مضت سنة 1996 كما مضت أخواتها من قبل، والمسلمون ما زالوا على حالهم، تفتك بهم المحن والأزمات من كل جانب، حتى أضحوا أفقر أمة رغم غناها، وأجهل أمة رغم أنها أمة كتاب أول ما نزل فيه هو كلمة “اقرأ”، وأجيع أمة وأمرض أمة، وأكبر أمة من حيث عدد اللاجئين والمعتقلين المنفيين..
وهكذا فإننا نجد نفس القضايا التي كانت سنة 1995 استمرت سنة 1996، ولا أمل في أن تحل خلال 1997، إلا أن يأتي الفرج من الحليم الكريم :
- قضية فلسطين : رغم مرور ثلاث سنوات على اتفاق أوسلو ما زالت السلطة الفلسطينية لم تحصل على كل ما اتفق عليه، خصوصا مع مجيئ نتنياهو إلى الحكم، الذي استطاع أن يوقف مسار”الأرض مقابل السلام”، ليحوله إلى “الأمن مقابل السلام” بالرغم من الأطراف العربية، حتى وإن اقتضى الأمر إلى شن حرب على هذه الأخيرة وخصوصا على سوريا.. وفي المقابل نجد السلطة الفلسطينية ما زالت مستمرة في قمع الشعب الفلسطيني وفي التنكيل بمجاهدي حماس والجهاد الإسلامي.
أما على المستوى العربي فإن الدولة العربية لم تجد خير ما تكافئ به نتنياهو على مجازره وجرائمه وعلى رأسها فتح النفق تحت مسجد الأقصى، سوى أن تستمر في التطبيع وكل ما يخدمه وكان آخر ما توجت به مسيرتها في هذا المضمار هو تنظيمها ومشاركتها في المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي عقد بالقاهرة.
ـ قضايا التحرير والاستقلال : التي بالرغم من التطور الذي حصل على المستوى السياسي والعسكري في بعض الأحيان، فإن التجاوزات والانتهاكات ما زالت مستمرة كما هو الأمر في البوسنة والهرسك والشيشان وجزر مندناو، أو أن الأمر ما زال كحالته السابقة إن لم يكن قد تطور مثلما يحصل في : بورما وكشمير وتركمانستان الشرقية وإقليم كوسوفو وناغورني كاراباخ و…
- قضية الحصار : الذي ما زالت تعيش تحت وطأته كل من إيران العراق وليبيا والسودان، والذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن الأمة الإسلامية كلها تعيش في حصار كبير لأنها ممنوعة من فك هذا الحصار الصغير (على الدول الأربعة)، وممنوعة من تدبير امورها وحل مشاكلها بدون أي تدخل استكباري عالمي.
ـ قضية الوحدة : التي ما زالت تهدد بلدانا عديدة في العالم الإسلامي وعلى رأسها أفغانستان والصومال والسودان والعراق.
وكما سبقت الإشارة فإن هناك مخططات سرية لتفجير الوحدة في جل بلدان الإسلامية، وخاصة في : تركيا والسعودية ونيجيريا وأندونيسيا..
- قضية الحرية والديمقراطية : وهي قضية نجدها في سائر البلاد التي تعتنق الدين الإسلامي الذي كرم الإنسان وحرره، مع أنها تنص على ذلك في دساترها وقوانينها، فنجد الحصار والتضييق على الدعوة الإسلامية والتنكيل بمن يقوم بها ويستجيب لها. كما نجد نفس المصير بالنسبة لمن يطالبون بحقوقهم المادية والمعنوية ولمن يطالبون بتوسيع المشاركة في العمل السياسي الوطني…
- قضية التنمية : التي ما زالت رهينة توجيهات إن لم نقل أوامر وتعليمات المنظمات الدولية وحتى الحكومات الأجنبية الاستكبارية، والتي تخدم مصالح الدول الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات والانتهازيين المحليين، ولا تخدم الشعوب لا في الحاضر ولا في المستقبل…
وقضايا أخرى كثيرة، لا مجال لذكرها والتعريف بها، ويكفي ما ذكر، لأن الأزمة شاملة وتمس كل مجالات الحياة وكل المسلمين في كل بقاع العالم، ولا يسع المسلمين إلا لمزيد من الجهد والمجاهدة والصبر والمصابرة، للخروج من هذه الأزمة، التي يمكن أن نجملها في أزمة الإنسان المسلم وليست في أزمة الإسلام كما يدعون وكما يظنون.
قال تعالى : {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين}(الأنفال : 30)