الصلاة على المسلم إذا مات فرض كفاية، كغسله وكفنه ودفنه، إذا قام بها بعض المسلمين سقط على الباقين، فقد كان رسول الله يصلي على أموات المسلمين، حتى أنه كان قبل أن يلتزم بديون المومنين إذا مات المسلم وترك دَيْنا لم يُقْض يمتنع عن الصلاة عليه، ويقول : >صلوا على صاحبكم<(رواه البخاري).
ويشترط للصلاة على الجنازة، كا يشترط للصلاة، من طهارة الحدث والخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة، لأن الرسول عليه السلام سماها صلاة، فقال، ” صلوا على صاحبكم” فتعطى حكم الصلاة في شروطها.
وفروض الصلاة على الجنازة هي كالتالي:
1- النية 2- اربع تكبيرات، 3- الدعاء بينهن، 4- السلام، 5- القيام.
1) النية:
بأن يقصد الصلاة على الميت، ويستحب أن يستحضر كونها فرض كفاية، ولو أخطأ في النية، فإن نوى أنه ذكروتبين أنه أنثى، أو العكس، أو أنه جماعة وتبين أنه واحد، صحت.
وإذا اجتمع أكثر من ميت، وكانوا ذكورا أو إناثا صفوا واحدا بعد واجد بين الإمام والقبلة، ليكونوا جميعا بين يدي الإمام، وصلى عليهم جميعا صلاة واحدة.
وإن كانوا رجالا ونساء. جاز أن يصلي على الرجال وحدهم، والنساء وحدهن، وجاز أن يصلي عليهم جميعا. وصفت الرجال أمام الإمام وجعلت النساء مما يلي القبلة.
وفي الحديث أن الصبي إذا صلي عليه مع امرأة، كان الصبي مما يلي الإمام والمرأة مما يلي القبلة.
وإن كان فيه رجال ونساء وصبيان، كان الصبيان مما يلي الرجال.
ومن السنة أن يقوم الإمام عند الصلاة على الجنازة حذاء رأس الرجل ووسط المرأة. لحديث أنس أنه صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه فلما رفعت، أتي بجنازة امرأة، فصلى عليها فقام وسطها، فسئل عن ذلك وقيل له : هكذا كان رسول الله يقوم من الرجل حيث قمت، ومن المرأة حيث قمت قال: نعم<(رواه أحمد وأبو داوود وابن ماجة والترمذي وحسنه).
ويستحب أن يصف المصلون على الجنازة ثلاثة صفوف مستوية، لما رواه مالك بن هيبرة قال : قال رسول الله “مامن مؤمن يموت فيصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له، وفي حديث آخر يقول الرسول عليه السلام : ” من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجبت” رواه الترمذي وحسنه.
2) أربع تكبيرات:
رفع اليدين في أولا ها مستحب، وفي غيرها خلاف ولايزيد عليها ولاينقص، ومن نقص منها بطلت صلاته، وإن زاد الإمام عليها متعمدا لم ينتظر، بل يُسَلِّمُ من خلفه، أما إذا كانت زيادته سهوا، أو جهلا فيجب انتظاره، وصلاتهم صحيحة. انتظروا أم لا .
روى البخاري ومسلم عن جابر أن النبي صلى على النجاشي فكبر أربعا، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي عليه السلام، وغيرهم يرون التكبير على الجنازة أربع تكبيرات.
3) الدعاء بينهن:
أي بين التكبيرات وبعدهن، وليس في صلاة الجنازة دعاء معين مختص بها وقد روى ابو هريرة دعاء استحسنه مالك في المدونة، وذكره في الموطأ وهو : “اللهم إنه عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، كان يشهد أن لاإله إلا أنت وحدك لاشريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيآته، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتفتنا بعده”.
وهناك من خصص لكل تكبيرة من التكبيرات الأربع، الأدعية التالية:
ففي الأولى يقول : سبحانك اللهم وبحمدك، الحمد لله الذي أمات وأحيا، والحمد لله الذي يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير، ثم يقرأ الفاتحة.
وفي الثانية يقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وفي الثالثة يقول : اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وابدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب جهنم، اللهم أنه نزل بك، وأنت خير منزول به، واصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غني من عذابه، وقد جئناك راغبين، إليك شفعاء له. اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته.
وفي الرابعة يقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه علىالإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لاتحرمنا أجره، ولاتضلنا بعده.
وإن كان الميت صبيا.
فالدعاء الأول والثاني، قد سبق ذكرهما. أما الثالث فهو كالتالي :
اللهم إنه عبدك، وابن عبدك، أنت خلقته ورزقته، وأنت أمتَّه، وأنت تحييه. اللهم اجعله لوالديه سلفا وذخرا، وفرطا وأجرا، وثقل به موازينها. وأعظم به أجورهما، ولاتفتنا وإياهما بعده. اللهم ألحقه بصالح سلف المومنين في كفالة إبراهيم، وابدله دارا خيرا من داره.. وأهلا خيرا من أهله وعافه من فتنة القبر وعذاب جهنم، اللهم اجعله لوالديه عظة واعتبارا وشفيعا، وأفرغ الصبر على قلوبهما.
أما الدعاء الرابع بالنسبة للصغير فهو الدعاء الرابع السالف الذكر.
وعلى هذا فالصلاة على الصغير كالصلاة على البالغ في النية والتكبيرات والقيام والسلا م.
4) السلام:
للخروج منها يسلم الإمام ت سليمة واحدة خفيفة، يسرها ندبا، ويسمع الإمام بها من يليه.
والسلام متفق على فرضيته بين الفقهاء، ماعدا أباحنيفة القائل بأن التسليمتين يمينا وشمالا واجبتان، وليستا ركنين. استدلوا على الفرضية بأن صلاة الجنازة صلاة، وتحليل الصلاة التسليم.
وقال ابن مسعود : التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة. واقله السلام عليكم.
5) القيام لها:
القيام للقادر عليه، وهو ركن عند جمهور العلماء، فلا تصح الصلاة على الميت لمن صلى عليه راكبا أو قاعدا من غير عذر.
ويستحب أن يقبض بيمينه على شماله أثناء القيام كما يفعل في الصلاة، وقيل لا. والأول أولى.
والمسبوق إذا جاء وقت الدعاء، يصبر ولايكبر حتى يكبروا ، فإن كبّر حال اشتغالهم بالدعاء، صحت ولايعتد بها، ويأتي بالتكبيرات التي فاتته، والدعاء بعد كل تكبيرة، بعد سلام إمامه، مالم ترفع الجنازة، فإن رفعت فورا، اشتغل بالتكبيرات، ولايدعو بينها، ثم يسلم. وقال ابن عمر والحسن وأيوب السختاني والأوزاعي : لايقضي ما فات من تكبيرة الجنازة، ويسلم مع الإمام.