في هذه الحلقة سنتعرف على مسيرة امرأة مسلمة عظيمة، عاشت بين أهل الحق والصدق، وبين أهل الوفاء والفداء، فكانت قرينة شهداء وعلا مقامها بين المناضلين الشرفاء، وأسهمت بنصيبها البارز في التسامي بمكانة المرأة المسلمة الى مرتقى كريم ملحوظ، وما أجمل أن تستظل المرأة مع الرجل بظلال اليقين والايمان لقوله : >النساء شقائق الرجال< فمن هي إذن هذه المرأة ؟
-1 نسبها :
إنها المسلمة الشريفة، المؤمنة العفيفة، الصالحة الجليلة، العابدة المجاهدة أم حكيم بنت الحارث بن هشام، المجاهد الشهيد، الذي بايع بيعة الموت في احدى معارك الشام، وجاهد حتى وفى بحق هذه البيعة، ونال نعمة الشهادة.
-2 زواجها بثلاثة رجال :
تزوجت أم حكيم ثلاث مرات، وكان أزواجها الثلاثة من الشهداء :
- زوجها الاول : هو عكرمة بن أبي جهل، المجاهد الذي نال نعمة الشهادة في معركة أجنادين -موضع في أرض فلسطين يقع بين الرملة وبيت جبرين- ردها الله على العرب والمسلمين.
- وزوجها الثاني هو خالد بن سعيد بن العاص، المجاهد البطل، الذي نال نعمة الشهادة كذلك .
- وزوجها الثالث هو الخليفة البطل عمر بن الخطاب الذي نال نعمة الشهادة وهو في المحراب، مات وهو يكبر لصلاة الفجر،إماما لجموع المسلمين في مسجد رسول الله في المدينة.
وهكذا عاشت أم حكيم موصولة الاسباب بدماء الشهداء وأنفاس الابطال فلا عجب أن تصير بطلة.
-3 إسلامها وإسلام زوجها عكرمة :
أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وأقبلت على رسول فبايعته بيعة الاسلام والايمان، ووفت لهذه البيعة خير الوفاء.
وكان زوجها حينئذ هو عكرمة بن أبي جهل الذي أهدر الرسول دمه، لما فعله وهو كافر، ففر هاربا نحو اليمن لكن أم حكيم وبغريزة الزوجة المهتدية، كانت تحس بأن اهتداء زوجها الى الاسلام يسير غير عسير فسارعت بالذهاب الى رسول الله فاستأذنته في أن تذهب وراء زوجها لتعود به، فأذن لها النبي الرحيم، وأعطاها الامان له، فعجلت أم حكيم بملاحقة زوجها حتى أدركته وطمأنته، وعادت به الى رسول الله ، حيث أسلم عكرمة ، وأقرهما النبي على زواجهما وصار عكرمة من فضلاء الصحابة وصالحي المسلمين، وعكف على العبادة والجهاد في سبيل الله، وكان له أثر عظيم في حروب الردة، ونال نعمة الشهادة في حروب الشام. وهكذا صدقت فراسة أم حكيم، وأنقذت زوجها من القتل، ومن ضلال الشرك والكفران.
-4 أم حكيم تقتل بعمود الخيمة سبعة من الاعداء الروم :
وعندما تزوجها خالد بن سعيد بن العاص، أراد الدخول بها عقب عقده عليها، لكن المسلمين كانوا في انتظار المعركة، فقالت له -أم حكيم- راجية لو تأخرت حتى يهزم الله هذه الجموع ؟
فقال لها : إن نفسي تحدثني أني سأقتل، وأني سأصاب في جموعهم فقالت فدونك .
فدخل عليها عند قنطرة هناك، فعرفت هذه القنطرة بعد ذلك باسم “قنطرة أم حكيم” ثم أصبح خالد فأولم وليمة للناس، فما فرغوا منها حتــى أقبل الاعداء، فخرج خالد وجاهد جهاد الابطال حتى نال نعمة الشهادة في معركة “مرج الصفر”، ورأت أم حكيم ذلك ، فشدت عليها ثيابها، ومازال طيب العرس على جسمها، وخرجت تقاتل بعمود الخيمة بعد أن انتزعته على مقربة من القنطرة. ويروي التاريخ أنها قتلت بهذا العمود سبعة من الاعداء الروم بقرب قنطرة أم حكيم وشاءت لها الاقدار ان تخرج من المعركة سالمة وإن أصابتها طعنات وجراح.
وتألق اسمها العظيم في تاريخ المجاهدات في سبيل الله عز وجل.
—————-
انظر موسوعة الفداء في الاسلام للدكتور احمد الشرباصي .