التقرير الختامي للقاء الأول حول علوم الطب
المفاهيم والمصطلح، الماضي التأملي
والواقع العلمي.
كانت التوصيات على الشكل التالي :
أولا : المبادئ
يؤكد المشاركون في اللقاء على جملة من المبادئ انطلاقا من البحوث التي القيت والمناقشات المثمرة المستفيضة التي أعقبت بحوث اللقاء، وهذه أبرزها :
1-إن اللغة العربية مقوم رئيسي من مقومات وجود الأمة واستمرارها، وكل خطر يهدد اللغة هو خطر لا محالة على شخصية الأمة واستمراريتها ومستقبلها.
2-إن اللغة العربية، بالنسبة لأبنائها ولمستقبل أمتهم، في صراعها المرير ضد مختلف التيارات اللغوية المناهضة قد غدت وسيلة وغاية. وهي بما تمتلكه من وسائل تعبيرية وعناصر إثراء تعد مجالا خصبا للعطاء والاخذ، وهذا يجعل منها بلاشك، اداة قادرة على مواكبة علوم العصر بمصطلحاتها ومفاهيمها.
3- إن تأصيل العلوم وانتشار المعارف في أمة من الأمم لا يكون إلا بلغتها. ولذلك، فإن لحاق الأمة العربية بالحضارة العلمية المعاصرة ومواكبتها إياها ثم مشاركتها فيها يجب ان تبدأ باستخدام اللغة العربية تدريسا وبحثا وتأليفا وإعدادا للمصطلحات العلمية والطبية. وقد دللت النهضة التراثية على أن اللغة العربية، بحكم خصائصها وثراء متنها وبما أسهمت فيه في سابق العهود، عطاء وأخذا صالحة لأداء هذا الدور في الأزمنة المعاصرة أيضا.
4-إن تأصيل اللغة لا يقتصر على الأخذ بها في مرحلة دون مرحلة أو في جانب من العلم دون جانب، وإنما يجب أن يمازج هذا التأصيل مراحل التعليم كلها منذ بدايتها، حتى يتيسر لأبناء هذه اللغة أن يعايشوها معايشة كاملة تساعد بعد ذلك على التصرف بها وتطويرها.
5- إن القضية الطبية التراثية إحدى أهم القضايا المصطلحية التي تستأثر باهتمام علماء الأمة، أساتذة وأطباء ومصطلحيين. فالتراث الطبي العربي على امتداد تاريخه الحافل واتساع متنه وحجم مدونته ليعتبر رافدا أساسيا في العمل المصطلحي المعاصر، أو هكذا يجب أن يكون.
ثانيا : التوجهات والمنطلقات
1- في مسألة المنهجية : أكد المجتمعون في توجهاتهم وأبحاثهم على ما يلي :
أ- إن مفهوم المنهجية العلمية المصطلحية مفهوم واسع يقتضي التحديد والتمييز بين منهجية للوضع المصطلحي وثانية للتوحيد والتنميط وثالثة للتنسيق ورابعة لآلية العمل المصطلحي ذاته، وهكذا…
ب- إن مفهوم التنسيق الشامل في مجال التعريب عامة، وإعداد المعاجم المختصة خاصة، أساسي في تنظيم الجهود وتلافي مساوئ التكرار واحتواء النزعات القطرية في وضع المصطلح العلمي والطبي، ومكتب تنسيق التعريب الذي أسس توخيا لهذه الغاية، يمضي قدما في هذا المسعى النبيل، قصد تجسيد منهجية شاملة للتنسيق توائم بين الجهود اللغوية والمصطلحية، وآليات العمل المصطلحي وضعا وتوحيدا وتقنية.
ج- إن منهجية وضع المصطلح العلمي التي أقرت في ندوة :” توحيد منهجيات وضع المصطلح العربي”، التي عقدها مكتب تنسيق التعريب بالرباط (1981) واستكملت في ندوة تطوير منهجية وضع المصطلح العلمي العربي وبحث سبل نشر المصطلح الموحد وإشاعته، (عمان 1993) تعتبر أساسا صالحا لوضع المصطلح الطبي الحديث.
