حينما حضر ممثلو بعض الفصائل الأفغانية في بون بألمانيا قصد التآ مر على مستقبل أفغانستان، وبدأ اسم حميد كرزاي يتردد على ألسنة وسائل الإعلام، أشارت بعض هذه الوسائل وهي تستعرض حياة حميد كرزاي، بأنه كان مرشحاً للانضمام إلى حكومة طالبان، أو على الأقل إلى تمثيلها في الأمم المتحدة، لولا أن طالبان عدلت عن الأمر في نهاية الأمر لأن حميد كرزاي لم يكن ملتحيا آنذاك، وأنه رفض إطلاق لحيته!!.
هذا ما رددته بعض وسائل الإعلام ناظرة إلى المسألة بشكل سطحي، معتقدة بجهل أو تجاهل أو سخرية أن المسؤولين في طالبان كانوا ينظرون إلى الأشكال، والمظاهر وأن كل ذي لحية مقرب عندهم، وكل حليق مبعد حتى وإن كان أتقى التقاة وأعبد العباد وأخلص المخلصين في خدمة الوطن، ناسين أو متناسين أنه لو كان الأمر يتعلق باللحية، لكان أتباع طالبان جيشا من المرتزقة والعملاء والخونة الذين سيبادرون عند أول إشارة إلى تقديم رأس الملا عمر ورأس ابن لادن على طبق من ذهب إلى الولايات المتحدة.
وإذا جاز القياس على هذا التحليل فإن مؤتمر بون وبعد أن انقلبت الكفة- اختار حميد كرزاي الحليق اللحية (سابقا) رئيساً للحكومة الانتقالية، وربما لحكومات أخرى على مدى الحياة بدل رباني الملتحي الذي كان (سابقا) الرئيس الشرعي للبلاد، ولحكومة انتقالية أيضا، لكن يبدو أن لحية رباني التي تحمل عبق الجهاد ضد الروس الغزاة وثقل إخلاص ماض قديم لشعب أبي وملامح مسلم كان غيوراً على دينه ووطنه، هذه اللحية بهذه الصفات حالت بينه وبين رئاسة أفغانستان. وبذلك فضل المؤتمر لحية كرزاي، لأنها جديدة لم تصب بغبار الجهاد، ولم “تدنس” بمعارك التحرير.
والغريب أن رباني لم يشفع له ما قام به من تهافت في الشهور الأخيرة من استقباله لبوتن وتأييده للتدخل الأمريكي في أفغانستان، فوقّع بذلك نهاية لا تليق بمجاهد كبير. ولذلك لم يُسمع لكلامه أي صدى حينما انتقد الحكومة الحالية بأنها لا تمثل المجاهدين في أفغانستان. وأي انتقاد وأي عزة وأي كرامة وأي جهاد، لمن تنازل عن أهم مبادئ الجهاد.
نسأل الله تعالى للجميع حسن الخاتمة، آمين.
> د. عبد الرحيم بلحاج