ضوابط العمل الإسلامي(3)
أما المصطلحات المنفرة السلبية الموضوعة من قبل أعداء الاسلام أو الناقمين على ظاهرة العودة إلى الاسلام، قصد التشويه والبلبلة، فإن العاملين في الحقل الاسلامي لا يقبلون سماعها، فكيف يمكن أن يتسموا بها. أو يقبلونها عنوانا وشارة لهم.
ومن جملة المصطلحات التي أطلقت على ظاهرة التزام المسلمين بإسلامهم الصحيح.
1- الرجعية : وهو مصطلح أطلقه اليساريون للتنقيص من المسلمين الذين الزموا أنفسهم ويحاولون دفع الناس إلى الالتزام بمبادئ وشرع الدين الاسلامي، واصفين إياهم بالرجوع إلى الوراء وهذا الرجوع يعني العودة بالناس إلى عصور الظلام والاستعباد والقهر والظلم والجهل مقابل ما يدعون إليه هم -وكما يزعمون- من المضي قُدُما بالانسانية إلى عصور العلم والحرية والمساواة والعدل إلى غير ذلك من المصطلحات الجوفاء التي استعملت وما زالت تستعمل فارغة من مدلولاتها ومحتوياتها وما ذلك الوصف المقابل >الرجعية< مقابل >التقدمية< إلا من أجل تشويه الداعين إلى الله وتقبيحهم في أعين الناس حتى لا يسمع لهم. وبالتالي يصرفون الناس إلى مصطلحاتهم البراقة التي أعمت -حقا- كثيراً من الناس.
2- الظلامية : لقد شاع هذا المصطلح وانتشر أكثر في المجتمع التونسي، ابتداءً من الجامعة التونسية ثم نزولا إلى الشارع، ثم إلى باقي العالم الاسلامي وخصوصا في الدول التي تتمتع بحركة اسلامية فعالة في الواقع. وهو مصطلح تشويهي واضح. وسبة ينعت بها المنتمون إلى الحركة الاسلامية.
ويلحق بهذا المصطلح مصطلحات أخرى كالتطرف، والخوانجية. والارهابيين،… وكلها من صنع خصوم هذه الظاهرة المباركة.
ومن آخر المصطلحات التي انتشرت في العالم أجمع مصطلح >الاصولية<. وهو مصطلح مستورد وغير نابع من البيئة الاسلامية الا أن بعض أبناء الحركة الاسلامية انطوت عليهم الحيلة، ولم يطلعوا على مصدر المصطلح فاعطوه تأويلا إيجابيا يتماشى مع مفهومهم لهذا المصطلح الذي ظنوه أنه منبعث من الاعتماد على الاصول السليمة >يعني الكتاب والسنة< وإنه تعبير سليم عن مواقفهم ومفاهيمهم المنبعثة من الاصول المعتمدة عند كل المسلمين، ألا وهي أصول التشريع والمبادئ الاسلامية الحقة لكن المصطلح في حقيقته -كما نشرت مجلة منبر الحوار- مصطلح غربي امريكي مسيحي يهدف إلى وصف المنتسبين إلى الدين عموما بالغلو ومعاداة الشعوب، والتخطيط لقهر الناس وإلزامهم بالقوة بما يؤمنون به هم. وارغامهم على تكييف حياتهم حسب المبادئ الدينية ولو لم يقتنعوا بها. قلت لقد ظهر المصطلح في أمريكا. وبعد ترهل المصطلحات السلبية الآنفة الذكر، وسعوا هذا المصطلح وأدخلوه إلى العالم الاسلامي ووصفوا به الحركة الاسلامية. يقول الكاتب GILLES KEPEL في كتابه >ثأر الله<. >المسلمون واليهود والمسيحيون في إعادة فتحهم للعالم سنة 1921 تحت عنوان >خلصوا أمريكا< ما نصه : >ان شيوع استخدام صفة >أصولي< في العقد الاخير وإطلاقها على الفئة الاسلامية من دون غيرها، جعل هذا التعبير يبدو وكأنه مرادف للمتدين المسلم، لكنه في الحقيقة تعبير غربي وتحديدا أمريكي< (1) كما يشير إلى أنه ان وصفت به الحركة الاسلامية في أواخر الثمانيات إلى الآن فقد استخدم هذا المصطلح في بداية القرن العشرين للتعبير عن مجموعة من اللاهوتيين البروتستانت اخذوا على انفسهم معارضة العصرنة السائدة يقول KEPEL : >برز استخدامه (مصطلح الاصولية) في السنوات العشرين بعد طبع مجموعة من الكتب من 12 جزءاً عنوانها : >الاصوليون< مكونة من 90 مقالا. موضوعة من قبل لاهوتيين بروتستانت يتصفون بمعارضتهم للعصرنة السائدة، طبع من هذه المجموعة 3 ملايين نسخة وزعت مجانا وتعرف الاصولية المتعارضة مع >الحداثة< و>الليبرالية< نفسها بشكل أساسي بناء على اعتقادها بالصحة المطلقة لكل ما جاء في التوراة< (2)
اذن فهذه التسمية أطلقت أولا على الحركة البروتستانية الداعية إلى رفض الحداثة، والمتمسكة بقوانين ومبادئ التوراة كما هي رغم تحريفها. ومحاولة الزام الناس بها. فكيف يسقط هذا الوصف أو الاسم على الحركة الاسلامية المنبعثة من أصول الحق المحفوظة من قبل الله تبارك وتعالى، >الكتاب والسنة< والداعية في عمقها إلى تعميق وتعميم العلم الحقيقي، الديني والمادي معاً، والعاملة على ازدهار الحضارة الانسانية >الاسلامية< وسعادة الانسان في الدارين. بينما الحركات المسيحية واليهودية تنطلق من منطلقات محرفة مليئة بالخرافات والاهواء والترهات. فكيف يمكن المقارنة بين الحركتين وربط الخيوط واستنتاج نفس الاهداف مع وضوح التباعد والتباين بينهما، إن لم نقل التنافي والتناكر.
(1) مجلة منبر الحوار س 7- العددان (23-24) 1992
(2) مجلة منبر الحوار : س 7-ع (23-24) 1992