قال الله تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}(البقرة : 183).
قـــــــال : >الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة…< (رواه أحمد في مسنده).
إعداد : عبد الحي عمور
من العلماء
هذه ورقة تعرض لمسائل الصيام حسبما جاء في شريعة الإسلام من قرآن وسنة وأقوال العلماء قديما وحديثا، قصدت بها النفع العام وتبصير المسلمين الصائمين بأحكام الصيام حتى يكون صيام مغفرة واحتساب وشفاعة وتقبل ورضوان.
قال :>الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام : أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان<(رواه أحمد في مسنده – والبيهقي في شعب الإيمان).
الصيام : الإمساك بنية عن الطعام والشراب والجماع، وكل ما يفسد الصوم، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، ويجب على كل مسلم بالغ، عاقل، قادر عليه، مقيم.
ورمضان : هو الشهر التاسع من الشهور القمرية، وهو الشهر الوحيد الذي ذكر في القرآن الكريم باسمه : >شهر رمضان<. ويسمى شهر الصبر لما في حديث رواه الترمذي : >الصوم نصف الصبر<.
حكمة مشروعيته :
-تطهير النفس من الآثام والذنوب و التقرب إلى الله تعالى بترك ما تشتهيه النفس من شهوات وتزكيتها وإعدادها للتقوى وخلو القلب والفكر للذكر والاستغفار وتعويد النفس عن اجتناب المحرمات من الأفعال والأقوال ممارسة وسماعا ومشاهدة، حتى تصبح مهيأة لخير الدنيا وسعادة الآخرة وتعرف الأغنياء على نعم الله عليهم وما يعيشه الفقراء من حرمان حين يمتنعون عن الطعام في وقت مخصوص، وما يحصل لهم من مشقة.
مضاعفة أجر الصيام : وذلك بسبب ترك الصائم لسائر الشهوات التي جبل عليها، مما لا يوجد في عبادة أخرى غير الصيام الذي يشمل نهاره كله يترك فيه هذه الشهوات تقربا إلى الله تعالى ورغبة في ثوابه.
عن أبي هريرة ] قال : قال رسول الله : قال الله عز وجل : >كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة <(مانع من الآثام…) رواه مسلم. مما يعني أنه تعالى : يضاعف أجره أضعافا كثيرة بغير حصر عنده، كأجره تعالى على الأعمال الأخرى حيث تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
من فضائل رمضان :
- نزول القرآن فيه : قال تعالى : {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}.
- فيه ليلة القدر : قال تعالى : {إنا أنزلناه في ليلة القدر}(القدر : 1).
- غفران ما تقدم من الذنوب : قال : >من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه<(رواه البخاري).
- تكفر فيه الذنوب لقول رسول الله : >…ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر<(رواه مسلم).
- استجابة الدعاء، قال : >ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم…<(رواه الترمذي، وأحمد في مسنده عن أبي هريرة).
- فتح أبواب الجنة وإغلاق أبواب النار، وتصفيد الشياطين. عن أبي هريرة ( أن رسول الله قال : >إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين<.
- العمرة فيه تعدل بحجة : قال : >عمرة في رمضان تعدل حجة<(ابن عباس رضي الله عنهما وأحمد في مسنده).
- عدم نقصان أجره وثواب أعماله. قال : >شهرا عيد لا ينقصان : رمضان وذو الحجة<(رواه مسلم).
-أجر إفطار الصائم : قال رسول الله : >من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا<(رواه الترمذي).
إفطار الصائم :
- تعجيل الفطر من سنة النبي وهو القائل : >لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر<(رواه البخاري).
- الفطر قبل صلاة المغرب : عن أنس ] قال : >كان رسول الله يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء<(صحيح البخاري).
دعاء الإفطار :
- للصائم فرحتان : فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه.
قال : >للصائم عند فطره دعوة لا ترد<(صحيح ابن ماجة)، وكان يقول عند الإفطار : >ذهب الظمأ، وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله<(صحيح أبي داود).
