العالم مجبر ا لآن، بدرجات، على الفطام القسري من قيمته وأخلاقياته، وعلينا لضمان حقنا من العلف والأوكسيجين المؤكسد أن نتعايش مع أنماط شوهاء في التفكير، قوامها المصلحة ولاشئ غير المصلحة، والغلبة في المنابر للقوة الغاشمة لا للحق..
وفقط، بتدجيننا لهذه القناعة، بإمكاننا هضم كل هذا الطغيان الذي يستهدف دولا عريقة ذات سيادة وحضارة ضاربة في الزمن، من طرف دولة قرصانة، طارئة على التاريخ والجغرافية، إسمها الولايات الطاغوتية الأمريكية.. طغيانا مميزا، من سماته استصدار ما يكفي من القرارات البرقية لغزو البلدان الآمنة وقلب أنظمتها والإستيلاء على ثرواتها، والختم بعد ذلك على هذه البلطجة بخطبة عصماء إستعراضية لأغراض الغزو الحضارية، التي استدعت للأسف، وضع حد للتهديدات الإرهابية المعادية لقيم الحرية والتسامح، وحقوق الإنسان!!…
ويبدو هذا الوضع المتكرر، وكما لو بمجرد صدفة على صفيح الخرائط العربية الإسلامية، كما لو كان نهائيا.. وكما لو صدق فيه التحليل ” الفوكويامي” الرامي إلى ترسيخ القناعة بلا جدوائية المقاومة لدى الشعوب المستهدفة فالخلاص أمريكا، وأمريكا هي الخلاص، والأفيون الجديد للشعوب!!… ولأن الحديث في شأن الغطرسة الأمريكية لاحد له ولا قرارفإن ما يعنينا في هذه المحطة بشكل خاص، هو هذا الأنين وهذه الصرخات ، وهذا السؤال المحبط الذي يتصدر باستمرار كتابات وتصريحات المثقفين العرب والمسلمين، حول دواعي الصمت، والكوما العربية الإسلامية إزاءهذا ا لاستهوان الغربي المتواصل.. وهو سؤال، وهي مشاعر، يجب أن تودع الارشيف اللغوي لحلقة المثقفين المحزونين، وأن يعاد التفكير في صياغة إستراتيجية تعبيرية تعتمد تسديد اللكمات التعبيرية للمعسكر الأمريكوصهيوني، لا الآهات، ولا الحسرات…
وبصيغة أخرى، يجب أن يعيد الكتاب النظر في أدواتهم التعبيرية حين تعاطيهم مع هذه الفوضى التي تكتنف العالم، لأن المواطن العربي والمسلم الذي يوجد الآن في حالة سريرية بالغة الخطورة، بفعل ترسيخ الشعور لديه بإصابته الميؤوس من شفائها، بمرض غياب المناعة تجاه الغرب، وعلى رأسه أمريكا، يحتاج إلى صعقات لغوية تجيش قواه المجاهدة ، الرافضة..
وإن هذا الاستعلاء الأمريكي الذي بلغ مؤخرا ذروته مع “شروط الخزيرات”!!! التي اشترطتها أمريكا لعودة المفتشين إلى العراق ، بهدف إسقاط ” صدام” في شراك الثأر للكرامة العراقية المسباحة، وبالتالي الانقضاض عليه يبقى ( هذا الإستعلاء) في نهاية المطاف رملي التعملق لاستناده إلى الباطل في كل تجلياته، ولاسبيل لعلوه إلا لكي يسقط كما الرمل!!..
وفي هذا الخضم، يجب على الكتاب، إزاء كساد الأنظمة العربية والإسلامية العميلة أو المستقيلة من الأمانة القومية والإسلامية، أن ينظموا خطهم الهجومي ويطعموه بآليات الاستنهاظ الضرورية، في وضعها المرضي هذا، ا لذي لايحتاج إلى هواة “قِفَا نبكي”، بقدر ما يحتاج إلى الخطاب المفعوم بأمصال التقوية الروحية المستندة إلى إرثنا ا لقرآني والسني ا لعتيد، لزرع العنفوان، المستصحب بمشاعر العزة، من شأنها أن تؤول حتما إلى تجييش هذه المشاعر، في اتجاه المقاومة..
وعلى الجميع أن يعلموا أن جلباب الذل الذي تسعى القوى الإمبريالية إلى خلعه على الجميع لايمكن أن يتسع إلا لمن يمدون رؤوسهم وأياديهم بخنوع واستسلام لارتدائه!!!.
والحال كذلك، وكما في كل دول العالم الغربي حيث تتشكل مجموعات ضاغطة ضد العولمة وضد الوحشية الليبرالية وحروبها ا لجشعة لابتلاع ثروات وأراضي الشعوب بفلسطين والعراق وأفغانستان وكل بقاع العالم المستضعفة، يجب أن يقود المثقفون العرب والمسلمون سفينة ا لمعارضة الشعبية وأن يمدوها بكل أدوات الممانعة وعلى رأسها الكلمة الربانية التوحيدية البتارة، لاإلاه إلا الله.. في عمقها الثوري القاصم..
وإذ كان الجميع يتحدثون عن الموت الأخير للعرب، فإن الموت الأخير في مخزوننا الديني ليس موتا نِهائيا، أبديا باعتبار إفضائه إلى البعث، والنشور.. وانْطِلاًقا من استراتجيتنا التعبيرية الجهادية النفس، يجب ترسيخ هذه الضرورة حَضَاريّا كما بْيُولُوجِيّاً، والقاضية بالانبعاث والنصر..
وما ذلك على الله بعزيز.. فقط نتصالح معه..
سبحانه وتعالى.
بقلم :
ذة.
فوزية
حجبي