ما نريد أن ندل عليه بفقه الطب هو ذلك الجزء الذي يُعنى بجمع ودراسة القوانين المستنبطة من أحكام القرآن والسنة المتعلقة بالطب والطبيب أو المرض والمريض على السواء فتصنف وتبوب مادته بالرجوع إلى المدارس الفقهية أو إلى أهل الحديث، ثم يستدرك على هذه المادة الأساسية المنصوص عليها بما استحدث من قضايا طبية وفتاويها الفقهية.
هذا الفقه ليس بجديد في واقع الأمر إذ نجد طي كتب الفقه أو السنة عدة أحكام تتعلق بالمرض والمريض أو الطبيب والعلاج، لكنها قد تكون مدرجة ضمن أبواب لا يخطر على الباحث غير المختص الرجوع إليها خصوصا بالنسبة للمرضى والأطباء ورجال الفقه.
ويمكن لهذا الفقه أن يقسم كذلك كالفقه العام إلى قسمين : إلى فقه طبي يتعلق بالعبادات وفقه طبي يتعلق بالمعاملات. وهكذا نستخلص من كل ذلك مادة أساسية لفقه الطب ولكنها غير كافية في حد ذاتها لحل المشاكل التي تطرح حول مستحدثات سواء بالنسبة للمريض أو الطبيب. لذا نضيف إليها الأمور المستجدة في عالم الطب لتحديد موقف الشريعة منها.
ولإعطاء فكرة حول مادة فقه الطب يمكن مرحليا أن نصنفها إلى قسمين :
- قضايا وأحكام موجودة في كتب الفقه وهي مثل أحكام الحيض والحمل والنفاس والرضاع والإجهاض الخ…
- قضايا مستجدة أو نوازل وأحكامها من خلال دراسات فقهية وفتاوى معاصرة : وهي مثل تحديد النسل والاستنجاب غير الشرعي وأبناء المني وأبناء الحليب وزرع الأجنة داخل رحم مضيف والتدليس بإعادة البكارة بعملية جراحية وعمليات نقل وزرع الأعضاء، وتشريح الجثة، وإلى غير ذلك…
ومجال فقه الطب كذلك كما أسلفنا ذكره يتعلق بأمور يطرحها المرضى لها صلة بالطب أو العبادة منها على سبيل المثال :
- حكم المريض الذي خالف إرشاد الطبيب كمن صام وأتلف صحته.
- حكم من يتعاطى التدخين أو إدمان المخدرات أو كل ما يضر بالصحة.
- الأحكام والترخيصات للمرضى أو العجائز في أمور العبادة (الوضوء، الصلاة، الصيام، الحج والعمرة..). ومثل كل هذا وذاك يحدد مجال فقه الطب.
د. أمل العلمي
———-
(*) ألهمني الله سبحانه وتعالى اقتراح هذا العلم الجديد لما شرعت بالبحث المتواصل ما بين سنة 1969 و1979، وهي المدة التي قضيتها في إعداد رسالة الدكتوراه في الطب تحت عنوان “الإسلام والثقافة الطبية” (التي نشرت بعد ذلك باللغة الفرنسية)، ولم تتح لي مناقشتها إلا في المرحلة الجامعية لدرجة جراح مساعد بكلية الطب أي سنتين بعد التخرج.