إن الدعاة إلى الله في طريق دعوتهم إنما هُم في تجارة مع الله، قد أبرموا عقدها وأتموا صفقتها، فلا يقيلون ولا يستقيلون : {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفُسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبْشِروا ببيْعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}(التوبة : 111).
إن التاجر الحاذق يتحين الفرص لينتهزها، بل ويشحذ فكره ويبذل جهده لإيجاد هذه الفرص وبعثها من بين ركام الصفقات اليومية. إن سمو البيع وقدسية الصفقة التي أبرم عقدها كل داعية الى الله، لتحتم عليه أن يكون على الغاية من إعمال الفكر وبذل الوسع وانتهاز الفرص ليحقق أعظم المكاسب، فيسعد في الدنيا والآخرة.
وأن أنبياء الله ورسله، عليهم صلوات الله وسلامه، كانوا أصحاب السبق في ذلك، فهذا نوح عليه الصلاة والسلام جرب كل الطرق وحاول بكل الوسائل المتاحة لإبلاغ الدعوة. قال تعالى : {قال ربّ إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فرارا}(نوح : 5- 6).
فلابد إذن من طرق كل الوسائل المشروعة، وانتهاز كل الوسائل المتاحة لأداء مهمة البلاغ، ولدعم الانتشار الأفقي لهذه الدعوة في انسياب كانسياب الماء، ما إن يعترضه حاجز إلا ويلتف حوله متابعا سيله حتى يبلغ مستقره.
ولتحقيق ذلك فإننا بحاجة إلى طائفة توقف حركتها “الميكانيكية” وتنتصب قائمة، دافعة الرأس وسط جموع العاملين، بل وحبذا لو ارتقت عاليا لتنظر الى أفق أوسع وتحيط بنظرتها ميدان العاملين لتؤدي مهمة ا ستكشافية تيسر السبل لتحديد الغرض فتستعد لاقتناصها، وتعرف الامكانيات فترتب لاستغلالها.
إن ما يستجد من سوانح الفرص يجب أن يستغل لأنها تمر مر السحاب؛ وقليل من يرتوي بمائها.
< عبد الخالق العواد