هو ذات الاحساس الذي سيطر على أغلبنا، صدمة، فذهول وذعر ثم عدم تصديق. أن الأقدار أتاحت لنا أن نكون شهودا على واحد من أكبر الأحداث التي ستطبع الى الأبد تاريخ البشرية، وعلى قدر حجم الحدث كان حجم الدوخة. وما :أن تهاوت أمامنا البنايتان التوأم، وانضاف الى هذا ضرب قلب رمز القوة في العالم “البنتاغون”، حتى تهاوت كذلك أسطورة القوة العظمى، ومن وسط الأم الذي كان يعتصر القلب عند استحضار آلاف الأطفال والمدنيين من ضحايا حادث الطائرات الأربع الكامكازية، كان يخرج ا ستنتاج وصل عند البعض إلى شبه ارتياح من أن بلد الحرية الأول نسي لعقود مبدأ العدالة والانصاف في العلاقات الدولية، فكان أن وقع ما سيجعله يراجع دفاتره، ما دام أن ربابنة الطائرات الانتحارية لم يكونوا سوى السياسة الأمريكية.
علاقتنا مع ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء المنصرم، هي علاقة مختلفة، فنحن عرب ولنا قرابة القضية مع قلب مشاكل القرن العرين وبؤرة الخطر على مستقبل كوكبنا وهي الشرق الأوسط ونحن مسلمون ونتقاسم مع مسلمي العالم التهمة الاسرائيلو.. أمريكية بكونننا مشبوهين عنيفين ارهابيين الى أن يثبت العكس. وقد لحقنا من أمريكا ما جعل شارعنا يعتبرها “عدوة الشعوب” في الوقت الذي تعتبر الصديقة الحميمية للأنظمة الحكيمة”. ولا شك أن الواحد منا، وهو يتابع هول يوم القيامة وقلب نيويورك وواشنطن يهتز، كان يتذكر الصواريخ الذكية وطائرات الأباتشي وصواريخ طوماهوك ووجه شوازكوف الدبي وطائرات الفونتوم و آلاف سحنات أطفال ا لعراق الذين يلتحقون بالرفيق الأعلى بسبب حبة دواء ومئات الفلسطينيين الذي يقتلون كالذباب لسبب واحد، هو أنهم تنازلوا وقبلوا تقاسم أرضهم مع اسرائيل.
لاشك أننا كنا نتذكر كيف احتقرت أمريكا العالم في جنوب إفريقيا، واستخفت بمؤتمر دوربان وأب مؤتمر دوربا، وكيف وقفت دول الحرية والديمقراطية من أوربا إلى جانب أمريكا ضد باقي العالم وهي تدافع عن العنصرية إذا تعلق الأمر بحماية صنيعتها في القتل والذبح، اسرائيل.
كنا مذعورين لهول ما أصاب الشعب الأمريكي، ولكننا كنا نرى كيف يمكن لسياسة بلد مبنية على العنف أن تجني العنف الأكثر عمى وكيف أن الذي يزرع “الغمّة” في صدور المضطهدين والمقصيين والمظلومين والمدفوعين للجحيم، لابد أن يحصد أسوأ الجرائم التي يمكن أن يفكر فيها انسان.
دعوني أعبر لكم عن خطارة خاصة خرجت من كل خواطري السابق نشازا، فقد تذكرت المنبطحين لأمريكا من حكامنا، وتخيلت كيف ستكون أمعاؤهم تتلوى من فرط الخوف، لقد وصلتهم الرسالة، لا أحد في مأمن اليوم من العنف الأعمى الذي تولده العجرفة والأنانية السياسية والاستبداد والتسلط وهدر الكرامة الانسانية.
نور الدين مفتاح (جريدة الأيام عدد 2)