< النمــــــــو الـــهائـــل للميزانية العسكرية الأمــــــريكية يـــــــوحي بــــأن القــوى المسيطرة فــــــي الإدارة الأمـــــريكية تثق فــــي أن السيــطــــرة المطــلقة للعـــنــف تــكـفي للسيطـــرة على الــــــوضع المــتـــوتــــر فـــــي مناطق مصـــالــحــها الحــيـــويــــة.
< تحــــركــــــات أمـــــــريكـــــا الحـــــــاليـة تـســتــهـــدف تخــــويــــــــــف أطــــــــــراف عـــديـــــدة على امـتــداد العـــــــــالــــــم .
< إذا كانت السياسة الأمريكية تقوم في أحد جوانبها على انتهاك القوانين الدولية، ألا يعني ذلك شيوع صيت الولايات المتحدة كمروج للعنف الدولي؟
> من وجهة نظري أن انتهاك القوانين الدولية والحفاظ على المصداقية هي أمور تفلت من بين أيدينا. ولأسباب مشابهة، أشارت هيئة الأركان العامة لكلينتون في دراستها الرئيسية حول “ردع ما بعد الحرب الباردة” إلى أنه “ليس من المستحسن أن نبدو عقلانيين وباردين زيادة عن اللازم.. وأن أحد مظاهر الصورة القومية التي نسقطها يجب أن تتمثل في أن الولايات المتحدة تستطيع أن تتفاعل بطريقة لا عقلانية وانتقامية إذا ما هوجمت مصالحها الحيوية”، وأنه مفيد لموقفنا الاستراتيجي أن “تبدو بعض العناصر قادرة على فقدان السيطرة”. وهذا ما يتطابق تماما مع أحكام الوثائق الداخلية ويسهل عملية الانجراف باتجاه التاريخ السابق، طبعا ليس فقط في الولايات المتحدة، لأن هناك الكثير من السوابق. فنحن أمام صفات طبيعية جدا للسلطة المفرطة.
فيما أننا لا نملك مدخلا إلى الوثائق السرية، فليس بوسعنا سوى وضع النظريات. لكن يبدو أن القوى المسيطرة في الإدارة الأمريكية تثق بأن السيطرة المطلقة للعنف سوف تكفي من أجل إبقاء الأمور تحت السيطرة. وهذا بالضبط ما يوحي به النمو الهائل للميزانية العسكرية، بخاصة عسكرة برامج الفضاء التي تضع قناع “الدفاع الصاروخي” والتي توصف بصراحة بالغة بأنها موجهة لإيجاد قوة عسكرية هجومية لم يسبق لها مثيل ويمكن أن تستخدم من أجل تخويف وإخضاع العدد المتنامي من المحرومين الذين تنتجهم عملية العولمة، وكذلك من أجل تخويف وإخضاع العدد المتنامي من المحرومين الذي تنتجهم عملية العولمة، وكذلك من أجل حماية المصالح التجارية والاستثمارات، وذلك بالطريقة ذاتها التي مارستها الأساطيل الحربية في أوقات سابقة، ولا يوجد أي سر في هذا. أما لماذا لم يظهر على الصفحات الأولى للصحف، كما يجب أن يكون، فذلك يعود إلى المؤسسات العقائدية التي لا ترغب في ذلك.
…إن استخدام قوة هائلة ضد أعداء بلا دفاع أمر له تأثير سلبي على الناس، ومن السهل العثور على سوابق تاريخية في هذا الشأن، من وجهة نظري، فقد كان النجاح العسكري متوقعا لأسباب لم نعد نناقشها منذ شهور وهي منشورة، لكن ما أدهشني حقا تمثل في أن رجال طالبان قاوموا كل هذا الوقت تحت قصف لا يصدق، والفظيع في هذا السياق والمثير للاهتمام أيضا يتمثل باعتبار النجاح في استخدام القوة غير المتكافئة كتبرير لتلك القوة، وهو أمر ليس فيه جديد كذلك.
يوجد في الإدارة الأمريكية وبين مفسري النخبة أيضا أفراد أكثر من مستعدين لاستغلال أي فرصة من أجل مهاجمة الدول الأخرى، طالما أن هذه الدول ليست قادرة على الدفاع عن نفسها وطالما يمكن تنفيذ الهجوم عن بعد وبلا قصاص. وفي المقابل، حاولت الحكومات الأوروبية كبح جماح تلك النزعات التي يخشاها عن حق، جانب كبير من العالم. وما يجري سوف يعتمد إلى حد كبير على الوضع الداخلي، وبالنسبة لأولئك الذين يقفون إلى جانب أعمال عنف جديدة، فإن المهمة بكاملها تنحصر في الحدث وليس بالتنظير له.
< بالطريقة ذاتها التي مثلت أحداث 11 من سبتمبر هدية للأجندة السياسية الخاصة ببوش وحملته الانتخابية. ألم تخدم الهجمات “الاستشهادية” الأخيرة في اسرائيل الحكومة الإسرائيلية من أجل تصعيد هجماتها ضد الفلسطينيين؟
> في جميع أنحاء العالم، أدركت الدول القمعية أن لديها الفرصة أيضا لتصعيد القمع والإرهاب تحت عنوان: “الحرب ضد الإرهاب”، وإسرائيل ليست حالة استثنائية في هذا الصدد، مثلما لاحظنا منذ 11 سبتمبر. ذلك أن “إرهاب” السكان جذوره مغروسة في اليأس والقنوط، وهذا يفسر الأمر، لكنه لا يبرره. فبالإضافة إلى أن هذه “الأعمال الإرهابية” فظيعة، فهي في الوقت نفسه هدية تقدم للعناصر الأكثر صرامة ووحشية في سلطة الاحتلال وحلفائها الأمريكيين.
المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي
عن موقع البيان الإمارتية بتصرف