لا أقسم بهذا البلد، وأنت حل بهذا البلد، ووالد وما ولد، لقد خلقنا الإنسان في كبد، أيحسب أن لن يقدر عليه أحد، يقول أهلكت مالا لبدا، أيحسب أن لم يره أحد، ألم نجعل له عينين، ولسانا وشفتين، وهديناه النجدين، فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة، أو مسكينا ذا متربة، ثم كان من الذين أمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، أولئك أصحاب الميمنة، والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة، عليهم نار موصدة.
س: في بداية هذه السورة أقسم الله سبحانه بالبلد، فما هو البلد المقسم به؟ ولماذا؟
ج: البلد الذي أقسم به الله سبحانه في هذه السورة هو بلد مكة المكرمة تعظيما وتشريفا لها.
س: وضمير”أنت” في قوله تعالى {وأنت حل بهذا البلد} على من يعود؟
ج:”أنت” ضمير موجه للرسول صلى الله عليه وسلم، أي أقسم ببلد مكة وأنت يا محمد موجود في هذا البلد.
س: وما المقصود بقوله تعالى: {ووالد وما ولد}؟
ج: أي أقسم بكل والد وكل مولود من المخلوقات، وقد يكون المقصود الوالد الأول وهو أبونا آدم عليه السلام، وما ولد أي ما خلف من ذرية إلى يوم القيامة، وفيه تذكير للناس بقدرة الله على خلق الوالد والمولود باستمرار.
س: على ماذا أقسم الله سبحانه في هذه السورة؟
ج: أقسم سبحانه على أنه خلق الإنسان في مكابدة، أي معاناة للشدائد والمتاعب ابتلاء وامتحانا له في الدنيا.
س: من هذا المغرور الذي يحسب أن لن يقدر عليه أحد؟
ج: إنه الإنسان الكافر الفاجر، يظن أنه قوي لا يغلبه أحد، وينسى أن الله الذي خلقه هو أقوى منه وأشد.
س: ومن هذا المفتخر بأنه أهلك مالا لبدا، ويحسب أن لم يره أحد؟
ج: إنه الإنسان الكافر الفاجر، يفتخر بأنه أنفق مالا كثيرا فيما يهواه من المعاصي والذنوب، ويظن أن لا أحد يتتبعه ويحاسبه على أقواله وأفعاله.
س: وما المقصود بقوله تعالى: {ألم نجعل له عينين، ولسانا وشفتين}؟
ج: إنه سؤال استنكاري موجه للإنسان، ألا يذكر الإنسان أن الله خلقه وجعل له عينين يبصر بهما، ولسانا وشفتين للنطق وللكلام وهذا جزء من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى لكثرتها على الإنسان.
س: وما المقصود بقوله تعالى: {وهديناه النجدين}؟
ج: النجدين: الطريقين، طريق الخير والإيمان والصلاح، وطريق الشر والكفر والفساد وهما طريقان أمام الإنسان يختار بينهما، أيهما يفضل أن يسير فيه.
س: وما المقصود بقوله تعالى: {فلا اقتحم العقبة}؟
ج: المقصود فهلا اختار الطريق الصعب، لماذا لا يختار طريق الخير والإيمان والصلاح رغم صعوبة تكاليفه لأن النفس تنظر إلى التكاليف نظرها إلى العقبة، يصعب عليها صعودها.
س: وهل ذكرت أمثلة لصعوبة التكاليف المشار إليها بالعقبة؟
ج: نعم ذكرت أمثلة ومنها: “فك رقبة” أي تحرير عبد من عبوديته أو أسير من أسره، وإطعام الفقراء والمساكين أيام المجاعة والشدائد، خصوصا إذا كانوا يتامى وضعفاء أو عجزة أو معوقين.
س: وماذا بعد ذلك؟
ج: على من يفك الرقاب ويطعم اليتامى والفقراء أن يكون مؤمنا بالله ورسوله، مسلما قولا وفعلا، يتواصى مع غيره من المسلمين على الصبر على فعل الأوامر وترك النواهي، ويتواصى معهم على التراحم والتسامح لكي يكون من أصحاب الميمنة، أي الذين يأخذون كتب أعمالهم يوم القيامة بيمينهم ويدخلون الجنة.
س: ومن هم أصحاب المشأمة؟
ج: هم أصحاب الشر والشؤم والنحس، الذين لا يؤمنون بالله ولا برسوله، ولا يطبقون أوامر هما، الذين سيأخذون كتب أعمالهم يوم القيامة بشمالهم أو وراء ظهورهم، ويدخلون جهنم فتبقى مغلقة أبوابها عليهم. وهذا معنى قوله تعالى :{عليهم نار موصدة}.
س: وهل تذكر دعاء في هذا المجال؟
ج: يستحسن أن ندعو الله فنقول: “اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل”.
” اللهم أدخلنا الجنة برحمتك وأجرنا من النار بعفوك”.