إن ما فعلته الشرطة والقوات المساعدة بالمسجد الأعظم بجرسيف لم يفعله “شارون” وجيشه بكنيسة المهد بفلسطين المحتلة !!
في وقت صلاة الجمعة 21/06/2002، وفي سابقة تاريخية لم يشهدها المغرب وأمام مرأى ومسمع وذهول جموع المصلين والمواطنين بمدينة جرسيف، وقع تدخل الشرطة والقوات المساعدة العنيف في حق المصلين حيث لم يسلم من عنفهم الشديد لا النساء ولا العجزة والمسنون ولا حتى المعوقون المحرومون من نعمة العافية، كما لم تسلم حرمة المسجد وحرمة المنبر وحرمة خطبة الجمعة والعبادة من هذا التدخل الهمجي الخطير في حق العبادة والعباد. وإليكم صورة الحدث:
ظل المسجد المركزي بجرسيف طيلة صبيحة الجمعة مغلقا، والناس ينتظرون فتحه، وقتا طويلا، ولم يفتح إلا في حدود الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة صباحا، وهو سلوك غير مألوف عند الشيوخ من المصلين الذين يبكرون للصلاة فيجدون المسجد مفتوحا. وقبل صلاة الجمعة، نصب الناظر وأعوانه واعظا ألقى درسه وختمه بالدعاء لأمير المومنين محمد السادس والمغفور له محمد الخامس والملك الحسن الثاني والناس يؤمنون في جو إيماني هادئ وسليم. بعدها انتظر المصلون لوقت طويل صعود خطيبهم الرسمي، لكن أعوان الناظر انتصبوا جميعا حول المنبر وهم يرغبون في تنصيب خطيب جديد – غير الخطيب الرسمي – فقام جميع المصلين وفي وقت واحد مرددين: “يا لطيف” و”الله أكبر” والتف أعوان الناظر على المنبر وكذا حشود من المصلين ووقع تدافع بينهم أصيب على إثره المنبر بضرر طفيف. بعدها انسحب أعوان الناظر، فقام أحد الأساتذة المعروف باحترام الناس له، والمشهود له بالكفاءة العلمية في مجال الخطابة والوعظ بتهدئة الوضع ومتحدثا في المصلين بضرورة احترام حرمة الجمعة، وإبعاد نار الفتنة وعدم تعطيل العبادة الواجبة، و شكر السلطة المحلية على حيادها، و ناشد المواطنين بالجلوس والهدوء وتوقير بيت الله ، فقام المصلون بتنصيب خطيبهم الرسمي حفيظ حدادة، على منبر صغير للقيام بالخطبة.
فقام بقراءة القرآن فقط في الخطبة الأولى التي تخللها ولمرات عديدة دخول الناظر وأعوانه لعزل الخطيب، وفي كل مرة يحتج الناس في وجههم بـ “الله أكبر”. وعندما هم الخطيب بإلقاء الخطبة الثانية، إذا بالمصلين يفاجأون بمداهمة قوات الشرطة والقوات المساعدة للمسجد بأحذيتها وقامت باعتقال الخطيب وضربه، فقام المصلون يكبرون ويرفعون شعار (يا لطيف)، محتجين على هذا السلوك اللاقانوني واللاإنساني، ولا يليق بشرطة مسلمة تنتمي لبلد مسلم وعاهله أمير المؤمنين، فانهالت عليهم بالضرب بالعصي والهراوات، وأهانتهم بالشتم وفاحش الكلام، فرماهم بعض المصلين بالأحذية، فقامت السلطة من جديد بضربهم ضربا عنيفا وطردهم إلى خارج المسجد حفاة. وأغلقوا أبوابه دون أن تصلى الجمعة أو تصان حرمة المسجد وأعراض المصلين. وهي صورة قمعية وحشية لا نراها حتى في سلوك الجيش الإسرائيلي المحتل للمسجد الأقصى، والذي احترم حرمة كنيسة المهد لمدة أربعين يوما، وبها مقاتلون ومقاومون مسلحون وليس حتى مصلون مسالمون !!
ولما تفقد المصلون الخطيب وعلموا باعتقاله هو والأستاذ الذي سبق وتدخل لتهدئة الوضع ورجل آخر يناهز السبعين عاما و شاب آخر اعتقلوه خارج المسجد، تجمعوا قرب ساحة المسجد وخرجوا في تظاهرة احتجاجية حاشدة صوب مخفر الشرطة .
بعدما قامت الشرطة والقوات المساعدة بتفريق الجماهير الغاضبة والمستنكرة لهذا التدخل العنيف في دولة الحق والقانون. قامت السلطة من جديد بضربهم والجري وراءهم كما صادرت آلة تصوير لمراسل جريدة العصر- أستاذ جامعي بوجدة – وانهالت عليه بالضرب واللكم، انتقل على إثره إلى المستشفى. كما هدد عميد الشرطة مراسلا آخر ومنعه من التصوير وطلب منه بطاقة الصحافة فسلمها له وخلى سبيله.
وأمام هذا الجور المشحون، والذي لا نراه إلا في الانتفاضة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي، قام بعض الشباب المتحمسين برشق ورمي الحجارة ردا على تدخل الشرطة القوي، لكن بعض المتظاهرين العقلاء منعوا الأطفال من رمي الحجارة في حينه وطلبوا منهم الاحتجاج السلمي فقط، مما حال دون تطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وتفرق الجمع في حدود الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال.
وللإشارة فإن الأشخاص الأربعة بما فيهم الخطيب، لا زالوا رهن الاعتقال في انتظار المحاكمة. إلى حدود صدور هذا العدد.
ع.ف.أبو معاذ