الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد المعترف له بالنعمة و نشكره جل و علا شكر المقر له بالفضل، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.
و نشهد أنه الله المالك في ملكه، المتفـرد في جلاله جعل من فرائضه الجهادَ في سبيله فقال : {انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}.
و نشهد أن سيدنا و حبيبنا و إمامنا محمدا رسول الله، حذّر من ترك الجهاد في سبيل الله فقال : >مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَغْزُ وَ لَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِغَزْوٍ مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ نِفَاقٍ<.
ثم بيَّن طرق الجهاد لمن لا يستطيع الخروج للقتال فقال فيما يرويه الشيخان عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ : >مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَ مَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ فَقَدْ غَزَا<.
عباد الله :
لا نستطيع أن نصم آذاننا و لا أن نغمض أعيننا و لا أن نغلق عقولنا و لا أن نكمم أفواهنا عما يجري في القدس الشريف.. إننا نحتاج للكلام عن ما يقع في فلسطين من تقتيل و تشريد لأبناء المسلمين من قِبَلِ شرذمة ملعونة لا يجرأ أحد على التنديد الصريح بما تفعل.. حتى أوروبا التي تتشدق بكونها تحترم حقوق الإنسان خجولة في تصريحاتها.. أما أمريكا المساند الرسمي للعدوان الصهيوني فتكتفي بالقول إنها منزعجة و كفى! و أما إخواننا الفلسطينيون فيطالبون بالحماية الدولية لأنهم يئسوا من حماية إخوانهم… لماذا؟ لأن إخوانهم أصبحوا هم أنفسهم يطلبونها لهم من عدوهم و لأنهم كذلك وضعوا السلاح و سلموا أمرهم للعدو عوض أن يتكلوا على الله سبحانه و تعالى الذي يقول : {ومن يتوكل على الله فهو حسبه.. إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا}.
إن القدس المسلمة عباد الله مهددة بالزوال على مرأى و مسمع من العالم.. و لا أحد يحرك ساكنا.. لا بد أيها الإخوة أن يهب الجميع للوقوف أمام هذا الخطر المحدق بها و بنا.. لا بد أن يكتب الكتاب.. لا بد أن يتحدث الخطباء.. لا بد أن يبدع الشعراء.. و لا بد أن يتحرك المجاهدون.. لا بد.. لا بد أن تسير المسيرات.. و لا بد أن يتبرع المسلمون لإخوانهم الفلسطينيين ليصمدوا أمام الزحف الصهيوني الماكر..
لا بد أيها الإخوة المؤمنون.. لا بد أن نفعل شيئا؛ أي شيء و أن لا نسكت عن ما يجري في فلسطين.
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}.
أيها الناس، إن المسجد الأقصى يضيع من بين أيدينا و نحن صامتون متفرجون!! إن إخواننا في فلسطين يعيشون تحت ضغط الحصار كل يوم أكثر!! أطفالهم تقتل.. أليس لدينا مرصد وطني لحقوق الطفل؟ حرمتهم تنتهك.. شعبهم يباد.. فأين أمةُ الإسلام؟ أين العرب؟ أين من سيبيع نفسه لله؟.. أين عمر بن الخطاب و أين أبو عبيدة بن الجراح وأين صلاح الدين الأيوبي؟ أين من ينادي “وا معتصماه” و أين من يجيب؟ أو عجزت نساؤنا أن يلدن مثل هؤلاء؟ اللهم إليك الشكوى و لا حول و لا قوة إلا بك..
طغيان الصهاينة عباد الله لا يمكن أن يقاوَم إلا بالقوة و الجهاد.. لقد مضى على انتفاضة الأقصى 8 أشهر استشهد فيها المئات من الشبان و الأطفال و الرضع و لا أحد يتكلم عن محاكمة مجرمي الحرب الذين لا يرقبون في مؤمن إلاًّ و لا ذمة.. لماذا السكوت؟ لماذا الخذلان؟ لماذا التقاعس؟ وديننا دين القوة و الحسم : {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار و ليجدوا فيكم غلظة و اعلموا أن الله مع المتقين}.