د- إن مؤتمرات التعريب التي يعقدها مكتب تنسيق التعريب (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) تجسد وسيلة مثلى من الوسائل المعاصرة في توحيد المصطلح العربي شريطة أن يؤخذ بما جاء في قراراتها وأن تطبق توصياتها مع الحرص على تطوير آلية العمل التي تعمل بمقتضاها بين المؤتمر والمؤتمر، قصد الإستقادة من كل جديد في وضع المصطلح وتوحيده، واستجابة للمتطلبات المنهجية والعلمية في مجال المصطلح العربي.
2- في وضع المصطلح الطبي العربي.
أ-موضوع التراث الطبي : إن المسألة التراثية في مختلف العلوم وضمنها الطب، تقتضي ما يلي :
1-الاستقصاء الشامل للمصطلحات العلمية والطبية في مظانها التراثية ومصادرها العربية القديمة.
2-الاستقصاء الشامل للمفاهيم والمعاني والمتواردات ذات الصلة، في بطون المؤلفات العربية القديمة، لمقابلتها مع المصطلحات العلمية الحديثة قصد إيجاد المصطلح أو المفهوم المعوز في هذا المجال أو ذاك.
3-تصنيف المصطلحات المستقصاة وكذلك المفاهيم، تصنيفا ملائما وحديثا كيما يخدم أهداف البحث العلمي المعاصر، ويلبي متطلبات علم المصطلح وقضاياه. ويقتضي الأمر، أن يوكل هذا العمل إلى مجموعات عمل تتفرغ لإتمامه، أو إلى مؤسسة مثل المركز العربي للوثائق والمعلومات الصحية بالكويت لينجزه بالتعاون مع مكتب تنسيق التعريب.
4-فهرست كتب التراث المعجمي والطبي وتصنيفها وفقا لأهميتها.
5-إخراج ونشر هذه المؤلفات على نطاق واسع.
ونعتقد أن عملا شاملا ودقيقا مثل هذا لا بد وأن يتطلب الإستعانة بمعطيات علم المصطلح وتقنيات الحاسوب، نظريا وتطبيقيا.
ب) في وضع المصطلح الطبي وإعداد المعجم المختص حديثا :
يؤكد المشاركون في اللقاء، في هذا المجال، على ما يلي :
1-الأخذ في الإعتبار ما أنجز في موضوع المصطلحات الطبية واعتبار المصطلحات الطبية الموحدة المتفق عليها قضية محسومة، ولا يراجع منها إلا ما اختلف حوله اختلافا بينا.
وإذ ينوه المجتمعون بالمعجم الطبي الموحد ويدعون إلى استعماله وتطبيقه في كليات الطب العربية، فإنهم يحيون أية جهود مكملة قامت أو قد تقوم بها المجامع اللغوية العلمية العربية، ومكتب تنسيق التعريب، والمؤسسات المصطلحية المختصة في الوطن العربي في إطار التنسيق المتبادل.
2-يحيى المؤتمر كذلك الجهود الفردية المميزة في إعداد المعاجم الطبية وخاصة تلك التي تخضع في مسار إعدادها للنظر الجماعي.
وفي هذا الصدد يرى المؤتمر، وقد اطلع على بادرة الأستاذ الطبيب عبد الحفيظ لهلايدي في إعداد (المعجم المصور لعلوم الطب)، وذلك بالتعاون مع مكتب تنسيق التعريب، إلى أهمية عقد لقاءات أخرى لمتابعة العمل فيه ولاستكماله لينسجم في النهاية مع الأعمال المعجمية الموحدة طابعا ونتاجا.
ومن هنا، يدعو المؤتمر المؤسسات العربية المتخصصة إلى دعم هذا المعجم لتحقيق الهدف منه.
