شهادة.. للتاريخ، وادانة للمسؤولين عن التعليم، وقعها 500 من الشخصيات المغربية، في طليعتهم كبار العلماء، وقادة الأحزاب الوطنية، ونقابات العمال، واتحادات الطلاب والاساتذة والمثقفون الأحرار الذين يمثلون الشعب المغربي خير تمثيل..
يواجه المغرب منذ حصوله على الاستقلال سنة 1956، وبصفة خاصة منذ عشر سنوات، ضغطا استعماريا خفيا يرمي لاقرار وتثبيت وتعميم الوجود اللغوي الفرنسيفي المغرب المستقل، وإعطاء هذا الوجود – الذي فرضته الحماية الفرنسية في عهدها- صفة الشرعية والاستمرار، لافي الادارة المغربية، والمصالح العمومية فقط، ولكن في ميدان التعليم وتكوين الأطر المغربية أيضا.
وبالرغم من المعركة التي خاضتها المؤسسات العلمية والثقافية والنقابية والأحزاب الوطنية في المغرب بعد الاستقلال، وخاصة منذ المناظرة التاريخية التي نظمتها الدولة حول التعليم بمركز معمورة سنة 1964، تلك المعركة التي كانت تهدف إلى تحويل المؤسسة التعليمية الفرنسية التي خلفتها الحماية، إلى مؤسسة وطنية عربية اللغة، مغربية الروح والشخصية والأطر، فقد باءت بالفشل كل تلك الجهود، وبقيت المبادئ التي أجمعت عليها الأمة في سياسة التعليم وهي : تعريب التعليم، ومغربة أطره وتعميمه، حبرا على ورق، ورفض المسؤولون كل التصميمات التي وضعها الخبراء المغاربة لتحقيق التعريب ومغربة أطره، وكانت النتيجة التي انتهت إليها سياسة ازدواجية لغة التعليم، وإعطاء حصة الأسد للغة الاجنبية، بعد 14 عاما من تجربتها، هي إعلان فشلها :
تربويا – لأن نسبة الذين ينهون بمقتضاها دراستهم الثانوية يقلون عن 2%، ولأنها لم تحقق تكوين الأطر المنتظرة منها للبلاد لاباللغة العربية ولا باللغة الأجنبية، ولأنها أدت إلى انخفاض مستوى التعليم في اللغتين معا.
واقتصاديا – لأن نسبة النجاح المذكورة لاتعادل الخمسين مليارا التي تنفق في التعليم، والتي يؤدى منها ثلاثة وعشرون مليارا للأساتذة الأجانب الذين يخرجون ثلث هذا المبلغ من البلاد بالعملة الصعبة.
وقوميا – لأنها جعلت جل التعليم الثانوي تحت رحمة وتوجيه الأساتذة الأجانب، وأدت إلى تدعيم وترسيخ اللغة الأجنبية في الادارة المغربية، فحلت عمليا وأساسيا محل اللغة الوطنية لغة القرآن، وعملت على تشويه لغة التخاطب لدى الأجيال المتعلمة التي أصبحت تتكلم بلغة مختلطة هجينة، لا هي عربية خالصة، ولا هي فرنسية خالصة.
ودينيا – لأنها أضعفت القيم الخلقية والروحية لدى هذه الأجيال، واتجهت إلى القضاء على التعليم الاسلامي والعربي الحر.
