((إنها الجنة يا أبي فلا أوثرك بها))
ظهر سعد بن خيثمة رضي الله عنه على مسرح الأحداث المحوِّلة لمَجْرى التاريخ، في بيعة العقبة الثانية، فهناك اخْتير أحَدَ نُقَباءِ الأوْسِ الثلاثة، والنَّقيبُ هو الكفيل بقومه والضامن لوفائهم بما عاهدوا عليه.
ولقد بايع أصحاب العقبة وهم يعرفون مالهم وما عليهم، أمَّا ما عليهم فهو نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأمَّا ما لَهُم فيظْهَرُ واضحاً من خلال جواب الرسول صلى الله عليه وسلم للمبايعين.
فقد ذكر ابن اسحاق أن العباس بن عُبادة ابن نضلة قال لهم : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا : نعم.
قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كُنتُم تَرَوْن أنكم إذا نُهكَت أموالكم مصيبةً، وأشرافكم قتلا أسْلَمْتُمُوه، فمِن الآن، فهو والله إن فعلتم خِزْي الدنيا والآخرة، وإن كنتم تَرَون أنكم وافون لَهُ بما دعَوْتُمُوه إليه على نُهْكَة الأموال وقَتْلِ الأشراف، فخُذُوه فهو والله خَيْرُ الدنيا والآخرة.
قالوا : فإنا ناخذه على مصيبة الأموال وقَتْل الأشراف. فما لنا بذلك يارسول الله إن نحن وفَّيْنا بذلك؟ قال : الجنة.
قالوا : ابْسُط يدك، فبسط يَدَه فبايعوه.
وفي رواية قالوا : فوالله لا نَذَر هذه البيعة ولا نسْتقِيلُها.
وجاءت غزوة بدر، فنَدَب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلى الخروج إلى عير قريش، فأسْرَعُوا، فقال خَيْثمة لابنهِ سَعْدٍ : إنَّه لابُدَّ لأحَدِنَا منْ أن يُقيم فآثِرْني بالخروج، وأقِمْ مع نسائك.
فأبى سعْدٌ، وقال لأبيه : ((لَوْ كانَ غيْرُ الجنة آثْرَتُك به، إنِّي أرجو الشَّهادةَ في وجهي هذا!!)).
فاسْتَهَما واقترَعَا فخرج سهم سَعْدٍ، فخرج لبدر، فقُتل، فمضى شهيداً مَرْضِيا رضي الله عنه.
وصدق الله العظيم ((سَابِقُوا إلى مغفرة من ربِّكم وجنة عَرْضُها السَّمَاوَاتُ والأرض أُعِدَّتْ للمُتَّقِين)).
وقد وَفَّى واستجابَ إلى نداءِ التَّسَابُقِ لِلْجَنَّةِ.