حينما يُتحدث عن حقوق المرأة، فإني أظن أن الفهم يشمل بالتأكيد المرأة الزوجة، والمرأة الوالدة، والمرأة الأخت، والمرأة الخادمة في البيت، والمرأة المشتغلة في أي قطاع بما في ذلك النوادي النسوية والاتحادات والجمعيات النسائية.
لكن بعض العقليات تأْبى إلا أن تجعل هذه الحقوق قاصرة على فئة دون فئة، هذا إن لم نقل إن المطالبة بتلك الحقوق مجرد شعار تكتيكي لقضاء مصالح شخصية أو غطاء لتمرير معتقدات غربية وتخريب الأسر المستقيمة.
وأظن ثانية أني لست بحاجة إلى تأكيد حقوق المرأة الثابتة التي شرعها الاسلام، كيفما كانت وضعيتها الاجتماعية والأسرية، وذلك حتى لا يظنن ظان بأني ضد حقوق المرأة التي شرعها الاسلام وأني مع الظلم الذي يُعانيه قطاع كبير من النساء باسم التحرر تارة وباسم الواجبات تارة ثانية وباسم التقاليد المخالفة لتعاليم الاسلام تارة ثالثة.
في الأسابيع الماضية والاستعدادات جارية على قدم وساق لمسيرة الرباط، نشرت إحدى الجرائد المغربية المساندة لهذه المسيرة رسالة من امرأة تشكو ظُلم زوجها، الذي يطلب منها دائما أن توزع الخمر على أصدقائه الذين يزورونه في البيت وأن تراقصهم بل وأنْ تَنْفَرِدَ بِهم أو ببعضهم، وهي تستغيث علَّها تجد حلاّ لمشكلتها، بإنصافها من هذا الظلم وتمتيعها بحقوقها، وتصرخ بأعلى صوتها أن ما يطلبه منها هذا الزوج ليس من قبيل الواجبات الملزمة بها.
وفي نفس الفترة أيضا، وفي مقر احدى الجمعيات النسائية أو الاتحادات بمكان غير بعيد عن الرباط، ألزمت امرأة مسؤولة مجموعة من النساء من رواد المقر على أن يهيئن لَهَا لباساً بالخياطة التقليدية (الراندا)، وبعد أن أنجزن ذلك حرمتهن من أجورهن ولم تسلم لهن سنتيما واحداً، بل وحرمت أخريات من أجورهن التي شرعتها الدولة، ولم تدفع لهن من رواتبهن (C.I.O.P.E ) إلا الثلث تقريبا، هذا والمرأة من القيادات النسائية اللواتي ينادين بحقوق المرأة منذ زمن بعيد، وهي من المنظِّمات لمسيرة الرباط والمتحمسات لها.
وقبل هذه الفترة بما يزيد عن سنة، كان هناك في الرباط، وما زلن مجموعة من حاملات الشهادات المعطلات، بعضها فتيات وبعضهن حوامل، وبعضه الآخر تركن أولاداً صغاراً في البيوت، لم يُنْصَفْن حتى في أبسط حقوقهن، وهو الشغل، أو على الأقل الوعد بالشغل، وتُعَادُ لهن كرامتهن بعودتهن إلى بيوتهن عوض أن يداومن هناك الشهور والسنوات، وأهاليهن وأزواجهن في مختلف المناطق يعانون الأمرين، كل يوم يترقبون بخوف رنة الهاتف (لمن كان له هاتف) ليقال لهم إن ابنتَك أو زوجتك قَدْ ضُرِبَت أو اعتقلت.. أما أنها قد اشتغلت فيبدو أن ذلك أصبح من أضغاث الأحلام.
أما ما يتعرض له النساء والفتيات من مضايقات في كل مكان : في المدرسة وفي العمل وفي الشارع بلوما يتعرضن له من سرقة حليهن في وضح النهار فيبدو أن أصحاب الخطة لا يرون بأساً في ذلك، ما دامت سرقة حلي النساء تؤدي إلى تنمية قطاعات عريضة من الذين لا يجدون عملا أو الذين لا يريدون عملاً، ومادام إكراه المرأة على الابتذال الاخلاقي يؤدي إلى تنمية المجتمع في نظرهم عن طريق تحرير المرأة من “القيود الأخلاقية”؟؟؟!!!