بصراحة، تجاوزت شبكة غسل الدماغ اليومية >سي إن إن< CNN كل الحدود، لقد دفعت عملية الإرهاب والقتل الجماعي سي إن إن وآخرين إلى حالة عقلية تشبه حالة رجل عاد إلى منزله فوجد أن البيت قد نهب، فما كان منه إلا أن أخرج بندقيته متوجها إلى قطة الجيران ليصيبها بالنار ويقطعها إرباً. ولو أن زوجته كانت قد قالت : >هنري، إن هذه مجرد قطة الجيران<، لهددها الرجل الذي ذهب عقله من الغضب قائلاً : >لا تقفي في طريقي، وإلا فإنني سأضطر إلى قتلك أنت أيضاً<.
لقد فوجئت الولايات المتحدة بالهجوم الإجرامي الذي نفذته قوى مارقة تم توظيفها من داخل الولايات المتحدة، ولأنه لا توجد أي قوة خارجية تملك القدرة على أن تلحق بنا ما جرى، فإن الرأس المدبر المحتمل الوحيد القادر على تنفيذ ما وقع هو بعض القوى المارقة الخفية العاملة ضمن مؤسساتنا العسكرية-الأمنية. فهذا العنصر المارق السفاح هو اللص الذي يقبع في مكان ما من داخل الولايات المتحدة ويحضر لضربته التالية التي ينوي بالتأكيد تنفيذها قريباً.
علينا أن ندافع عن أنفسنا وعن أمتنا ضد هذا العنصر المارق، وأي شيء نفعله لإلقاء اللوم على قوى أجنبية لا تملك القدرة على تنظيم هجمة الثلاثاء، سيؤدي ببساطة إلى جعل أمتنا أكثر عرضة لخطر المارق الموجود بيننا الذي نفذ هذه الفعلة وهو يتربص للقيام بالمزيد.
فالمهووسون مثل منظمة سي إن إن يفضلون تقطيع القطة إرباً >من أجل الثأر< بدلا من حشد طاقات الأمة ضد العنصر المارق الموجود في الداخل. إن ما تعبر عنه >سي إن إن< هو ما يسمى بالمصطلح العسكري >الهروب إلى أمام<، الذي يصور الجندي الذي يرتعد خوفاً في خندقه وقد ملأ سرواله قذارة من شدة الخوف، لكنه ينطلق مغيراً نحو النار المنطلقة من المدفع الرشاش الذي يرمي منالخندق المعادي حتى >ينهي الأمر<.
لقد حان الوقت لأن نتأكد من أن مستشاري الرئيس بوش ممن يفضلون تقطيع أوصال الناس الأبرياء ذوي البشرة السمراء المغلوبين على أمرهم في أجزاء بعيدة من العالم. بدلا:ً من مواجهة الواقع القبيح المتمثل بوجود مصدر أذى آت من العنصر الإجرامي المتربص بين صفوفنا حيث يقبع مبتسما في انتظار توجيه ضربته التالية. هل أنت خائف من هذا العدو إلى درجة أنك تفضل أن تتظاهر بأنه غير موجود، بينما تحاول أن تنتقم بواسطة قتل ابن الجيران الذي يحمل مسدساً بلاستيكياً؟ هل أنت جاد في اعتبار نفسك إنساناً عاقلاً في هذه اللحظة؟
دعوا الجنرالات الحقيقيين الذين يتبعون تراث الجنرال دوجلاس ماك آرثر ليتولوا مهمة تقديم الاستشارات إلى الرئيس، وأعيدوا واضعي الاستراتيجيات المبتدئين من صنف >البرتقالة الآلية< إلى صناديقهم الفضفاضة، واتركوا المحترفين الجادين يطورون استراتيجية ناجحة وبرنامجاً للدفاع القومي.
مخاطر الانتقام
تشهد وقائع التاريخ بأن الحروب التي شُنّت بهدف >الانتقام< و>القصاص< هي من أغبى الحروب التي شنتها حكومة أو شعب ما. إن >ردة الفعل< لمثل هذه السياسات، خاصة عندما تنفذ تحت شعار الحرب الدينية، عادة ما تدمر الشعوب التي تشن مثل هذه السياسات.
لنتوقف عن التصرف بغباء الآن. تصو رعواقب استخدام الأسلحة النووية من أي حجم كانت ضد الشعوب التي اقترح السفاح الجماعي العتيد هنري كيسنجر اعتبارها أهدافاً للقصف. فوفقاً لمصادر موثوقة شاهدت كيسنجر على التلفزيون الألماني أثناء مشاركته في مؤتمر صحفي في مطار فرانكفورت، قام كيسنجر بتقديم قائمة تضم أفغانستان والعراق، وسورية، وليبيا (وربما دولاً أخرى) باعتبارها أهدافاً.
فكر على سبيل التغيير! واسأل نفسك : ماذا سيكون تأثير قصف كل أو أي من الأمم الواردة في هذه القائمة باستخدام أسلحة نووية مصغرة أو بدونها؟
تفحص هذه المسألة على خطوتين متتاليتين :
أولاً : استخدام قوة دمار شامل ضد الدول الموجودة على قائمة كيسنجر، باستخدام القصف النووي أو بدونه.
ثانياً : التأثير الخاص جداً الذي سينجم عن إدخال الأسلحة النووية في العملية.
