قد تكون أصوات مدوية نادت، وأقلام سيّالة صبت حبرها في مجرى موضوع التقليد الأعمى للغرب غيرما مرة، لتناوله بالنقد والتحليل، بحثت عن دوافعه وأسبابه، ارتقبت نتائجه، عملت على إ يجاد البديل لهذه الفاجعة الاجتماعية التي صارت انعكاساتها السلبية على المجتمع تظهر مع مرِّ الزمن.
قال تعالى : {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}(الفرقان : 43، 44). هذه هي وضعية نخبنا الفكرية، فتنتهم الحضارة الغربية فارتموا في أحضانها بكل ثقلهم، يلتهمون كل ما أتت به من زخرف الثقافة و”بديع” الأفكار وفنون الترف وألوان المجون المخدرة لعقول النخبة ليفتنوهم عن هويتهم الدينية والثقافية والفكرية. و لقد استقبل شبابنا الغرب بعبادة فكره، مؤمنين بأنه هو الأمثل لحياتهم والأشبع لرغباتهم والملبي لنزواتهم وغرائزهم، ضاربين عرض الحائط كل القيم والمبادئ والأخلاق الاجتماعية التي تميز الإنسان عن الحيوان، مختارين التردي والاباحية! تمسح بهم أزقة الفجور، وتزج بهم في كهوف العار وأغوار الجهل، وتغرق أنفسهم في وحل الشهوات. لاوقت للتفكير لديهم ليتدبروا آيات الله تعالى في الآفاق وفي أنفسهم، لكي يعلموا لماذا خلق الله تعالى الإنسان؟ ومم خلقه الله؟ وما مهمة الإنسان في الحياة؟ أخلق لأجل اللهو والعبث؟ أخلق لأجل عمارة الأرض فقط؟ أم خلق لأجل عبادة الله تعالى وحده؟
أفلم يتدبروا قول الله عز وجل : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}(الذاريات : 56) هذه هي الغاية العظمى والهدف الأسمى الذي من أجله خلق الله تعالى الإنسان، هو عبادة الله وحده، وليس عبادة الشهوات والملذات التي تأمر بها النفس الأمّارة بالسوء، وعبادة الفكر الغربي أفضع من عبادة هوى النفس. فأين الغرب من فكرنا وثقافتنا وحضارتنا؟!
نادينا وننادي شبابنا إلى الإقلاع والعزوف عن مظاهر التقليد الأعمى للغرب، والتشبت بفكره وثقافته الأصيلة التي لا مفر منها إلا إليها.
ولا تكونوا كالذين قال فيهم تبارك وتعالى في سورة الحشر الآية 19 : {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}.
عبد الناصر فالشو