إن الله عز وجل لا يحب الفساد في الأرض.
وهو سبحانه لا يحب الظلم وقد حرمه على نفسه وجعله بين عباده محرما.
وإنه جل وعلا لا يحب المستكبرين الطغاة المتجبرين في الأرض بغير الحق.
أما البغي والعدوان فهي من الأمور التي يبغضها الله تعالى أشد البغض.
لذلك لما آذى كعب بن الأشرف المسلمين بعد انتصارهم في بدر، حيث حرض المشركين على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ويشبب في أشعاره بنساء المؤمنين، وذهب بعد وقعة بدر إلى مكة وألب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، فقال عليه الصلاة والسلام (معلنا استباحة دمه) :
( من لي بابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله)
فقال له محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل : أنا لك يا رسول الله أنا أقتله، قال فافعل إن قدرت على ذلك. فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق به نفسه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له:
< لم تركت الطعام والشراب؟
< قال : قلت لك يا رسول الله قولا لا أدري هل أفي لك به أم لا؟
< فقال : إنما عليك بالجهد.
< قال : يا رسول الله إنه لا بد لنا من أن نقول؟
< قال : قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك.
فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان ابن سلامة وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل وكان أخا لكعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر أحد بني عبد الأشهل وأبو عبس بن جبر أحد بني حارثة. فجاء أبو نائلة وقال لكعب ابن الأشرف: إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني.
قال: أفعل .
قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء، عادتنا به العرب، ورمتنا عن قوس واحدة، وقلعت عنا، ضاع العيال، وجهدت الأنفس، وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا.
قال كعب: أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول.
فقال له سلكان: إني قد أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك ونحسن في ذلك.
فقال: أترهنوني أبناءكم.
قال: لقد أردت أن تفضحنا، إن معي أصحابا لي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك، ونرهنك في الحلقة ما فيه وفاء، وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاءوا بها.
قال: إن في الحلقة لوفاء.
فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا إليه فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم فقال انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم.
وانتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب في ملحفته فأخذت امرأته بناحيتها وقال إنك امرؤ محارب وإن أصحاب الحرب لا ينزلون الساعة قال إنه أبو نائلة لو وجدني نائما لما أيقظني. فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشر. قال: لو يدعى الفتى لطعنه لأجاب. فنزل فتحدث معهم ساعة وتحدثوا معه، وخرجوا يتماشون فمشوا ساعة ثم إن ابا نائلة شام يده فود رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليلة أعطر قط، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه ثم قال اضربوا عدو الله، فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا، قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي حين رأيت أسيافنا لا تغني شيئا فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا وقد أوقدت عليه نار قال فوضعته في ثنته ثم تحاملت حتى بلغت عانته فوقع عدو الله، وقد أصيب الحارث بن أوس فجرح في رأسه أو في رجله، أصابه بعض أسيافنا. فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله وتفل على جرح صاحبنا ورجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فليس بها يهودي إلا وهو يخاف على نفسه.
أيها المسلمون …
إن شارون وجنده قد آذوا الله ورسوله والمؤمنين، ولقد علا في الأرض بغير الحق وظلم واستكبر، وأفسد وبغى وتجبر. وإن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتف فينا اليوم … من لي بشارون فإنه قد آذى الله ورسوله والمؤمنين.
وإن روح محمد بن مسلمة وأصحابه المجاهدين لتتطلع شوقا لمن يلبي نداء النبي صلى الله عليه وسلم أنا لك يا رسول الله أنا أكفيك شارون. ليلحق بركب السابقين الأولين الذين استجابوا لله ورسوله.
واستبقوا الخيرات …
إن الخزرج لما رأوا أن الأوس قد سبقوهم بهذا الفضل أرادوا أن يلحقوا بهم، لذلك لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق (وكان يؤذي رسول الله ويبغي عليه، وكان ممن حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم) سارع الخزرج للاستجابة، وكان أميرهم عبدالله بن عتيك.
وكان أبو رافع في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال لهم عبدالله بن عتيك اجلسوا مكانكم فإني للبواب لعلي أدخل، حتى إذا دنا من الباب تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس، فهتف به: عبدالله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب، قال فدخلت وكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأقاليد على وتد، قال فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده في علالي فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقه من داخل فانتهيت إليه في بيت مظلم وسط عياله لا أدري من في البيت، قلت أبا رافع، قال من هذا؟ قال فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش فما أغنى شيئا وصاح فخرجت من البيت ومكثت غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت ما هذا أبا رافع؟ قال لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف. قال فأضربه فأثخنه ولم أقتله، قال ثم وضعت ضبيب السيف فيه حتى أخرجته من ظهره فعرفت أني قد قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة فوضعت رجلي وأنا أرى أني انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي قال فعصبتها بعمامتي ثم إني جلست عند الباب فقلت والله لا أبرح الليلة حتىأعلم أقتلته أم لا؟
قال فلما صاح الديك قام الناعي عليه على السور قال أنعى ابارافع رباح أهل الحجاز قال فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء قد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال ابسط رجلك فبسطتها فمسحها فكأنما لم أشتكها قط.
أيها المسلمون …
هكذا لبى الأصحاب نداء المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمن يلبي نداءه اليوم، وإن المجاهدين في فلسطين المحتلة يبذلون غاية جهدهم لإرضاء الله ورسوله، فيوقعون فيشارون وجنده ما يستحقون قدر وسعهم وطاقتهم، آملين الدعم والعون من إخوانهم المسلمين في العالم.
أيها القادة…
تذكروا أن شارون آذى الله ورسوله والمؤمنين، وأنه لا عهد لليهود ولا ميثاق، فاحفظوا وصية نبيكم وكونوا يدا واحدة، ولنردد معا …
أنا أكفيك شارون يا رسول الله وصل اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم
www.Palestine-info.info