لقد كثرت الدعوات للنهوض بالأمة من هبوطها المريع، واختلفت هذه الدعوات في كل شئ إلا في تحكيم الإسلام وجعله منهجًا حياتيًّا، وشريعة محكَّمة في الحياة الأخلاقية والثقافية والتعليمية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك، من مجالات الحياة.
ولقد كثرت القوارع والنكبات المعاقبةُ للأمة على تخلفها عن أمر الله في الاعتصام بحبله المتين، فما اتعظت ولا تبصّرت وتفكّرت وتدبّرت وتعقّلت، ولكن ازدادت نفورا وتنافرا وتدابرا، وازدادت تشتتا وتمزقا، فزادها الله تعالى بؤسا على بؤس، وضعفا على ضعف، فكانت في انحيازها لهذه القوة أو تلك من غير قوة الله تعالى كالمستجير من الرمضاء بالنار.
لالشئ إلا لأنك يا رسول الله أوضحت لها خارطة الطريق :
1- منذ أن علمتها كيف تقرأ كل شيء باسم الله عز وجل فقرأت مدة، وسعدت مدة، ثم نكصت فقرأت باسم الأهواء فشقيت وتعست.
2- منذ أن عُرض عليك المال والملك والجاه والسيادة فزهِدت في كل ذلك، وعلَّمت أمتك أن الحياة الأخروية هي خير وأبقى، فتعلمت أمتك الدرس، وكتب الله عز وجل لها الخلود والسيادة والإمامة، ولكنها بعد ذلك رتعت في التهارش على الدنيا والجاه والمنصب فما ظفرت بمال، ولابجاه، ولابحكم، ولكنها أصبحت ذيلا للكفر والكافرين تلتقط الفتات وتقبِّل الأعتاب.
3- منذ أن قلتَ لها : “قولوا لاإله إلا الله تفلحوا” فقالتها وأفلحت، ولكنها ارتدتْ فآمنتْ بالبيوت البيض والحمر والصُّفرِ، وحكمت مرجعيات الهَبَابِلَة القابعين خَلْفَ البحار، فكان مايعلمُه الله ومارأتْه من الخراب والدمار، وذلك لعمر الحق قاصمة الدهر وذروة البوار.
والآن ونحن نحيى ذكرى مولدك يارسول الله بعيون دامعة، وقلوب جريحة، وأجنحة كسيرة، ومشاعر معطوبة، وآمال محطمة، نرجو من الله تعالى أن يَرُدَّ علينا نفوسنا، ويبعث فينا أرواحنا، لنستأنف السير من جديد وفق هداية ربانيَّةٍ يتدارك بها هذه الأمة كما تداركها يوم أنقذها من براثن الجاهلية الأولى . فكبار قومنا أضاعوا خارطة الطريق وأسلموا أعناقهم للجزار ليذبحهم واحدا تلو الآخر بدون بكاء ولا صراخ. فهل تكون هذه الذكرى بداية استعادة الثقة بالدين، ورب الدين، ورسول الدين الرحمة المهداة للعالمين.؟؟