خطبة منبرية – حقيقة الصلاة وأثرها في الحياة 1


 

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره…

عباد الله: إن من أعظم مظاهر تقوى الله وطاعته والاستجابة لأمره والنجاة من الخزي والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة إقامة الصلاة والمحافظة عليها، فما هي مكانة الصلاة في الدين؟ وما جزاء المصلين؟ وما هي عقوبة الذين يتركون الصلوات؟

أولا: مكانة الصلاة في الإسلام:

الصلاة عمود الدين وأساسه فكيف يكون دين العبد وهو تارك للصلاة؟، قال رسول الله : «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة».

الصلاة ركن عظيم من أركان الإسلام جاءت بعد الشهادتين، قال رسول الله : «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان» (رواه البخاري).

وهي أول العبادات التي فرضت على النبي  ليلة الإسراء والمعراج.

وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فعن أبي هريرة  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ»،(صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي).

والصلاة آخر وصية وصى بها رسول الله  عند مفارقة الدنيا قائلا: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم».

وقد جعل الله تعالى للصلاة وقتا محددا معلوما: قال : إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا (النساء: 103).

وأمرنا سبحانه بالمحافظة عليها: وقال تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين (البقرة 238).

 ثانيا: خطورة وعقوبة إضاعة الصلاة والتهاون فيها:

أيها المسلمون لقد عرفنا مكانة الصلاة ومنزلتها في دين الله  فما بال العباد يضيعون الصلوات ويتركونها ويهجرون الجمع والجماعات؟، فيجتمعون في الملاهي والمنكرات ويتركون الصلوات؟، يستجيبون للأفلام والمسلسلات ويتكاسلون في أداء الصلوات؟ ينشطون لمشاهدة المباريات والبطولات الرياضية ويتثاقلون في أداء الصلوات؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله، هل يعرف أولئك جميعا عقوبة ترك الصلاة والتهاون فيها؟

عباد الله: إن ترك الصلاة ذنب عظيم، بل إن رسول الله  قد قرن بين ترك الصلاة والكفر أو الشرك والعياذ بالله فقال : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»(أخرجه أحمد)، وقال النبي  أيضا: «بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة»(أخرجه مسلم).

- ترك الصلاة يوجب غضب الله تعالى: قال النبي : «من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان» (أخرجه البزار).

- وتوعد الله جاحد الصلاة بالعذاب الأليم يوم القيامة: قال تعالى حكاية عن جواب الكفار حين يسألون: ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين (المدثر: 42-43).

- الويل والثبور لمن أخر الصلاة عن وقتها: قال تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون (الماعون: 5).

- ترك الصلاة والكسل في أدائها من علامات النفاق: أخبر النبي  أن ذلك من علامات النفاق بقوله: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا». (رواه البخاري ومسلم).

- الوعيد الشديد لمن أضاع الصلاة: قال تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا (مريم: 59).

الخطبة الثانية:

أما بعد: عباد الله إذا كان العذاب الأليم والخزي العظيم جزاء من أضاع الصلاة وغفل عن الأوقات واتبع الشهوات فإن الله أعد للمصلين رفع الدرجات وتكفير السيئات والزيادة في الخيرات، ويتجلى ذلك:

- أولا: تكفير السيئات ورفع الدرجات:

فإن الله تعالى يرفع درجات المصلين ويمحو خطاياهم: قال رسول الله : «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه؟». قالوا: لا يبقى من درنه، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحوا الله بهن الخطايا» (متفق عليه).

- ثانيا: الإكرام بضيافة الجنة:

قال رسول الله : «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح» (متفق عليه).

- ثالثا: قرب العبد من الله تعالى:

إن المصلي يكون قريبا من الله تعالى يستجيب له ربه ويحفظه ويفرج كرباته قال تعالى: واسجد واقترب، وقال م: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد».

- رابعا: البعد عن الفحشاء والمنكر:

فالمصلي يحفظه الله تعالى من الوقوع في الفحشاء أو المنكر: قال تعالى: وأقم الصلاة إِنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاءوالمنكر (العنكبوت: 45).

- خامسا: الشعور بالراحة والسكينة:فذكر الله عموما -والصلاة ذكر لله– يوجب الشعور بالطمأنينة والسكينة قال الله تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ لذلك كان رسول الله  يجد لذة السكينة وطعم الراحة في صلاته فيقول  لبلال «أرحنا بها يا بلال» (أخرجه الطحاوي).

خامسا: شروط أساسية في الصلاة:

عباد الله لكي نفوز بهذه الفضائل والمكرمات وننال رفعة الدرجات لابد من شروط أساسية نتخلق بها في الصلاة، من هذه الشروط:

- أن تكون الصلاة في جماعة لمضاعفة الأجر

- أن تكون الصلاة في لباس نظيف: قال تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد (الأعراف: 31).

- أن نحافظ على أوقات الصلوات وخصوصا صلاة الفجر.

- أن نأتي المساجد بتأنٍّ وسكينة ووقار.

- تجنب المشوشات أثناء الصلاة.

- الخشوع في الصلاة والاجتهاد في ذلك.

- أن يرى أثرها على العبد خارج الصلاة من الأمانة والخير واجتناب الموبقات.

صلاة الخاشعين:

عباد الله: مما يعين على إتقان الصلاة والخشوع فيها ذكر سير الصالحين في الصلاة، ومن هذه السير مثلا:

- سيرة ابن الزبير فقد كان  إذا قام إلى الصلاة فكأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره، لا تحسبه إلا جِذعاً أو حائطا.

- وكان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته، ولقد انهدمت ناحية المسجد ففزع لها أهل السوق فما التفت.

- وسئل حاتم الأصم عن صلاته فقال: أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن يساري وملك الموت على رأسي وأظنها آخر صلاتي ثم أكبر تكبيرا بتحقيق وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعا بتواضع وسجودا بخشوع ثم أسلم ولا أدري أقبلت صلاتي أم لا.

فاللهم اجعلنا من المصلين وثبتنا على الصراط المستقيم….

د. حميد السراوي


اترك رداً على نوال اليوسفي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

One thought on “خطبة منبرية – حقيقة الصلاة وأثرها في الحياة