أنا واحدة من النساء المسلمات اللاتي يتَتَبَّعْن بدقة ما يجري في العراق وفلسطين من مجازر وتدمير، وإهانات وتشريد وهتك الأعراض على مائدة الديمقراطية الأمريكية التي أصبحت حروفها ومضمونها، نصها وفصها من الدم القاني، أين هي الحقوق التي تتحدث عنها أمريكا؟ أين هي حقوق النساء؟ أين هي حقوق الأطفال؟
- نساء مرْعوبات مما وقع لهن ولأطفالهن من ظلم شديد تحت وطأة القنابل والصواريخ الذكية والغبية!!
- قنابل تدمر وتُقَتِّل الأطفال والنساء، وتسمى قنابل أو صواريخ ذكية، أي ذكاء هذا؟ بل إنه غباء ما بعده غباء -غباء يدل على أن هذه الديمقراطية التي تملأ سماء أمريكا وأرضها، إنما هي شعارات فارغة لا روح فيها ولا مضمون. الديمقراطية عند هؤلاء نصها وفصها شكلها ومضمونها، بُعد نفعي مصلحي لا يراعي حرمةً لأحد كيفما كان، هذه الديمقراطية التي ادعت أمريكا أنها جاءت إلى العراق لتخلص أهلها من براثِنِ الديكتاتورية وتعيد إليها بحبوحة الديمقراطية لكنها في الحقيقة، ديمقراطية تريد أمريكا أن تؤسسها بالدم والحديد، فمتى كانت الديمقراطية تؤسسُ بلغة الدبابات وأصوات القنابل المفزعة وأنواع الصواريخ التي تدُك البنايات دكاً، وتدُك معها حقوق الإنسان دكاً دكاً.
- الديمقراطية عند هؤلاء أيها السادة صالحة مادامت تؤدي ما يريدون من أهداف وغايات، فإذا وقَفَتِ الديمقراطية أمام ما ينشدون من أغراض انقلبوا عليها جملة وتفصيلا وأصبحوا من أشد العتاة وأفضع ما خلق الله على وجه الأرض.
- حينما تنظر النساء إلى هذه الصور في القنوات العربية والدولية لعشرات النساء اللاتي يبكين حظهن التعس، فيما يقع لهن ولأبنائهن من دمار وتقتيل، وأتذكر امرأة عراقية وقد أصيبت، وقد أحاط بها الأطباء لإزالة بعض ملابسها لتطبيبها وهي تقول “فضحتموني فضحتموني”، نعم فضحت هذه الحربُ أمريكا التي كانت تحاسب الدول عن حقوق الإنسان، فليعلم من كان جاهلاً وليتذكر من كان عالما:ً أن هذه الشعارات لا علاقة لها في الحقيقة بحقوق الإنسان، وإنما هي جسر وقنطرة تمر أمريكا من خلالها لتحقيق أهدافها تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب.
- أتعجب غاية العجب أن أمريكا حينما لم يُقْبَل مشروعها بهيئة الأمم المتحدة، وحينما لاح في الأفق “فيتو” فرنسي أو روسي أو صيني، سقط القناع عن وجه أمريكا، تبخرت شعارات أمريكا الزائفة الخائبة وأصبحت ديمقراطية دموية أو لنقل صارت ديكتاتورية بمساحيق ديمقراطية.
- أعتى من الديكتاتوريات التي عرفت في القرن الماضي.
- أضحك تارة وأبكي أخرى حينما أسمع أن أمريكا جاءت للعراق لنشر الديمقراطية، وتقضي على الديكتاتورية، ويظن هؤلاء أننا لا نقرأ ولا نفهم ولا نحلل. يعلم الصغير قبل الكبير أن بترول العراق هو الذي سال له لُعاب أمريكا فكشرت عن أنيابها، وألقت الديمقراطية في مزبلة التاريخ، ولجأت إلى استعمال قانون الغاب.
- قانون الغاب بعبارة بسيطة هو القانون الذي تكون فيه الكلمة للقوي يفعل ما يشاء فهو المشرع، وهو الذي يقول للبشرية جمعاء لاحق ولا صواب إلا ما أراه حقاً أو صوابا، قانون الغاب لا مجال فيه للأخلاق ولا مكان لأية ضوابط، لا حرمة فيه لضعيف كيفما كان، بل لا حياة له بل لا حق له أن يحيى، والضعيف في الحروب دائما وأبداً هم الأطفال والنساء.
- يشتد الأسف ويصل مداه أيها السادة حينما نسمع أن أمريكا سوف تعمل على توزيع الماء والأكل والدواء على المدنيين، بعد أن قصفت منازلهم وروعت صغارهم وكبارهم وفرقت بين ا لمرأة وزوجها، وبين الأم وأبنائها. بعد كل هذا تتحدث عن أدوية وماء وأكل أية مساعدات هاته؟! أي كرم هذا ياعم سام؟!! يد تُذَبِّحُ وتُقَتِّلُ، ويدٌ أخرى تحْنو أو لنقل بعبارة دقيقة تحاول عبثا أن تتقمص دور المداوي الرحيم!!
- على من تنطلي هذه الأكذوبة؟ لا تنطلي أيها السادة في بقاع العالم، أيها الشرفاء أيها الأفاضل على أحد كيف كان نوعه صغيراً أو كبيراً ذكيا أو غبيا، شرقيا أو غربياً شماليا أو جنوبيا.
- لقد خسرت أمريكا هذه الحرب منذ أن رفضت أن تسير في ركاب الشرعية الدولية واختارت أن تضرب عرض الحائط كل المواثيق الدولية رافضة الإذعان لصوت الحق والقانون.
- ختاماً أقول : أيتها النساء العراقيات، جعل الله ما أصابكن في ميزان حسناتكن. فمن مامت منكن، فهي شهيدة من الشهداء في عليين مع الأنبياء والصديقين، ومن فقدن منكن عزيزاً زوجاً كان أو ولداً أرجو من الله عز وجل أن يجملكن بالصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون، لقد أعطيتن للعالم كامله بحق صورة عظيمة مُشرِّفة ساطعة للمرأة المسلمة القوية، القوية بإيمانها وبصبرها فطوبى لكُن من مجاهدات مدافعات عن العرض والدين والوطن.