- السحور : يستحب أن يكون في آخر الليل، قال : >تسحروا فإن في السحور بركة<(رواه مسلم والبخاري). وقال : >فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحور<(رواه الجماعة).
أجر من فطر صائما :
قال رسول الله : >من فطر صائما كان له مثل اجره، غير أنه لا ينتقص من أجر الصائم شيئا<(صحيح الترمذي).
ما يباح للصائم :
- الصائم يصبح جنبا : عن عائشة أن النبي “>كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم<(رواه البخاري).
- تنظيف الفم بمعجون الأسنان أو السواك قال : >لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء<. وفي حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها أنه قال : >السواك مطهرة، مرضاة للرب<. وقال قتادة : >يبتلع ريقه فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك أن يبتلع ريقه<(البخاري).
- السفر المباح : عن أنس بن مالك ] قال : كنا نسافر مع النبي فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
- المضمضة والاستنشاق : قال لعمر بن الخطاب ] : أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس به، قال فمه : أي اكفف، وقال : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما<(صحيح أبو داود)
ويلحق بذلك ما هو معفو عنه من التطيب وقطرة العين والأنف والأذن وغسولها، وتحليل الدم ومختلف أنواع الحقن الجلدية والوريدية والعضلية، وكذا ما يدخل جسم الصائم عن طريق الجلد من دهونات ولصقات جلدية. فهذه لا تعتبر من المفطرات لأنها ليست مغذية واستعملت للضرورة، كما أقر ذلك المجمع الفقهي الإسلامي الذي اعتبر الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية غير مفطرة كذلك.
من أكل أو شرب ناسيا :
- قال : >إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه<(رواه البخاري).
- ذهب الجمهور إلى عدم القضاء لما رواه أبو هريرة ] : >من فطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة<. وعن مالك رحمه الله : >يبطل صومه ويتم يومه ويتم يومه ويجب عليه القضاء<.
متى يباح الإفطار ؟
السفر المباح بشروطه -الحائض والنفساء -الحامل والمرضع إذا خافتا عن نفسهما أو ولدهما من الصوم -المضطر لدفع ضرر كإنقاذ غريق يفطر لينقذه من أرهقه الجوع والعطش وخاف على نفسه وهؤلاء يقضون – المريض الذي يضره الصوم أو يشق عليه – الشيخ العاجز عن الصوم.
على من تجب الكفارة ؟
تجب من أكل أو شرب أو جامع عمدا في نهار رمضان لانتهاكه حرمة الصوم، عن أبي هريرة ] قال : جاء رجل إلى النبي فقال : هلكت يا رسول الله، قال : “>وما أهلكك ؟ < قال : وقعت على امرأتي في رمضان. قال : >اعتق رقبة< قال : لا أجدها، قال : >صم شهرين متتابعين<، قال : لا أطيق، قال : >اطعم ستينا مسكينا…<(الحديث).
أما الفدية : فهي إطعام مسكين عن كل يوم لمن رخص له في الفطر.
من أصبح جنبا وهو صائم :
عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال : يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جُنب فأصومُ، فقال رسول الله :>وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم<( رواه مسلم).
- صلاة التراويح :
سن رسول الله قيام رمضان : (التراويح) وفي زمن الخليفة عمر بن الخطاب (، أكد هذه السنة فكان المسلمون يصلون جماعة ثلاثة وعشرين ركعة بخشوع واطمئنان وقراءة طويلة، وسميت بالتراويح، لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، وهذا مع المحافظة على الصلوات المفروضة في أوقاتها جماعة بالمساجد، حتى تكون للصائم -مع الصيام- نورا ونجاة يوم القيامة.
قيام الليل :
قالت عائشة رضي الله عنها : “>إن النبي كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل أيقظ أهله، وشد المئزر<(رواه البخاري ومسلم).
إعداد : عبد الحي عمور