أخي الكريم إن وجه الله يبقى على الدوام والأبد ووجوه الناس فانية زائلة، قال تعالى : >كل من عليها فانٍ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام< سورة الرحمان الآية 25، فوجب على المسلم الكيّس أن يرجو بعمله وجه الله الكريم، فيكون الله تعالى هو قصده وغايته، فاذا أحب العبد الداعي إلى الله القائم بأمر الله أن يكون في أعين الناس جليلا وفي قلوبهم مهيباً وإليهم حبيبا، فإن هذا المطلب الخطير تترتب عليه آفة الرياء المحبطة للأعمال والعياذ بالله، قال صلى الله عليه وسلم : >إذا كان يوم القيامة ينزل الله ليقضي بين عباده، وكل أمة جاثية فأول من يقضي بينهم، رجل جمع القرآن ورجل كثير المال ورجل قتل في سبيل الله، فيأتي بالذي جمع القرآن فيقول الله له : عبدي ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي فيقول : بلى يارب، فيقول الله تعالى : فماذا عملت، فيما علمت فيقول يارب قرأته آناء الليل وآناء النهار، فيقول : كذبت بل كنت تقرأ ليقال فلان قارئ فقد قيل، ثم يأتي بالذي جمع المال فيقول الله تعالى له : عبدي ألم أعطك المال حتى لم أجعلك تحتاج لغيري، فيقول : بلى يارب، فيقول له : فماذا عملت فيما آتيتك، فيقول : وصلت الرحم وتصدقت فيقول الله لَهُ كذبت بل أردت ليقال فلان جواد فقد قيل، ثم يأتي بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله له عبدي ألم أعطيك القوة، فيقول بلى يارب فيقول الله له فماذا عملت فيما آتيتك فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له : كذبت بل كنت تقاتل ليقال فلان جرِّيءٌ فقد قيل، ثم قال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة هؤلاء الثلاثة هم أول خلق الله تسعر بهم نار جهنم<-رواه الترمذي والحاكم وغيرهما-.
أخي الكريم إن الإخلاص لله لا يقوى عليه إلا المؤمنون الأبرار، والمجاهدون الأخيار لأنه أقوى من الحديد وأقوى من النار، وأثقل من الجبال. قال صلى الله عليه وسلم : >لما خلق الله الأرض مادت بأهلها فخلق الجبال فصيرها أوتادا للأرض، فقالت الملائكة ما خلق ربنا خلقا هو أشد من الجبال، فخلق الله الحديد فقطع الجبال، ثم خلق النار فأذابت الحديد، ثم أمر الله الماء بإطفاء النار، وأمر الريح فكدرت الماء، فاختلفت الملائكة فقالت : نسأل الله تعالى، قالوا : ياربنا ما أشدّ ما خلقت من خلقك؟ قال الله تعالى : لم أخلق خلقاً هو أشد علي من قلب ابن آدم حين يتصدق بصدقة بيمينه فيخفيها عن شماله فهذا أشد خلقا خلقتهُ<-اخرجه الامام الترمذي-
فاللهم وفقنا للإخلاص بجودك وكرمك ورأفتك ورحمتك، ولا تجعل لنفوسنا حظا في أعمالنا آمين.