كيف يستساغ أيها الأحبة أن يهود تقول و تفعل و تنفذ.. و حكومة يهود تهدد و تقتل و تتغطرس.. و المسلمون متفرجون لا يهبون لنجدة إخوانهم؟ إن ما يحدث في القدس خطير و خطير جدا و لا ينبغي للمسلمين أن يستمروا على سكوتهم هذا، بل يجب أن يعلنوا للعالم أنهم لم يعودوا قطيعا من الأغنام تساق كما يراد لها.. لا بد أن يقولوا بملء الأفواه: لا لليهود، لا لإسرائيل، لا لمن يعين إسرائيل و لا لمن يساند إسرائيل.. كفانا من المحاباة.. كفانا من سوء التوكل على الله.. كفانا من تأليه أمريكا و الغرب فقد سئمنا كل هذا و أصبحنا نتطلع لغد جديد.. فحي على الجهاد.. و حي على الأخذ بالأسباب :
{فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد و إما فداء حتى تضع الحرب أوزارها، ذلك و لو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض و الذين قاتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم، سيهديهم ويصلح بالهم و يدخلهم الجنة عرفها لهم}.
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم}.
صحيح أنه ليست لنا ترسانة نووية و لا نملك من الأسلحة ما تملكه إسرائيل، و لكننا نملك الحق.. و الحق هو الأقوى ما إن تمسك صاحبه بعراه و لم يتنازل عنه.. فساعتها يتحقق النصر بإذن الله : {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.
ثم صحيح أن ثمة ظروف تفرض علينا التفاوض.. لكن هل يعني هذا أننا سنفرط في شبر واحد من أرضنا.. لا ثم لا.. فكما عقد النبي ( هدنة مع قريش و مع اليهود ذاتهم، ريثما تقوى شوكته، فإننا سنفاوض كذلك و لكننا لن نستسلم و لن نتنازل و لن نعترف بأن الأرض المغتصبة حق و ملك لليهود الغاصبين.. إننا معشر المسلمين في كافة بقاع الأرض مسئولون عن استرداد فلسطين و القدس الشريف.. و لا سبيل إلى ذلك إلا إذا تيقَّنا أن يهود أهلُ مكر و خداع، لا ينبغي أن نثق بهم و لا بسلامهم و لا بوعودهم لأنهم لا يلبثون فيرجعون عن عهودهم.
{إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون، الذين عاهدتمنهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة و هم لا يتقون}.
معشر المؤمنين و المؤمنات إن قوة المسلمين تكمن في عمق إيمانهم و حفاظهم على وحدتهم لأن أكثر ما يخافه العدو أن يتوحد المسلمون وفقا لأمر الله : {واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا}.
ووفقا لنصيحة رسول الله : >الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا<.
نسأل الله تعالى أن يجعلني و إياكم من المؤمنين الصادقين و يرحم الله عبدا قال آمين.
üüüüüü
الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين. و بعد، فلا زال إخواننا في فلسطين صامدين.. أفيحق لنا و نحن ننعم بالسلم و الأمن أن ننقطع عن الحديث عنهم و عن القدس الشريف؟
إن قضية فلسطين هي أول قضايانا في هذا الزمان.. فمن الواجب أن نتحدث عن القدس و هي تتعرض لمخطط صهيوني يهدف إلى إزالة صبغتها الإسلامية بتكثيف عملية الاستيطان و تشديد الخناق على المسلمين لحملهم على الهروب لا ذنب لهم في ذلك إلا أن يقولوا ربنا الله.. فأين المسلمون؟ إنهم يلهثون وراء سراب السلام.. سلام زائف لا يعدو أن يكون : {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً و وجد الله عنده فوفّاه حسابه}.
أتُرى هل هناك حل لهذه المشكلة؟ اللهم نعم: إنه الجهاد.. إنها الانتفاضة.. إنه الاعتماد على الله.. فكونوا رحمكم الله ممن يتفاعل مع الانتفاضة.. فالشعب الفلسطيني لم يمت و لم يستكن، بل ينتظر منكم المساندة! و إننا من أعلى هذا المكان الطاهر نطالب الأمة جمعاء بأن تؤيد الانتفاضة و تشد أزرها و تسند ظهرها و تقف بجوارها.. فيا ليت أبوابا للمجاهدين تفتح و يا ليت صناديق للتبرعات تصل و يا ليت برامج للتوعية تذاع! علينا أن نساند الانتفاضة بكل ما نملك.. بالمال و الجهد و الفكر فمن لم يجد فبالدعاء في صلاته و قنوته و كل أحواله و ذلك أضعف الإيمان.. إن الله تعالى قد أعلم رسوله ( أن أرض الأقصى ستتعرض للاحتلال و أن على المسلمين أن يرابطوا بها فيجاهدوا الأعداء ليطردوهم منها.. روى الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي ( أن النبي ( قال: >لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لِعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كَذَلِكَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَ أَيْنَ هُمْ؟ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ أَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس<.
