في الكويت رجال عظام نذروا أنفسهم لخدمة الإسلام و المسلمين بأساليب عملية سلوكية منطلقة من المحبة و الرحمة والتضامن والتكافل قياما بحقوق الأخوة والجوار، وذلك من خلال إنشاء المستشفيات وتأسيس المدارس ومعاهد التكوين المهني المتوسط وكفالة الأيتام ومشاريع فلاحية وحملات صحية لعلاج بعض الأمراض المنتشرة، وذلك بالدواء أو العمليات الجراحية وغير ذلك من الخدمات التي تضطلع بها ما أصبح يعرف بالمؤسسات المدنية، ومن أبرز رجالات الكويت في هذا الميدان: الدكتور عبد الرحمان السميط الذي أسس مع رجالات آخرين لجنة مسلمي إفريقيا التي أصبحت اليوم جمعية “العون المباشر”، وهذه الجمعية إذا صنفت في إفريقيا ضمن الجمعيات والمؤسسات الكنسية التي تعمل في حقول متنوعة ومتعددة لاحتلت الصدارة بما حققته من نتائج باهرة وإنجازات عظيمة، ولو كانت الدول الإسلامية ولا سيما العربية تدري المكتسبات الكبيرة التي تجنيها من نشاط هذه الجمعية لساندتها بجميع الوسائل المتاحة وبطرق حكيمة ورشيدة، ولكن هذه الدول مخذولة وغائبة في إفريقيا تتقن تضييع الفرص الكثيرة فيها، بل ربما تفقد كثيرا من مواقعها فيها …
والرجل يسير هذه المؤسسة تسييرا حازما وبصرامة ويطوف بنفسه على المشروعات منذ البداية إلى النهاية وخلال التسيير، ويحاسب على الشاذة والفاذة ويحرص كل الحرص ألا يضيع قرش واحد في غير محله، ويختار أعوانه اختيارا دقيقا ويحاسبهم حسابا عسيرا وأقربهم إلى قلبه من حقق خير النتائج وأبعدهم منه الكسالى والغشاشون. وتكاد هذه الظاهرة المرضية تختفي والحمد لله في هذه الجمعية بل ربما تكون قد اختفت للتوفيق في الاختيار ابتداء.
ومن أسرار نجاحه ربطه علاقات حميمة مع الحاكمين على اختلاف أديانهم ومللهم ونحلهم ووضوح نشاطه وبعده عما يثير الشبه والحساسيات والنعرات وبساطة الخطاب ونعومته وإشراقه وتجنبه الاستفزازات والتحديات المثيرة لردود أفعال سيئة.
وقد وجدت الجمعية من دولة الكويت ومجتمعه ومن جهات متعددة في الخليج دعما ماديا ومعنويا لما يشاهدونه من إنجازات مباركة ومشاريع اجتماعية وتربوية ملموسة ومتناسبة ومستمرة بأساليب حكيمة.
إن حديثي عن هذه الجمعية هو حديث عن المؤسس نفسه الدكتور عبد الرحمان السميط الذي تناقلت الأخبار تعرضه لحادث سير بالعراق وهو يقوم بجهوده المعروفة بإغاثة الشعب العراقي، وقد رأيت صورته وهو على سرير بالمستشفى فما كان مني إلا أن توجهت إلى الله أن يحفظه لنا وللمسلمين ولإفريقيا وللعرب، فهذا الرجل وأمثاله المجاهدون في الله حق جهاده يستحقون منا الدعاء والمساندة ليل نهار لأنهم ينوبون عن الأمة كلها في هذه الأعمال ويبنون لها حاضرا مباركا ومستقبلا مشرقا ويضمنون لها بفضل الله وتوفيقه ، نتائج ومكتسبات استراتيجية كبيرة بأثمان زهيدة وإن كا نت الجهود كبيرة ومضنية .
لقد أساء الحكم البعثي للدكتور عبد الرحمان ولإخوانه البررة عندما امتدت يده الأثيمة بمساندة المكر الصليبي لاجتياح الكويت والإساءة لهذا الشعب الذي كان مشايعاً له وقد ذاق الدكتور وغيره من ألوان العذاب ما لا يحتمل ولكن الله سلمه وبعض إخوانه من بطشهم وإن استشهد بعض العاملين الأوفياء الأبطال رحمهم الله وهاهو الدكتور السميط وإخوانه الكويتيون المؤمنون يسارعون لإنجاد الشعب العراقي الذي يكون مع الشعب الكويتي وحدة قوية أساسها الأخوة الإسلامية العريقة والمحبة الإيمانية العميقة وقد كان أوائل قادة لجنة مسلمي إفريقيا أخ عراقي كريم كان له مع إخوانه فضل الريادة والتأسيس في وقت كانت إفريقيا في أمس الحاجة إلى مثل هذه الجمعيات العظيمة المباركة .
سلمت أخي الدكتور عبد الرحمان للكويت ولإفريقيا وللإسلام والمسلمين وجزاك الله خير الجزاء وأضفى عليك حلل العافية الدائمة وبارك الله فيكم وفي جميع من عرفنا في الكويت من أهل الفضل والصلاح والخلق والدين والعمل الجدي المنتج خلال العالم الإسلامي .
وهنيئا للأمة بكم وبأمثالكم القلائل لأنها ترى فيكم قادتها الصادقين وبُنَاتَها المخلصين.