… كان الله في عون رجال الأمن هذه الأيام فقد روّع أمْنَهم المتزمّتون وسبّبوا لهم مشاكل ومتاعب لا قِبل لهم بها!!.
فلقد تسبّبوا في حرمانهم من إجازتهم الصيفية هذا العام وأرغموهم على المرابطة اليومية حول بعض الشواطئ والطرق المؤدّية إليها، كل ذلك حفاظا على جمال شواطئنا وسكونها حتى تنعم أجسادنا وأجساد نِسائنا العارية بأشعة الشمس الدافئة وبالرمال الذهبية التي حبانا الله بها، لكن المتطرفين أبوا إلاّ أن ينغِّصوا على الناس صيفهم ومتعتهم بتنظيمهم لمخيماتهم الخاصة حيث ضُبطوا لمرات عديدة متَلَبِّسين بصلاة الجماعة أو بإلقاء الدروس والمواعِظ الدينية، أو حتى -شرف الله قدركم- بالسباحة بسراويل طويلة أو بلباس كامل بالنسبة للنساء المحجبات.. وهذا لعمري سلوك يُسيئ إلى جمال شواطئنا!!.
فتصوّروا لو أنّ عدساتِ الصحفيين الأجانب وقعت على مثل هذه المناظر المقزِّزة لنساء يسبحن وحدهن -أي والله وحدهن- بكامل ثيابهن، لو حدث هذا -لا قدر الله- فماذا سيقولون عنا؟ طبعاً متخلفون، ظلاميون.. وعندها ستنضاف تقارير جديدة في سجلات منظمات حقوق الإنسان الدولية، وسنُتّهم بخرق حقوق الإنسان في هذا الزمان وسوف يسوء موقف بلادنا في المحافل الدولية، وسوف تتخَلَّف رتبتنا في مستوى التنمية إلى ما بعد 124. وسوف .. وسوف..
فالشواطئ إنما جُعلت للمتعة ورفع الكلفة والتّخفُّف من المُحيط والمَخيط فهذا ما تقر به دساتير العولمة، فالناس سواسية كحبات الرمال وليس فيهم برٌّ وفاجر ولا رفيع ووضيع، فالعولمة تهدف إلى لمْلمة الناس وجعلهم أمَّةً واحدةً موحدة في كل شيء في المَنشط والمكره وعلى ذلك تمت المبايعة.
فلا يجوز عقلا ولا نقلا أن يسبح نِساء بـ(دو بياس) وعلى مقربة منهن من يسبح بـ(كولشي بياس)؟ لا يجوز أن يتسلى البعض بشرب الجعة على الرمال الدافئة، وعلى مقربة منهم من يقيم الصلاة على نفس الرمال الدافئة.
فهذا نشازٌ وفوضى يجب وضع حد لها إذا كنا فعلا نريد أن ندخل في زمن العولمة من أبوابه الواسعة، تلكم العولمة وتلكم شروط ولوجها فأوغلوا فيها برفق ولن يشادَّ العولمة أحد إلاّ هَلك.