الجزائر مقبرة الديمقراطية
الديمقراطية أهم نتاج تفتخر به الحضارة الغربية، فبالرغم من انقسامها قبل سقوط جدار برلين إلى شرق شيوعي وغرب ليبرالي، إلا أن القاسم المشترك الذي كان يجمع النظامين الغربيين آنذاك كان هو النظام الديمقراطي، ولكن بأشكال مختلفة.
لكن هذه الديمقراطية التي لا تختلف في مضمونها بشكل كبير عن نظام الشورى في الإسلام، أريد لها أن تطبق في العالم الإسلامي بكيفية مختلفة عن موطنها الأصلي (الغرب)، بهدف إضعاف الأمة وبهدف إجبارها على التبعية المطلقة لمصدر المرجعية المذهبية، وبالتالي التدخل والتحكم في مجريات الأمور داخل البلاد الإسلامية، مما يسهل سبل الاستغلال المكثف لخيراتها وخبرائها.
ولما أراد القادة الجزائريون برئاسة الشاذلي بن جديد تطبيق النظام الديمقراطي بالشكل الذي هو عليه في الغرب الليبرالي، اقتناعا وإخلاصا للبلاد، أو مُجبرا عليه وخوفا من ضياع كرسي الحكم، خصوصا بعد الأحداث الدامية التي عرفتها الجزائر في أكتوبر 1988، ثارت ثائرة قادة الغرب -خصوصا بعد النتائج المعروفة- فأقالوا بن جديد وعينوا مكانه عصابة من الجنرالات الذين لُطخت أيديهم بدماء شهداء حرب التحرير حيث كانوا يعملون ضباطا في الجيش الفرنسي، والذين انتفخت جيوبهم وأرصدتهم في بنوك سويسرا وغيرها من مال الشعب طيلة 28 سنة من الاختلاسات والرشاوي والصفقات الخارجية للحكومة..
وحدث ما حدث من إيقاف للمسار الانتخابي وحظر قانوني للجبهة الإسلامية للإنقاذ واعتقال للآلاف من مناضليها وعلى رأسهم الشيوخ، كل ذلك بحجة حماية الديمقراطية من أعداء الديمقراطية.
فكان أن قام الشباب الإسلامي بالدفاع عن نفسه وعن دينه وعن وطنه، مدعوما بالعناية الإلهية وبقوة الشعب.
واليوم بعد توقيع زعماء المعارضة -الذين حصلت أحزابهم على أكثر من 80% من أصوات الشعب الجزائري- على “العقد الوطني” بروما. جاء الرد سريعا من جماعة الإستئصاليين الذين يحكمون البلاد برفض هذا العقد وباعتبار لقاء روما عملا خيانيا. أما الغرب فلم يحرك ساكنا لحماية “الديمقراطية” كما فعل في هايتي بقرار من مجلس الأمن، واكتفى فقط بالإشادة باتفاق روما وبمناشدة النظام الجزائري بقبول هذا الاتفاق.
وهكذا يمكن القول -من خلال ماتبين- أن الديمقراطية على النمط الغربي قضت نحبها بالجزائر. وجاز القول بأن الجزائر مقبرة الديمقراطية بعدما كانت أول مقبرة للشيوعية.
أحمد الفيلالي