لذلك كله، ولكون الشعب المغربي لايريد بعد تحرره واستقلاله أن يظل مربوطا بعجلة أية دولة أجنبية، ويظل فكره القومي محتكرا للغتها، وإنما يريد أ ن يستوعب الحضارة الانسانية العالمية بمختلف لغاتها الحية، وعن طريق التبادل الثقافي والعلمي والصناعي، دون أن يتخلى قيد أنملة عن لغته العربية، كلغة رسمية حية، في التعليم والادارة والعمل اليومي، فإن علماء المغرب ومثقفيه ورجال الفكر والاصلاح فيه، يرون من و اجبهم القومي والديني، بمناسبة الحوار المفتوح حول سياسة التعليم ومستقبله في المغرب:
> أولا- أن يجددوا نصحهم وتحذيرهم من أخطار السياسة القائمة حتى الآن في مجال التعليم، والتي لم تحقق غير المزيد من فرنسة الاجيال المغربية الناشئة، وفرنسة لغة التخاطب المغربية وترسيخ فرنسة الادارة والمصالح العمومية والخصوصية بالمغرب المستقل. ومن شأن هذه الأخطار، إذا لم يوضع لها حد عاجل، أن تهدد وحدة وكيان ومستقبل الشعب المغربي، وأن تعرقل تقدمه وازدهاره وأمنه الفكري، وأخطر من ذلك اتجاه عزم المسؤولين اليوم إلى فرنسة التعليم الابتدائي من جديد، بدل تعريب التعليم الثانوي، وأن يقع الرجوع باللغة العربية القهقرى، أي إلى ما كانت عليه في عهد الحماية الفرنسية، مع أن الشعب المغربي آنذاك قاوم هذه السياسة بتقوية جهاز المدارس العربية الحرة، وتدعيم كيان جامعةالقرويين.
> ثانيا : أن يذكروا بأن التعريب الكامل العام في التعليم والادارة والعمل والشارع، هو مطلب قومي أجمعت عليه الأمة منذ الاستقلال، وهو لايتعارض بحال من الأحوال، مع دراسة اللغات الأجنبية الحية كلغات، ولايتناقض مع رغبتنا جميعا في التفتح على حضارة القرن العشرين، وإنما يؤكد فقط رغبة الشعب المغربي في المحافظة على مقومات شخصيته الوطنية، ومن المعلوم أنه لايمكن لهذه الشخصية أن تنمو وتزدهر إلا في إطار اللغة القومية، ولايمكن للتعليم أن يصبح شعبيا وديمقراطيا ومزدهرا إلا باللغة القومية.
> ثالثا : أن ينبهوا إلى التجني الذي يرتكب في حق اللغة العربية عندما يراد ربطها بالوضع الذي يوجد عليه العالم العربي اليوم، وبالنقص الذي يلاحظ في المصطلحات العلمية الحديثة، مع أنه لاينكر أحد أن اللغة العربية كانت هي اللغة العلمية العالمية الوحيدة في العصور الاسلامية الزاهرة، وأن تخلفها اليوم في ميدان المصطلحات الحديثة لايرجع لعجزها هي، بل لجمود المجتمعات العربية التي عليها أن تقوم بسد هذا النقص في الميدان اللغوي، في نفس الوقت الذي تعمل فيه على سد نقصها في الميادين العلمية والصناعية، ذلك أن اللغة العربية، ككل اللغات الحية، لايمكن أن تتطور وتتقدم بمعزل عن الحياة والعلم والمجتمع، وإبعادها عن أن تكون لغة التعليم والادارة والعمل، هي الطريق المفضية بها إلى الموت البطئ، لا إلى الحياة الخالدة.
> رابعا : أن يؤكدوا أنه لاحل لمشاكل التعليم المستعصية إلا بوضع المبادئ التي أجمعت عليها الأمة وهي : تعريب التعليم في جميع المراحل وعلى جميع المستويات، ومغربة أطره، وتعميمه، ووضعه موضع التنفيذ المخلص السريع ، حسب “ميثاق التعليم”، وطبق ” تصميم” محدد، يساهم في وضعها، ويصادق عليهما الممثلون الحقيقيون للمؤسسات الوطنية كلها، على أن يكونا جاهزين للتطبيق ابتداء من أكتوبر 1970 المقبل، وأن يكونا مصحوبين بسياسة وتصميم مواز لتعريب الأجهزة والمصالح الادارية المغربية كلها، وبدون ذلك سنواجه المزيد من الأخطار، والمزيد من المشاكل التي لاحل لها، وليست في صالح أحد في هذه البلاد.
