دكت القوات الروسية مدينة أخرى من المدن التى كان يدافع عنها المجاهدون الشيشان، مستعملة في ذلك أشرس ترسانتها المسلحة و مستبيحة كل ما أعلن عنه أنه من حقوق الإنسان التى ينبغي أن تصان حتى في ظل الحروب والإحتلال؛ فلقد تناقلت وسائل الإعلام في الأيام الاخيرة أقولامثيرة وصورا مرعبة لما حدث ويحدث في الشيشان :تقتيل للعجزة، وإحراق للنساء وهن أحياء، هتك للأعراض وتمثيل بالجثث، إن لم يكن أصل ذلك تعذيبا أدى إلى الموت، هدم للمنازل وتخريب للعمران، إطلاق للرصاص على كل من حدثته نفسه اللجوء إلى مكان آمن، تشريد وتعذيب، واللائحة طويلة، ولاأحد يتحرك، لا من أدعياء حقوق الانسان، ولا من أدعياء الديمقراطية.
ولا عجب في هذا، لأنه في تقديري لو أن الروس خاضروا حربا ضد حيوانات متوحشة، وفعلوا بها ما فعلوه بشعب الشيشان، لتحركت منظمات البيئة والدفاع عن الحيوان، بل ربما لتحركت هيئة الامم المتحدة خوفا على تلك الحيوانات من الإنقراض، أما لو كان الأمر يتعلق بشعب يدين بالنصرانية أويعبد البقر، فإن الروس لن يتجرأوا حتى على الإقتراب منه. ولكن بمأن الأمر يتعلق بشعب مسلم أعزل، فإنه لم يكن هناك رادع للمحتل، وبذلك عاث في الأرض فسادا مظهرا شجاعة الجبان الذي لا يدعو إلى القتال إلا إذا خلا بأرض.
لكن المجاهدين الشيشان الذين أخرجوا من ديارهم إلا أن يقولوا ربنا الله، والذين لا ناصر لهم إلا الكبير المتعال، لن يخذلهم العزيز المقتدر، فلقد دخل الروس قبل ذلك كابل عاصمة أفغانستان تحت هدير الدبابات وأزيز الطائرات، ولكنهم خرجوا بعد ذلك أذلة صاغرين، وسيخرجون بإذن الله من غروزني وغيرها من بلاد الشيشان، وهم أكثر ذلة وصغارا وتشرذما وتحطما، وستتحطم روسيا الإتحادية على يد المجاهدين الشيشان، كما تحطم الإتحاد السوفياتي على يد المجاهدين الأفغان، ولذلك أقول : بشراك يابلاد الشيشان، فلقد رزق أبناؤك الحسنيين معا،فالذي لبى نداء ربه رزق الشهادة، والذي لازال يرابط في الجبال سيرزق نصرا من الله وفتحا قريبا.
د. عبد الرحيم بلحاج