي تعددت فيه الأساليب الشيطانية لوضع المسلمين في قفص الاتهام، وسحب هذا النصر والمعية الربانية المرافقة لهم في طريق العودة بالإسلام إلى عهوده الزاهرة، بالتضييق على المسلمين، الفاعلين منهم والقاعدين، وبتأليب الأنظمة المحلية عليهم وانتزاعهم من حضن أسرهم وبالزج بهم في السجون وقطع أرزاقهم، وتشريد أبنائهم وبإحالتهم إلى جرب خبيث معدي بين أهلهم ومعارفهم، حتى ليحسب المرء أن الزمن ارتد به إلى جغرافية غير الجغرافية الإسلامية، وأنه يحيى في مجتمعات الشيوعية الستالينية ! وحوصرت جمعيات العون والإغاثة والإحسان التي كانت من حيث لم تشأ، تشتغل صماما لثورات الجماهير العربية الإسلامية، ضد أنظمتها القمعية المستبدة، نقول في الوقت الذي تفتقت فيه مخيلة القوى الشيطانية التي لا داعي لذكر هويتها ” المعروفة سلفا ” عن كل هذه المشاريع الضخمة لإجهاض المشروع الإسلامي تحت ذريعة محاربة الإرهاب،كانت العناية الربانية الحكيمة في مواقع الابتلاء،تجري السنن الكونية، تلك التي قال فيها سبحانه في سورة البقرة ” آية 212″ : {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}، سنن التصفية من أجل التحلية، سنن الرحمان الرحيم الذي جعل في طي هذا الابتلاء دفعة جبارة للإسلام، وأين ؟ في ديار الغرب ديار المغضوب عليهم والضالين، حيث بعد تفجيرات برجي التجارة العالمية بنيويورك وموازاة مع الحرب النفسية والجسدية والروحية التي حلت بالمسلمين تداعى الغربيون أفواجا إلى موائد الرحمان ليغرفوا من أطايبها، وهكذا سمعنا والحمد لله عن آلاف النسخ التي بيعت من القرآن المجيد وأين ؟ في عقر بلد انطلاق الهجمة الصليبيةعلى الإسلام كما وصفها “بوش” نفسه!!، ولم تستطع البلاغات والنقاشات والندوات والموائد المستديرة والضيوف الكبار من مفكري الغرب الذين أسهب الكثير منهم في إذكاء المزيد من الحملات ضد المسلمين، إلا أن تزيد الشعوب الغربية رغبة في معرفة هذا الدين الذي زعزع الساسة والمفكرين وقذف في قلوبهم الرعب إلى هذا الحد!! . وبذلك تنتصر السنن الربانية الكونية القاضية بأن يحيق المكر السيئ بأهله، وهو أمر الله سبحانه وتعالى الذي سيتنزل بإذنه لا في فرنسا بخصوص الحجاب، بل في كل أصقاع العالم، بدءا بأوربا، وعلينا فقط كما أوصانا بذلك سبحانه أن لا نستعجل ..
إن الحجاب في حد ذاته هو أحد أكبر الطفرات التي نقلت المرأة من المجاهل البدائية بالكهوف حيث كان العري هو الأصل، إلى التمدن والتحضر، حيث الستر واللباس المواري للعورة، كما قال سبحانه . وقد أعاد الإمبرياليون الاقتصاديون باسم الموضة وتحرر المرأة إلى البدائية فقادوها إلى الاغتصاب من طرف البدائيين الهمج من أكلة لحوم البشر،وإلى العنوسة والوحدة بعد انطفاء جاذبية الجسد وحلول أرذل العمر، وسيعيدها سبحانه بمقتضى السنن الكونية التي تقع على الباطل فتمحقه إلى النور،ومن زمن وأدها على أيدي مختزلي وجودها إلى كتلة من لحم، مثقفة، ربما،ذكية لما لا، متمكنة في مراكز صنع القرار، بلا شك، لكنها غير كريمة ولا مصونة ولا سعيدة..
فلا نبتئس بما يصنعون ولا نحزن فإننا بأعينه سبحانه، فقط لا يأتي النصر من التمني بل بالتحلي وإنما تؤخذ الدنيا غلابا، والمسؤولية في هذه النازلة عظيمة .
لقد انتشر الإسلام كما قال الكاتب الغربي الكبير” ألكسيس كاريل” والذي دافع عن الرسول والرسالة المحمدية بشكل مذهل لا بحد السيف كما قال بل بحد الفعل ولو انتشر الإسلام بحد السيف لما وجد الإسبان في هجمتهم الصليبية على المسلمين بالأندلس لإستئصالهمتلك الأمواج الكبيرة من البشر الذين دخلوا الدين الإسلامي وفي هذا السياق قال أبو السلام الحديث ” المهاتما غاندي ” : “كلما أدرس أكثر، أكتشف أن قوة الإسلام لاتكمن في السيف..”.
وبالتالي فإن قوله سبحانه وتعالى : {ولاتحسبن الله مخلف وعده رسله}، يؤثث بالتأكيد للنصر الآتي، ويكفينا فقط والحملة الضارية متواصلة على الإسلام وعلى الحجاب هذه الأيام، أن نحمل أمانة الدود عنهما، كل من موقعه، بدءا بتنقية الذات من الذنوب والمعاصي التي تعيق الشروط الربانية للنصر، ويكفينا لنشمر عن ساعد العمل، قوله سبحانه وتعالى {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون} صدق الله العظيم، وخسر هنالك المبطلون.