نُعِي لي أخي أحمد الغربي هذا اليوم -الثلاثاء- الذي مات فيه ودُفن فيه وأنا خارج فاس بعد أن كنت متفائلاً بتطور طيب لصحته، وإذا بالأجل المقدر له لم يمهله ونحن لا يسعنا إلا أن نقول : {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهم أجرنا في مصابنا واخلف لنا خيراً منه.
إن مصابنا في أخينا أحمد مصابٌ جَلَلٌ فقد فقدنا فيه قائداً موفقا صابراً محتسباً حكيما متبصراً.. كان كثير الحركة في سكون ورزانة وحذر، يدعو إلى الله منطلقا من حسن الظن بالمسلمين بأسلوب لين رفيق بعيد عن التحدي والفظاظة والاستفزاز وقد وفقه الله لكثير من الفتوحات عبر المغرب كله، وما أظن أحداً التقى بأخي أحمد وجالسه وحادثه وآكله وشاربه ولم يشعر أنه أصبح له صديقاً حميماً وأخاً حبيباً ومرافقاً له في الطريق أمينا، لم يكن الرجل عالماً ولكنه كان يتقن ما تعلّمَه من شيوخه وإخوانه، ولذلك لم يكن يجرؤ على الفتوى والتعالم ولكنه بلّغ رسالة محمد في حدود علمه بأمانة وصدق وقد وفقه الله إذ اهتدى كثير من الناس على يديه ولم يكن المسلمون عنده مصنفين حسب مقاييس وضعها الآخرون لهم، وإنما كان الجميع عنده إخوة انطلاقا من قوله تعالى {إنما المُومِنُون إِخْوةٌ} وبذلك توسعت دائرة أخوته بالمغرب وخارج المغرب.
إن أخي أحمد رحمه الله كانت له مواقف صامدة صُلبة أبَى من خلالها أن يُساوم في دينه في وقت كان في أمس الحاجة إلى ما يسد خلته، وقد وقع الضغط عليه فما لانت قناته ولا ضعفت إرادته ورفض الإغراءات المادية طمعاً فيما عند الله حبا لله ولرسوله وللمؤمنين. وقد أُسيئ إليه فقابل الإساءة بالإحسان والاستغفار للمسيء دون تبرم أو شكوى، وأُحْسن إليه فما كان يزيد على الدعاء لمن أحسن.
إن أهم ما ميز أخي أحمد لهو الصدق، فاللهم اجعله مع الصديقين وعزاءً لأم عبد الله وأنجالها. وإلى الملتقى أخي أحمد هناك في الفردوس الأعلى إن شاء الله تعالى.