وحرر في 16 ربيع الأول عام 1390هـ
الموافق 23 ماي سنة 1970م
لائحة التوقيعات(ü)
محمد الجواد الصقلي، محمد بنعبد الله، ادريس الكتاني، محمد الطنجي ، علال الفاسي، الدكتور المهدي ابن عبود، عبد الله كنون، عبد السلام الفاسي، محمد بن الحسن الوزاني، عبد الرحيم بوعبيد، محمد ابراهيم الكتاني، محمد بوستة، الدكتور عبد الكريم الخطيب، عبد المجيد ابن جلون، الفاروقي الرحالي، عمر ابن عبد الجليل، محمد داوود، أبو بكر القادري، محمد الطاهري، عبد الكريم غلاب، الدكتور عبد اللطيف بن جلون، عبد الرحمن الكتاني، عبد الكريم ابن جلون، محمد ال دويري، محمد المكي الناصري، د. بنسالم الكوهن، عبد الرزاق أفيلال، علي يعتة، محمد العربي العلمي، محمد ابن شقرون، ادريس ابن جلون، محمد برادة، عبد السلام بورقبة، محمد سعد العلمي، العربي حصار، مصطفى العلوي، د. جعفر الكتاني، د. عبد الرحمن القادري، عبد الواحد الراضي، محمد ناصر الكتاني، محمد الناصري، محمد زنيبر، د. محمد الحبابي، محمد أبو طالب، خليل ادريس، محمد الخصاصي، محمد الوفاء، د. عبد العزيز بلال، عبد الجليل الحمري، عمر الفاسي الفهري، د. الهادي مسواك، د. عبد الهادي السقاط، محمد الزعيمي، محمد الصفار، الأخضر عالم، د. محمد جسوس، محمد ابن البشير، د. فتح الله ولعلو، عبد الكبير الخطيبي، عبد اللطيف المنوني، سعيدابن البشير، د. ادريس العلوي، الطاهروعزيز، اسماعيل العلوي، د. عبد الكريم كريم، محمد الكتاني، د. محمد ابن شريفة، د. عبد السلام الهراس، عبد اللطيف السعدني، محمد برادة، عبد الوهاب التازي، ادريس التازي سعود، محمد التازي سعود،أحمد اليابوري، د. محمد المنيعي، محمد بن تاويت، عبد الكريم العراقي، د. حمزة الكتاني، د. عز الدين العراقي، د. علي محمد المنتصر الكتاني، التهامي الوزاني، عبد الله البقالي، العربي اللوه، أبو طاهر العزيز، عبد الرحمن الغريسي، عبد الحق التازي، أحمد الاخضر غزال، محمد المهدي البكاري، د. محمد ابن شقرون، أحمد أقلال، محمد البقالي، عبد الوهاب أكومي، عبد الله الرجراجي، العابد الفاسي، محمد بن عبد السلام الطاهري، محمد بن عثمان الشامي، محمد بن احمد الودغيري، أحمد بن شقرون، ابوبكر جسوس، عبدا لعزيز ابن الخياط، محمد بن عبد القادر الصقلي، العابد الخرشفي، الوليد بن الحسن المريني، الحسن بناني، عبد الرحمن الحريشي، عبد الله الداودي، محمد حموش، أحمد الحبابي، عبد الكريم الداودي، محمد بنسالم الفاسي، ابراهيم ابن الحاج، محمد بن الحسن العمراني، عبد الله الجاي، محمد بن الحسين الزروالي، عبد الرحمن اللجاءى، أحمد الرامي، محمد التاويل، محمد اليوسفي، علال كنبور، أحمد الجاي، ادريس العلمي، أحمد الامراني، عبد الرحمن ربيحة، محمد حسن الغساسي، عبد القادر الشركي الكعاب، عباس الصقلي، الغازي التسولي، محمد بن احمد بناني، محمد بن عبد الرحمن بناني، ادريس السميرس، أحمد نسعلى، أحمد بونو، عبد اللطيف ابن الحاج، مختار رشدي، ادريس بن جربيط، محمد بن احمد الازرق، احمدا لعلوي، عبد الهادي اليعقوبي، محمد بن محمد الصقلي، عبد الحي عمور، ادريس التبر، عبد الحي العمروي، عبد الله العلوي، محمد بن الفاطمي بن الحاج، محمد العبدلاوي، محمد مزور، المفضل الزروالي، محمد الغريسي، عبد القادر الجرندي، حميد ابن لحاج، محمد بن علي الكتاني، العربي الشامي، الفاطمي الكتاني، المهدي بن ا دريس العمروي.
(ü) تضم هذه اللائحة 500 شخصية ولطولها اقتصرنا على هذه الأسماء.