3-الإلتزام بقرارات مؤتمرات التعريب وقرارات مؤتمرات مجامع اللغة العربية والمعاجم العلمية العربية، واستعمال مصطلحاتها الموحدة.
4-ضبط المصطلحات في مجالاتها الطبية تمييزا لها عن دلالاتها اللغوية العامة.
5-تصنيف المصطلحات الطبية (والعلمية) وفق منظومات المفاهيم التي تتضمنها هذه العلوم، تبعا لكل حقل من حقولها الطبية، وترتيب المصطلحات المنضوية تحت المنظومة الواحدة ترتيبا الفبائيا.
6-إن وجود المصطلحات الدخيلة في معاجم الطب أو مدونته لا ينبغي أن يكون، عائقا حيال مسيرة التعريب، لأن مبدأ الإقتراض اللغوي موجود في اللغات كلها، كما أن الزمن والإستعمال كفيلان بتهذيب مثل هذا النوع من الألفاظ.
7-إن المسألة المصطلحية في تشعب منهاجها وضعا وتوحيدا وتنسيقا، تتطلب الإستعانة بالحاسوب اختصارا للزمن وتحقيقا لأداء أفضل وأيسر وفي هذا الشأن، يدعو اللقاء إلى ربط بنوك المصطلحات العربية في (تعاونية) فعالة، تمهيدا لإنشاء الشبكة العربية للإعلام المصطلحي مستقبلا.
ثالثا : الجامعات العربية ومؤسسات البحث العلمي المصطلحي.
اطلع المؤتمرون على تجارب عدد من كليات الطب التي عربت مناهجها التعليمية، أو التي حاولت تعريبها ولم تستكمل خطواتها بعد، لسبب من الأسباب. وإذ ينوه اللقاء بما بلغته سوريا الشقيقة في هذا المجال، وبالتجربة السودانية الناجحة.. وإذ يدعو الجامعات العربية الأخرى إلى الإقتداء بهما -فإنه يطالب جامعات الوطن العربي عامة- وكليات الطب ومؤسسات البحث العلمي خاصة بما يلي :
1- إدراج مساقات مصطلحية مبرمجة في الكليات العلمية والطبية والعلوم الإنسانية بالجامعات العربية، تكون جزءا من المناهج الجامعية التي يتحصل عليها الطلبة، لتمكينهم من التعامل مع المصطلح مستقبلا تدريسا وتأليفا.
2- تمكين طلبة الجامعات العربية من التسلح بمعرفة اللغات الأجنبية الحية، والتأكيد على ذلك، للإطلاع على آخر نظريات العلم في مصادرها الأجنبية.
3- تشجيع الطلبة الجامعيين الذين يعدون اطروحاتهم في قضايا التراث المصطلحي، ماديا ومعنويا.
4- تمكين الطلبة من ولوج الكليات المعربة وتوسيع قاعدة القبول فيها.
5- أن تعتمد الجامعات العربية في كلياتها المختلفة مبدأي التصنيف والتوثيق في الإطار المصطلحي، للتمكين من جمع واحتواء ما صدر في مجال المصطلح من معاجم ووثائق وقرارات،في مكتبات مصطلحية، تسهيلا للعمل المصطلحي ولقضايا أخرى ذات صلة.
6-الدعوة إلى إقامة دورات تدريبية لأساتذة التعليم العلمي الجامعي، في سوريا الشقيقة لتمكينهم من الترجمة والتأليف والتدريس باللغة العربية. وعلى هذا،يطالب المؤتمرون القطر السوري الشقيق بتوفير المراجع الطبية لمكتبات كليات الطب في الوطن العربي امتدادا لذلك الهدف، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
7-اعتماد المعجم الطبي الموحد مصدرا أساسيا للمشتغلين بالمصطلح الطبي. وإذ يسجل اللقاء اعتزازه بهذا المعجم فإنه يرفع شكره الموصول إلى منظمة الصحة العالمية التي ما فتئت تحسن من مستواه.
