المحجة : ما أفضل ما يصنعه العبد؟
- طلب العلم، فلكل شيء دعامة، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر ما يعقل يعبد ربه.
المحجة : وما حكم طلب العلم؟
- والله ما كل الناس عالم، وإن منهم من لا آمره بطلبه. أما كل الناس فلا. فالعلم نفر لا يأنس إلا بقلب نقي خاشع.
المحجة : وما أفضل العلم النافع؟
*شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس، والعلم آية محكمة، أو سنة مبينة ثابتة، أو لا أدري، لأنها جنة العالم، إذا أغفلها أصيبت مقاتله.
المحجة : بعض الناس يتحدثون عن أن هناك علمين : علما باطنيا وعلما ظاهريا، فما نظرك في هذا التقسيم؟
- إن علم الباطن لا يعرفه إلا من عرف علم الظاهر، فمتى عرف علم الظاهر وعمل به، فتح الله عليه علم الباطن، ولا يكون ذلك إلا مع فتح قلبه وتنويره، وعلى المسلم بالبين المحض، وإياك وبنيات الطرق، وعليك بما تعرف، واترك ما لا تعرف.
المحجة : الكثير من الناس يطلبون العلم للمعرفة والثقافة، فهل ذلك العلم نافعهم وذو أثر في الأمة؟
- لا أحب من الكلام إلا ما كان تحته عمل، ومن علم أن قوله من عمله قل كلامه، والقول من العلم، وإذا تعلمت علما من طاعة الله فلير عليك أثره، ولير فيك سمته، وتعلم لذلك العلم الذي تعلمته : السكينة، والحلم، والوقار. وإن حقا على من طلب العلم، وخصوصا الحديث أن يكون لو وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى قبله.
المحجة : ما علاقة العلم بالتعليم؟
- لا ينبغي لأحد عنده علم أن يترك التعليم.
المحجة : هل يجوز احتكار العلم ووقفه على طائفة خاصة؟
- فلقد سألني هارون الرشيد أن أخرج عنه الناس حتى أقرأ عليه الموطأ. فقلت له : إن العلم إذا منع العامة لأجل الخاصة، لم ينتفع به الخاصة.
المحجة : ممن يؤخذ العلم؟
- ـ لا يؤخذ العلم من أربعة، ولا يؤخذ ممن سواهم :
ـ لا يؤخذ من سفيه.
ـ ولا يؤخذ من صاحب هوى يدعو إلى بدعته.
ـ ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس، وإن كان لا يتهم على حديث رسول الله(ص).
ـ ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة، إذا كان لا يعرف ما يحمل، ولا ما يحدث به.
ـ ولا يؤخذ علم الحديث بالأخص عمن هم ليسوا من ذوي هذا الشأن، فهذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون منه، لقد أدركت سبعين ممن يقول : قال رسول الله(ص) عند هذه الأساطين فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان أمينا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن. ثم إن هذا العلم ليس بكثرة الرواية، ولكنه نور جعله الله في القلوب.
ـ ولا يؤخذ العلم عن المجادل للغلبة فالمراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب العبد.
المحجة : إذن، ما هي الأخلاق المطلوبة في العالم؟
- بلغني أن العلماء يسألون القيامة عما يسأل عنه الأنبياء. فالأخلاق الأساسية هي :
ـ التواضع : إذ ينبغي للرجل إذا خول علما، وصار رأسا يشار إليه بالأصابع أن يضع التراب على رأسه، ويمقت نفسه إذا خلا بها، ولا يفرح بالرئاسة، فإنه إذا اضطجع في قبره، وتوسد التراب سائه ذلك كله.
ـ الزهد : فما زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه الله بالحكمة. والزهد في الدنيا : طيب الكسب، وقصر الأمل.
ـ القدوة : فعليك بمجالسة من يزيد في علمك قوله، ويدعوك إلى الآخرة فعله.
المحجة : بعض الناس يربطون الصواب بأعلام المذاهب الفقهية، ويتعصبون لآرائهم فهل هذا الربط الجذلي ضروري؟
- بالنسبة لي، إنما أنا بشر أخطأ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة، فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.
———————–
أعد المادة العلمية لهذا الحوار ذ. أبو زهير، معتمدا على المراجع التالية : المدارك، الانتقاء، جامع بيان العلم.
وأعد الحوار محرروا الجريدة.
* لقد وقع ظيء من التصرف البسيط في بعض النصوص لإبراز قائدتها وجعلها مرتبطة بموضوع معين.