لا أعتقد أنه يوجد من الشر ما يضحك ويبكي في آن واحد في زماننا أكثر من مهزلة حيكت في البلدان الاستعمارية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وسميت الانتخابات الديموقراطية التعددية وكأن هذه القوى الظالمة لم تجد في كل بقاع الارض أمة تعبث بها غير أمة الاسلام في أرض الجزائر، وكأن السفاهة حكر على شعب تلك الرقعة الغالية من أرض الإسلام. أما مضحكات هذه الانتخابات فهو إسراع القوى الاستعمارية في مباركة الانتخابات نكاية في الزعماء الاسلاميين الذين قطعوا عهدا على أنفسهم بتطبيق شرع الله وهو ما يضر بالمصالح الاستراتيجية لهذه القوى الظالمة في المنطقة. ومن العبارات المضحكة في وسائل الاعلام الغربية المرئية والمسموعة (أن نسبة الاقبال علي الانتخاب صفعة للاسلاميين المتطرفين وفي روايات أشد حقدا صفعة للارهابيين) وهذه العبارة تذكرنا بقصة أشعب الطماع الذي اعترض سبيله صبية وأرادوا العبث به فصدهم بكذبة مفادها أن دار فلان قد أولمت فلما انصرف الصبية لسفاهتهم وضعف عقولهم إلي حيث أمرهم ما لبث أن صدق كذبته فتبعهم لقد أوهم الاستعمار الغربي الطغمة الحاكمة العسكرية بضرورة اقتناء مشروعية عن طريق كذبة الانتخابات وسرعان ما صدق كذبته وراح يبارك ويغري الشعوب المستضعفة للاقتداء بتجربة المهزلة. ومن المضحكات أيضا أن يحضر مراقبون من الامم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية وجامعة الدول العربية وعددهم لا يتجاوز رؤوس الأصابع أمام ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين ألف مركز انتخاب التي لو جند جند سليمان عليه السلام من الانس والجن ما استطاعوا مراقبة العبث بها. ومن المضحكات أيضا أن تكون نسبة الاقبال على الاقتراع بمعدل ثلاثة أرباع الشعب المؤهل للتصويت حيث ذابت المعارضة بكل فصائلها الاسلامية وغير الاسلامية إلى كرة ثلج في يوم قائظ ومن المضحك أيضا أن تنزل قوات الامن بقضها وقضيضها ترهب المستضعفين للمشاركة غصبا عنهم في الانتخابات وإلا عدوا من الارهابيين، وأكبر المهازل أن تطلق هذه القوات الرصاص في الهواء تعبيرا عن فرحتها في وقت يصرح فيه وزير الداخلية أنه لم يتمكن من الاحصاء بعد ومعرفة الفائز. ومن المضحك أيضا أن يساهم الجيش في اقتراع يشارك فيه من يتولى إصدار الأوامر إليه دقيقة بدقيقة وماذا على قائد الجيش إذاأمر جيشه بالاقتراع لصالحه باعتبار الأمر أمرا عسكريا استراتيجيا ومما يزيد المهزلة سخرية أن قوات الجيش تناهز المائة والعشرين ألف نهيك عن قوات الامن وما يماثلها من القوات شبه العسكرية ولاتسأل عن وزارة الداخلية وأعوانها ووزارة المجاهدين وانتهازييها. ومن المضحك أن يتبارى الجنرال المتقاعد مع دمي خشبية في وقت يغلّق أبواب السجون على المعارضة الحقيقية أو يشتتها في بقاع الارض أو يبيدها بالرصاص بعد أن ينسب سواه بفضل جهاز المخابرات العسكرية التي تعتبرأهم مكسب ورثه الجنرالات عن الديكتاتور بومدين. وأخيرا وليس آخرا من المهازل أن تعتبر القوى الاستعمارية تجربة العراق مهزلة مع العلم أن ديكتاتور العراق كان منطقيا مع نفسه عندما رشح نفسه ضد نفسه كما فعل غيره في مصر وتونس وإن كانوا من المقربين لدى الغرب الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ولاتعتبر تجربة الجزائر مهزلة والحقيقة أنها غاية في الهزل لأن صاحبها الجنرال المغرور أضاف فصلا جديداً في تاريخ المهازل العربية يتمثل في الدمي الخشبية التي ساعدته في عدوه لتحطيم الرقم القياسي كما هو الشأن في عالم الرياضة والعدو. ومن المبكي أن يكون هذا هو حال الامة الاسلامية في زمن التطبيع وبيع الارض المقدسة بالدولار كما قال شاعر الشام، ومن المبكي أن يحيد الناس عن شرع الله أفواجا ويلجؤون إلى جحر الضب النتن وغدا سيقول الشامتون ألا إننا متنا يوم ضاع المؤمنون في زمن التطبيع والتضبيع. أبو أيوب