إن العالم عموماً يتمنى ألا تسير الولايات المتحدة قدماً في طلب >القصاص< وتنفيذ عقوبات رهيبة ومستمرة بالأمم التي تم انتقاؤها عشوائياً لتصبح ضحية لتعطش >سي إن إن< للدماء، إن بقية دول العالم ستقبل بصمت بهذه الجرائم التي سترتكبها الولايات المتحدة، ليس رغبة منها، بل لأنها تخاف من أن تفعل أكثر من أن توجه الدعوات المؤدبة لضبط النفس، افترض أن الولايات المتحدة ستسير قدماً لتنفيذ اقتراحات كيسنجر، افترض أن الولايات المتحدة ستنجح في إلحاق الدمار البالغ بشعوب هذه الأمم المسكينة ذات البشرة السمراء، عندما يحدث ذلك، ماذا سيكون؟
في هذه الأثناء سينهار النظام المالي والنقدي العالمي الحالي نتيجة للسياسات الجارية للولايات المتحدة وأمم أخرى ذات تأثير كبير. المشكلة هنا هي أن الحمقى الموهومين في الولايات المتحدة لايزالون متمسكين بالإيمان الهستيري بأن الإجراءات الدكتاتورية للمؤسسات الحاكمة بإمكانها أن تنقذ هذا النظام. فالإيمان لن يحول القمر إلى جبن أخضر لذيذ.
خذ الاحتمال الثاني، وهو إدخال القصف بالأسلحة النووية. هنا يمكننا أن نقول >لا تذكر أبداً كلمة طبيب نفسي فيما بين المجانين<.
منذ هيروشيما وناجازاكي 1945م، وخاصة منذ أن نشر الداعية السلمي (كما كان هو يصور نفسه ويدعي) والمولع ولعاً جنونياً بالقصف النووي برتراند راسل نداءه لاستخدام ضربة نووية >وقائية< ضد الاتحاد السوفيتي في سبتمبر من عام 1946م، ومنذ أزمة الصواريخ عام 1962م، تم إرهاب العالم باستمرار بمجرد ذكر كلمة >نووي<. لقد صاغ أو شوه الخوف من هذه الكلمة مجرى السياسات والايديولوجيات العالمية.
وقد وصل الجنون ببعض الناس إلى درجة أنهم اقترحوا إزالة النواة المشؤومة من كل الذرات. فقد تم إغراق جميع نواحي السياسة والفكر الشعبي بالرغبة في كبت تأثيرات الانشطار والاندماج النووي في كل مكان وإلى الأبد.
بطبيعة الحال سيميل الناس العاجزون عن النظر بتمعن في عملياتهم العقلية، إلى غض النظر عن بعض الأشياء القابعة في الزجاجة التي تقيم فيها عملياتهم العقلية غير الواعية. إن استخدام الأسلحة النووية من أي نوع كان في الحروب، خاصة إذا استخدمت لاستهداف أمم بأكملها وتوجيه ضربات ساحقة ضدها، سيؤدي إلى إطلاق المارد المنتظر من القمقم فويل للذي سيتهم بإطلاق ذلك المارد ضد الكوكب.
المشكلة هي أن هنالك عدداً قليلاً جداً من الأشخاص على سطح هذا الكوكب اليوم، خاصة في بلدي، ممن لديهم المعرفة والشجاعة ليقولوا الحقيقة حول مثل هذه الأمور. هذا هو السبب في كوني قائداً بين المشاهير في بلدي، بينما الآخرون الذين يتظاهرون أو حتى أنهم انتخبوا لذلك ليسوا قادة في هذا البلد.
أما فيما يخص الأزمة النقدية والمالية العالمية الحالية، التي تشكل البيئة التي وقع فيها ما وقع يوم الثلاثاء، فقد حذرتكم منها وقد رفض العديد منكم تحذيراتي ومن ضمنكم المرشحون الرئيسون لانتخابات عام 2000م للرئاسة. لقد كنتم على خطأ، وكانوا مخطئين بشكل فظيع. أما الوحش الذي كنت أحذر منه آنذاك فقد جاء إلى هنا الآن. إنني أعرف كيف يمكننا أن نصل إلى بر الأمان من هذا البحر المتلاطم للأزمة المالية والنقدية. إنني لا أعرف من هي العناصر المارقة الخائنة التي فعلت ما فعلت، لكنني أعرف أن بإمكاننا أن نهزمها إذا عدنا إلى رشدنا بسرعة كافية. كن شجاعاً. توقف عن السعي إلى الانتقام ممن ثبت أن لا ذنب لهم في أي جريمة. واجه الواقع الذي لم تكن تملك من الشجاعة ما يكفي لمواجهته من قبل. بعد ذلك، سنقوم معاً ببناء هذه الأمة وإخراجها من الكابوس المريع.
إن بإمكاني تقديم الاقتراحات. أما ما ستفعله أنت باقتراحاتي فهو شأنك.
فبإمكانك أن ترفض تحذيراتي، لكنك لن تتمكن من الهروب من عواقب حماقتك.
وكخطوة أولى أطفئ قناة سي إن إن!.
ليندون لاروش(ü)
——–
(ü) اقتصادي أمريكي ومرشح ديموقراطي للرئاسة الأمريكية 2004م.
المجتمع ع 01/12/1
عنوانه الالكتروني : www.larouchein2004.net