إن الأندلس لم تسقط هكذا دون أسباب أو مقدمات، فربك لا يظلم أحدا، إذ السقوط لا يقع إلا إذا كانت هناك دواعيه القريبة والبعيدة.
ومن أهم تلك الأسباب والدواعي، التنازع الداخلي، وفساد القيادة وانتشار الظلم، والخيانة، والتعاون مع الأعداء علىالدولة والأمة والجهر بالمعاصي والسكوت عن المنكر وحماية الفواحش وضياع الحقوق بين الناس…
وفي الأندلس وقع الكثير من هذه الأسباب، ومنها تعاون بعض زعماء المسلمين مع ملوك النصارى على محاربة إخوانهم في الدين، مقابل أن يتنازلوا لهم عن بعض الثغور والجهات الاسلامية أو أن يدفعوا لهم إتاوات وأجورا هامة أو أن يحتفظوا لهم بحكمهم ويسالموهم في مملكتهم على حساب إخوانهم.. ولق كان بعض المسلمين يقاتلون تحت الراية الكاتوليكية لاحتلال مدن إسلامية وتقويض حكم المسلمين وتقتيلهم وتشريد من أفلت من السيف أو الاستعباد، وقع ذلك أثناء الفتنة القرطبية المشهورة، عند قيام ملوك الطوائف وبعد سقوط الحكم الموحدي بالأندلس إذ راينا بعض الأندلسيين يسيرون في ركب الجيوش النصرانية لاحتلال اشبيلية المسلمة!!
وظاهرة السقوط هذه لم تتطهر منها بلادنا الاسلامية، فما زال “البعض” يحرض النصارى على “بعضه” ومن ذلك ما تقوم به بعض الأنظمة الاستبدادية في استعداد النصارى على شعوبهم الاسلامية وتخويف بعض الأوربيين من “الصحوة الاسلامية” ومن “الأصولية الاسلامية” ومن “الإرهاب الأصولي” ومن “التطرف الديني وقد وجدت الدول النصرانية وعلى رأسها فرنسا فرصة للثأر من شعوب المغرب العربي التي أذاقتها المرائر أثناء كفاح الاستقلال، وكيف تنسى هزائمها في الجزائر وقبل ذلك في المغرب، وذكرى “مثلث الموت” بالريف لا تنساها فرنسا أبدا ولولا أنها اضطرت لإرجاع محمد الخامس رحمه الله إلى عرينه عزيزا مظفرا لأباد المجاهدون حوالي سبعة وعشرين ألفا من جيشها العتيد المحاصر ما ين بورد وأكنول وبوزينب من قبيلة كزناية المجاهدة.
إن مؤتمر وزراء الداخلية بتونس المعنون ب 3+4كان حلقة من حلقات التآمر على المغرب العربي والانتقام من شعوبه، غير أنه تبين لفرنسا واسبانيا أن مغرب اليوم هو المغرب الذي عرفوه وخبروه، إن موقفه الحازم في مفاوضات الصيد البحري، ورفضه المشاركة في المؤتمر الاستعماري بتونس لدليل أن المغرب ليس هو ذلك الرقم الزائد التابع، إن رقم المغرب من نوع خاص لا يسمح بأن يجمع مع أرقام تخالفه في نوعه وطبيعته وتاريخه واستقلاليته وعزته وكرامته. ولذلك أصر إصرار العزيز الكريم على أن ينأى بنفسه من العمالة والتبعية والخنوع لذلك كان التصريح الرائع عن سبب امتناعه عن ذلك المؤتمر الذي ضم المماليك النصرانية المستعمرة + الدويلات التابعة لها الدائرة في فلكها هو : إن موضوع المؤتمر لا يعنينا.
إن هذا الرفض الآبي له دلالات أخرى منها أن المغرب لا يتهم شبابه ولا يعادي نفسه ولا يتآمر على بعضه، فهو شعب واحد متراص متعاون متسامح فيما بينه يسعى لان يكون بما وصه الله سلفه الصالح بقوله تعالى : {محمد رسول الله والذين معه أشداء عل الكفار رحماء بينهم}
لقد أعاد هذا الموقف ومثله للمغاربة شعورهم بالفخر والاعتزاز وذكرهم بأيامهم الكثيرة المشرقة وبانتصاراتهم العظيمة الكثيرة وبمثل هذه المواقف تساس الشعوب وتربى الأجيال ويصنع التاريخ ولله العزة ولرسوله وللمومنين.
إذن يجب تصحيح المعادلة وإعادة النظر في عملية الجمع فتكون كالتالي : 3+4=2+4 لأن الرقم الواحد الذي زيد على الاثنتين الأوليين ليس من جنسهما، إنه المغرب وكفى. ومن نسي أو تناسى رمزه التاريخي ونوع رقمه الحضاري فليقرأ التاريخ.