بارقة
التنمية القذرة
> الدكتور عبد السلام الهراس
قام الإسلام على أساس الطهارة والتطهير والنظافة والتنظيف والطيب والتطييب وأكل الحلال وإنتاج الحلال والسعي في الحلال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الأحزاب 33/33].
(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة 2/223]
وقال قوم لوط لنبيهم وأتباعه الاطهار :
(أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) النمل 27/56].
(لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطَّهِّرين) التوبة 9/108].
وقال تعالى : (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) البقرة 2/168].
(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون…) البقرة 2/267].
(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) المؤمنون 23/51].
وعن المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية والحكم الإسلامي يقول تعالى :
(وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) الحج 22/24] ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا”.
بهذا كانت المجتمعات الإسلامية تنجز تنميتها العظيمة خلال تاريخها المشرق بالأعمال الجليلة والبطولات الخارقة والفتوحات العالمية المذهلة فلما استبدلت الخبيث بالطيب والربا بالصدقات والحرام بالحلال والذل بالعز والابتداع بالاتباع ورضى النصارى واليهود بسخط الله واشترت الضلالة بالهدى والدنيا بالدين وقوانين البشر بشريعة الله سلط الله عليها شرار الخلق وأراذل البشر وأكابر المجرمين وأشهر الطغاة..
ومع ذلك فهي ما تزال سادرة في غيِّها متحمسة لتيهها ملحة على تخلفها ومصرة على مزيد من السقوط والنكوص.. لذلك لا عجب أن يسمح لها ضميرها بأن تعتمد في تنميتها على مصادر قذرة وموارد حرام كالخمور والمخدرات والمكوس والسياحة في النوع الذي يقتضي تنشيط الدعارة وعلب الليل والاقتراض المستمر بالربا وتشجيع الفنادق على الشواطئ وانتزاع أراضي الفقراء منهم من أجل ذلك بوسائل شتى من القهر والتسلط وفي ذات الوقت تهمل إنسانها ولا سيما شبابها وطفولتها وعلماؤها وأدمغتها المفكرة والمخترعة والمبدعة كما تهمل ترابها وأرضها وسواحلها التي تحتاج إلى تجهيزات مناسبة للصيد البحري…
إن كل تنمية لا تعتمد على الإنسان أولا. الإنسان المكرم العزيز وعلى الدراسات العلمية الشاملة التي تتولاها عقول نظيفة وأيدي متوضئة وعلى المال الحلال الطيب، وعلى الإدارة الراقية الحازمة المستقيمة فإنها تعميةٌ وضلال.. (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا…) الأعراف 7/58].