وعلى هذا، يناشد المؤتمرون رؤساء الجامعات العربية وعمداء أو قيدومي كلياتها ومديري مؤسسات البحث العلمي وكذا الجهات ذات العلاقة بتيسير مهمة استخدام اللغة العربية في الكليات العلمية والطبية التي لم تعرب مناهجها بعد، وتوفير الإمكانيات المناسبة لتحقيق ذلك.
رابعا : توصيات إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
يسجل المشاركون في اللقاء تنويههم بالدور الذي تقوم به المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال إدارتها العامة وأجهزتها الخارجية (كمكتب تنسيق التعريب) في دعم وتنفيذ البرامج العلمية ذات الطابع القومي. واللقاء في هذا الصدد يوصي ويناشد المنظمة بما يلي :
(1) إعداد قوائم تفصيلية بأسماء وعناوين وتخصصات أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات العربية، وكذلك بالمعنيين بالتعريب والمنشغلين بقضايا المصطلح في الوطن العربي، وتوزيعها في أوسع نطاق ممكن.
(2) حصر القرارات والتوصيات والتقارير الصادرة عن الندوات والمؤتمرات التي عقدت في موضوع التعريب، سواء تعلق الأمر بالمنظمة أو بغيرها، لطباعتها وتوزيعها على الجهات المعنية في الوطن العربي، بما فيها وسائل الإعلام المختلفة.
(3) تبني الأعمال المعجمية والمصطلحية المتميزة والقيام بطباعتها وتوزيعها في الوطن العربي.
(4) دعم المؤلفين والناشرين الذين يخدمون قضية التعريب ماديا ومعنويا.
(5) تأمين الكتاب الطبي المعرب ومشروع المجلة الطبية العربية بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية ومنظمة الصحة العالمية والمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية (أكمل) الكويت.
(6) تبني المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة الصحة العالمية مشروع دراسة التجربة السودانية في تعريب العلوم وعلوم الطب الماثلة، لتقييمها والإستفادة من نتائجها الإيجابية، دعما لمشروع تعريب العلوم الطبية في الوطن العربي.
(7) تبني المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في شخص مديرها العام معالي الأستاذ محمد الميلي مهمة السعي إلى استصدار القرار السياسي النافذ للبدء بالتعريب الشامل في الوطن العربي.
(8) دعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لدعم “المعجم المصور لعلوم الطب” وذلك بالوسائل المناسبة والملائمة لإنجاح هذا العمل.
خامسا : وسائل الإعلام العربية
يناشد المشاركون في اللقاء وزارات الإعلام العربية الإهتمام من خلال وسائلها الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية بما يلي :
(1) العناية باللغة العربية في موادها الصحافية والإخبارية والتحليلية.
(2) تمكين المصطلحات العربية الموحدة من الذيوع والإنتشار، إستنادا إلى أن مبدأ الإستعمال هو الكفيل بإشاعة المصطلح وتقبله.
(3) تغطية المؤتمرات واللقاءات والندوات التي تعنى بموضوع التعريب والمصطلح تغطية واسعة.
توصيات خاصة
(1) يناشد المؤتمرون قادة الدول العربية (أولا)، ووزراء التعليم العالي (ثانيا) ورؤساء الجامعات وعمداء وقيدومي الكليات العلمية والطبية (ثالثا) العمل على إصدار القرار السياسي الذي يؤمن على القرارات التربوية والعلمية لبدء مسيرة التعريب العلمية، وتقديم الدعم اللازم لذلك.
(2) يناشد المشاركون في اللقاء رؤساءالجامعات العربية التي قطعت مراحل مهمة في التعريب بأن تمد جامعات الجزائر الشقيقة بالوسائل الممكنة لتعريب برامجها الجامعية، وإتاحة الفرصة للزيارات المتبادلة بين هيئات التدريس لكلا الجانبين.
كما يدعو اللقاء إلى تعزيز البنك الآلي السعودي للمصطلحات بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خلال مده بما صدر من مؤلفات علمية وكتب مترجمة ومعاجم موضوعة.