مجرد رأي: جُحود..


قرأت لكم مقالا بمجلة TIMES الأمريكية عدد (12 نونبر)  يقطر حقدا وغلا على الإسلام وأهله، وفي الواقع لم يدم استغرابي طويلا إذ ما إن أتيت على نهاية المقال حتى علمت أن موقعيه هم صحافيان أمريكيان من اليهود ففقهت المقصود!!

المقالة تتهم المسلمين والعرب كالعادة بالتعصب والجمود والتحريض على الإرهاب و كراهية السامية والأمريكان..

أما عن الجحود فالصحفيان يلومان العرب والمسلمين على نسيانهم لفضائل أمريكا وأياديها البيضاء عليهم وقد أنقذتهم مرات عديدة وضحت بأبنائها من أجلهم :

< فعلت أمريكا ذلك في حرب الخليج حيث تدخلت بكل قواها وقواعدها العسكرية لتحرير الكويت وتجنيب وحماية كل المنطقة من الخطر الداهم لصدام!

< وفعلت أمريكا ذلك كذلك وبتنسيق مع الحلف الأطلسي فدكّت حصون الصِّرب لانقاذ المسلمين هناك من المذابح والمجازر المقامة ضددهم!!.

< وفعلت ذلك كذلك في كوسوفو من أجل عيون المسلمين..!!

وها هي الآن تقوم بنفس المساعي لتجنيب المسلمين خطر الإرهاب المتمثل حصريا في طالبان وتنظيم القاعدة…؟!

والحقيقة أنها تشن هذها لحرب الظالمة من أجل حماية ما تعتبره مصالحها الحيوية في المنطقة. أما مصالم أمريكا الحيوية في المنطقة فتتلخّص في أمرين هامين :

أ- ضمان تدفق النفط الخليجي من المنابع الغنية في المنطقة وهو ما يسمونه عندهم بالمياه الدافئة.

ب- الحفاظ على أمن واستقرار اسرائيل “المسكينة” خاصة وقد وُجدت في بحر لُجِّيٍّ يحيط بها العرب والمسلمون من كل جانب، حتى أنها أصبحت بينهم كالحمل الوديع بين ذئاب كاسرة!!

من أجل هذا إذن تدخّلت أمريكا في المنطقة! وما أسطورة صدّام واحتلال الكويتومحاربة الإرهاب إلا ذريعة دبِّرت بليل تظافر فيها الدهاء والمكر الأمريكي والبلادة العربية.. فكانت النتيجة مزيداً من التشرذم والانقسام في الصف العربي والإسلامي..

أما عن التدخل الأمريكي لإنقاذ مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفو فيما بعد، فقد حدث بعد فوات الأوان بكثير وبعد أن شبع الصرب ذبحا وتقتيلا وتنكيلا بالمسلمين هناك لم يبق لديهم ما يذبحون تقريباً!! وما القبور الجماعية التي ما زال المحققون  يعثرون عليها يوميا إلا دليلاً على بشاعة المجازر التي أُقيمت ضد المسلمين العزّل هناك..

عندها فقط تدخّلت أمريكا بعتادها وعُدتها حفاظاً على هيبتها وكبريائها في العالم، خاصة وقد بدأت الاحتجاجات ترتفع في بلاد الغرب ذاته مستنكرة سكوت ولا مبالاة المنظمات الدولية على المجازر التي أقامها الصرب في المنطقة.. فحكّام الغرب وعلى رأسهم أمريكا كانوا دائما ضد التواجد الإسلامي الرسمي فوق أراضيهم وكانت ابادة المسلمين تصب في نهاية المطاف في مصالحهم ولهذا كان الرئيس الفرنسي الراحل (Francois Miteran) يقول : “إننا لا نرغب ولن نسمح بقيام دولة أصولية بين ظهرانينا”.

فلو صدقت الإدارة الأمريكية مع نفسها وصارحت شعبها ووقفت بكل جرأة على أسباب الكراهية ضدها في العالم خاصة من طرف المستضعفين في الأرض من مسلمين وعرب وغيرهم، لو فعلت أمريكا ذلك لعلمت علم اليقين أن أسباب هذه الكراهية والتي غذّت ظاهرة الإرهاب تكمن في ثلاثة أمور :

1- دعمها الامشروط واللامحدود لإسرائيل على حساب الحق الإسلامي والشعب الفلسطيني المنكوب وضدا على كل الأعراف والمواثيق الدولية.

2- دعمها الامحدود أيضا لبعض الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي وتشجيعها بكل الوسائل لتكميم الأفواه الحرة وتضييق الحريات العامة خاصة على الحركات الإسلامية والوطنية الصادقة.. والتي أصبحت شعوب المنطقة تراهن عليها أكثر من غيرها، فكان من نتائج هذا الكبت والتضييق للحريات فرار العديد من القادة والجماعات الإسلامية حتى المعتدلة منها إلى بلاد أكثر أمنا وعدلا واستقراراً، والحقيقة أنها كانت فعلا كذلك قبل 11 شتنبر الماضي..

3- تشجيع وترويج كل ما يسيء للإسلام وأهله من كتابات وسخافات حتى بات العديد من مرتزقة الفكر وأدعياء الثقافة والنّكرات في عالم الكتابة والتأليف عندنا يلجؤون إلى سبّ الإسلام والاستهزاء بقيمه السامية طمعاً في الحصول على تأشيرات مرور ومزايا كثيرة وتسهيلات متعددة ومنابر وإعلام لنفث سمومهم وتفريغ مكبوتاتهم وحقدهم ضد قيم ومبادئ الإسلام وأهله.. وهو الأمر الذي بات يحضى بدعم سخي من الجهات الغربية المشبوهة وهو ما أجّج وما يزال موجات الكراهية ضد الغرب عامة وأمريكا على وجه الخصوص، وما لم تكف الأجهزة الغربية عن تشجيع كل معتوه على التطاول على قيم هذه الأمة، فلن تزيد نار الكراهية والحقد ضدها إلا اشتعالا.

وما لم تعالج أسباب الكراهية وما يستتبعها من أعمال إرهاب فلن ينعم أحد بالاستقرار والأمن فوق هذه الأرض.

ذ. عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>