لا ينبغي إذاً أن نقعد؛ و لا يجوز أن تأخذنا ببني صهيون الرأفة و الرحمة ما داموا قد أعلنوا الحرب علينا.. بل يجب أن نشنها حربا شاملة، و خاصة فيما يعنينا نحن البعيدين جغرافيا عنهم و ذلك بالمقاطعة لكل أشكال التطبيع مع هذا الكيان السرطاني الذي زرعه الغرب في جسم الأمة ليثقل به كاهلها و يقضي به على قوتها فيستمر في استنزاف خيراتها.. بالمقاطعة أيها الناس نستطيع أن نسترجع الحقوق.. كل الحقوق.. فلا حاجة لنا بسلام زائف إذا كان ذلك على حساب كرامتنا.. و لا حاجة لنا بسلام كاذب ما دام العدو يصر على قتالنا و يتمادى في عدائه لنا.. لأن الله تعالى ينهانا عن ذلك.
{إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، و من يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}.
المطلوب منا أيها الإخوة المؤمنون أن نستميت في الجهاد و ألا نجنح للسلم حتى ندعى إليه دعوة صادقة، بل حتى يتحقق النصر أو نموت دونه:
{قاتلوهم، يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم وينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم}.
إن بني صهيون لا يسمعون للاحتجاجات و لا يلقون بالا للاستنكارات ما داموا هم الأقوى عسكريا و ما دامت تؤيدهم أمريكا بالمال و السلاح و الفيتو..
إنهم لا يفهمون إلا لغة واحدة.. لغة القوة و الترهيب وقذف الرعب في القلوب. و الحمد لله فهذه الأمة لا تخلوا من رجال صادقين.. أولئك الشباب ذوي الأحزمة الناسفة الذين يضحون بأنفسهم في سبيل دينهم و وطنهم و من أجل أن يُسمعوا العالم صوت قضيتهم.. أولئك الذين يستشهدون في سبيل الله و هم يُنشِدون و “لست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي” هؤلاء الذين تسمى عملياتهم انتحارية و ليست كذلك.. إنها فرية.. بل هي بطولات استشهادية.. هؤلاء هم أمل هذه الأمة.. هم موضع رجاءها لأنهم هم الذين يستطيعون أن يُسمعوا إسرائيل صوت الحق و كلمة الحق بقذف الرعب في قلوب أبناء إسرائيل عملا بقوله تعالى :
{ترهبون به عدو الله و عدوكم}
فهلا استطاع شبابنا المغربي، على الأقل إن لم يرق إلى مستوى التضحية بالنفس، أن يجاهد نفسه بترك الشهوات و مقاطعة و مقاومة التطبيع بكل أشكاله،سياسياً و ثقافياً و اقتصادياً و اجتماعياً و سياحيا.. فرحم الله زمانا كان فيه آباؤنا و هم شباب لا يرضون لأنفسهم المرور تحت ظل علم المستعمر حتى أصبحنا اليوم نحرص على أن ننهل من معينه فنأكل الأكلة السريعة من صحنه و نشرب الشربة الضارة من علبته و لا حول و لا قوة إلا بالله العي العظيم..
اللهم ارحم شهداء فلسطين و اشف الجرحى الذين سقطوا في فلسطين و حي الذين التحموا مع أبناء فلسطين فأطلقوا النار في وجه أعداء فلسطين.
اللهم أكرمنا و لا تهنا و أعنا و لا تعن علينا و أعطنا و لا تحرمنا و زدنا و لا تنقصنا و آثرنا و لا تؤثر علينا، و ارض عنا يا رب العالمين.
—-
(ü) الدكتور الأستاذ محمد حسين الغربي أستاذ الغدد والسكري بكلية الطب جامعة محمد الخامس وخطيب جامع بدر بأگدال وواعظ بهذا المسجد وغيره، حافظ لكتاب الله ومطلع على العلوم الإسلامية والشرعية.
نموذج للطبيب المسلم يذكرنا بابن رشد وغيره.
< د.محمد الحسن الغربي(ü)