… إن الانتصار الباهر الذي حققتهُ المقاومة الاسلامية لحزب الله، على العدو الصهيوني الذي خرج مدحورا مهانا من جنوب لبنان بعد 22 سنة من الاحتلال كان من أروع الملاحم الجهادية في العصر الحديث واستطاع أن يُسقط مقولتي “إسرائيل العظمى وإسرائيل التي لا تهزم”.. هذه الملحمة وما تلاها من انتصارات ومواقف بطولية لحزب الله خاصة أمينه العام حسن نصر الله شكَّلت وقودا مباركا عمل على تأجيج الشارع العربي والاسلامي ونفخ روحا جهادية في انتفاضة الأقصى المباركة التي أعادت بدورها الثقة والدفء في الشعوب العربية والاسلامية بعدما كادت تستسلم لليأس على إيقاع مسلسلات السلام الفارغة، بالرغم من محاولات عديدة لبعثها من رماد ونفخ الروح فيها من جديد. وقد ظل الرئيس الأمريكي كلينتون يسابق عقارب الساعة لفعل شىء ما يُحسب له ولحزبه قبل مغادرته للبيت الأبيض في الأيام القليلة القادمة.. وللرجل عذره في ذلك؛ على الأقل يريد أن يخرج بورقة توت تستر سوأته بعد أيامه الحافلة بالفضائح.
باراك بدوره كان يحاول جاهداً إنقاذ حكومته المهترأة من السقوط والخروج من المأزق الذي أخذ يضيق عليه كل يوم وهو بين سندان المقاومة المباركة ومطرقة الأحزاب الدينية التي تطالب بالمزيد من الخوف من حاخامات هذه الأحزاب باستصدار فتوى تُحل دمه كما فعلوا مع رابين من قبله.
تبقى السلطة وزعيمها الأخ أبو عمار بدون مسوّغ لا نقلي ولا عقلي على مجاراة الإثنين في حرصهما المحموم للعودة لطاولة المفاوضات. والانجرار وراء الأمريكان والصهاينة والمنبطحين من أبناء جلدتنا، فهؤلاء شياطين ولا يجاريهم أحد إلا وأوقعوه في شراكهم، فيتبرؤون منه كما سيتبرأ إبليس من أتباعه يوم القيامة.. على الأخ أبو عمار أن يُشرك الاخوان في حركة فتح والمقاومة والجهاد وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية المخلصة في اتخاذ أي قرار. فلدى هؤلاء ما يكفي من الخبرة والنية الخالصة والعزم ليُزيلوا الاحتلال من على أرض فلسطين…
على الرئيس الفلسطيني أن يدعو إلى وحدة وطنية حقيقية لا مغشوشة تقوم على التعاون والتنسيق والثقة المتبادلة.. فبهذه الوحدة فقط سوف يندحر العدو ويولي الدبر كما ولاه من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة المخلصة، فالعدو لا يخشى شيئا أكثر من خشيته لمثل هذه الوحدة الفلسطينية. ولذلك فهو يعمل جاهداً على تمزيقها وإفشالها فتذهب ريحها وهذا ما تحرص القوى الاسلامية في البلاد على ألاّ يحدث بالرغم من المضايقات التي تتعرض لها من قبل السلطة الفلسطينية ورجالها..
إن تجريد شباب القوى الاسلامية من أسلحتها وملاحقتهم لن يخدم في النهاية سوى هدف الصهاينة المدججين بالسلاح. فمدافع العدو وأسلحته الفتاكة لا تفرق بين رجال السلطة الفلسطينية وحرسها وبين الشباب الفلسطيني على اختلاف أطيافه السياسية، فالكل هدف لأسلحة الدمار الاسرائيلي، فقد سقط لحد الآن عدد كبير من أفراد الشرطة الفلسطينية وهم يدافعون باستماتة الى جانب أبناء شعبهم الباسل.. فمزيداً من الوحدة والتنسيق وكفانا تشرذما وتمزقا، لأن ذلك لن يخدم سوى أهداف الأعداء. ولنتذكر أمر الله عز وجل {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا}(آل عمران : 103) {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}(الأنفال : 47)، {ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله} وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.