نظرات ومقترحات في قضايا التعريب


عقدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم المؤتمر العاشر للتعريب في الفترة 11- 16 جمادى  الأولى 1423هـ/ 20- 25 يوليوز 2002م بدمشق تحت شعار :   قضايا تعريب التعليم العالي في الوطن العربي

ونقدم للقراء فيما يلي : بيان المؤتمر وكلمة د. الشاهد البوشيخي

مدير معهد الدراسات المصطلحية بفاس

نظرات ومقترحات في قضايا التعريب

أ.د. الشاهد البوشيخي

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم

أول ما أبدأ به : الشكر أجزل الشكر لسورية الشقيقة التي طبقت التعريب، ونادت بالتعريب، واستضافت مؤتمر التعريب، رئيساً وحكومة وشعباً، وزارةً للتربية ولجنة.

ثم الشكر أجزل الشكر للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وجهازها المختص : مكتب تنسيق التعريب التي صبرت وصابرت ورابطت في ثغر التعريب سنين عددا.

أما بعد، فهذه رؤوس أقلام أقدمها بين أيديكم في شكل نظرات ومقترحات باسم معهد الدراسات المصطلحية بفاس – وهو معهد للبحث شبه متخصص في المصطلحات التراثية في مختلف أصناف العلوم : الشرعية و الإنسانية والمادية – أقدمها بعد الاستماع طيلة المؤتمر لطيب الكلام، إسهاماً في المعهد في محاولة تجاوز الكلام :

أ- النظرات :

1- التعريب بالنسبة لأمتنا اليوم شرط وجود، بدونه لا يكون لنا وجود، وبوجوده قد يكون لنا وجود وقد لا يكون لنا وجود، إذ ليس هو وحده فقط الذي به يكون لنا الوجود.

2- التعريب بالنسبة لأمتنا اليوم فريضة شرعية، وضرورة حضارية وحتمية تاريخية،لا تحصيل للأمة لرضى الله جل وعلا بدونه، ولا دخول لها إلى التاريخ من جديد من غير بابه،ولا مفر لها – ولو ازورت ما ازورت من اقتحام عقبته – من حلول قدره : أينما يكن العرب يدركهم يوماً التعريب، ولو كانوا في نوم عميق أو شك مريب.

3- التعريب مفهوم شامل أهونه هذا اللغوي الذي جاوز الخوض فيه بغير حسم مدة تيه بني إسرائيل ولو أرادوا الحسم لأعدوا له عدة، ولكنه هزل المسؤولين ونوم السائلين :

نامت نواطير ” عرب ” عن ثعالبها   فقد بشمن وما تفنى العناقيد

4- التعريب مرحلة تمهيدية، كان ينبغي أن يفرغ منها من زمان، لينتقل منها إلى التحدي الحضاري، فالشهود الحضاري، فالشهادة على الناس التي هي حاق موقع الأمة، والأفق المنتهى لكل واقع في الأمة.

5- التعريب حاجة مداره على أمرين :

- ترجمة ما حقه الترجمة من معارف أولا،

- وإيجاد المقابل العربي للمصطلحات الأجنبية ثانياً.

وهما متكاملان، يستفيد بعضهما من بعض، ولا يتوقف وجود بعضهما على بعض. وما أحسن أن يتفرغ المركز العربي للتعريب لهم الترجمة، ولاسيما في المجالات التي تشتد فيها الحاجة، منسقاً وناشراً ومعمماً!

وما أحسن أن يتفرغ “مكتب تنسيق التعريب” لمعاجم المصطلحات، مزيلة للعجمة بشروحها، ولا سيما في المجالات التي تشتد فيها الحاجة، منسقاً ونـاشراً ومعـمـماً !

فهل نطمع في قرار قريب بهذا أو توجه مركز إلى شيء من هذا ؟

6- التعريب إنجازا في التعليم العالي وغير العالي مداره على محورين :

أولاً -الأستاذ : ولابد من إعداده الشامل نفسياً، ولغوياً، وعلمياً حتى نصل إلى استعداده. ومن ذلك الإعداد ما يسبق وما يلحق، وفي الجاهز منه ما يكفي للانطلاق، وفي التكوين الموازي والإنجاز التدريجي ما يسد الحاجة فيما هو باق، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة.وللمدلج الساري صفاء المناهل.

ثانياً- الكتاب : ولابد من إيجاده مؤلفاً أو مترجما، وفق شروط الجودة بلغة أهل الاقتصاد، منشوراً معمما،ً وذلك واجب “المركز العربي للتعريب” منسقاً، وناشراً، ومعمماً.

7- التعريب تنزيلاً مداره على ثلاثة أمور :

أ-عزم أهل الحل والعقد في الأمة حكاما مقررين كانوا، أم ناصرين للقضية مبادرين ضاغطين. وما ضاع حق وراءه طالب، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر.

ب-السرعة في تلبية الحاجة من جهات الإنتاج والتنسيق والنشر والتعميم. ولم تكد وسائل الاتصال والتواصل الحديثة تترك عذرا لمعتذر. فهل نطمع في تعميم الموجود بأسرع ما يمكن، والإعداد للمنتظر المفقود بأسرع ما يمكن، ياليت قومي يفعلون.

جـ-منهجية صارمة حازمة في المتابعة للقرارات والتوصيات، والتقويم المستمر للإنجازات تبعاً للمخططات، بإنشاء جهاز للحسبة بلغة الفقهاء في قضية التعريب،  يحفظها من شهوات  شر التخريب، وكيد شبهات التغريب، لتستوي بسلام على جودي الواقع في وقت قريب.

ب- المقترحات :

1- إعطاء المركز العربي للتعريب ومكتب تنسيق التعريب الدعم اللازم لهما للنهوض برسالتهما الضخمة.

2- حصر جهود المركز العربي للتعريب مؤقتاً استجابة للأولويات، في إعداد كتب المواد المقررة اللازمة للتعليم في مجال العلوم المادية تأليفا وترجمة. على أن يكون هو المكلف بالتنسيق بين المؤسسات المهمة بذلك، والمسؤول عن النشر والتعميم لكل ما أنجز من ذلك.

3- حصر جهود مكتب تنسيق التعريب مؤقتا استجابة للأولويات كذلك في إعداد المعاجم الخاصة اللازمة في مجال العلوم المادية، على أن يكون هو المكلف بالتنسيق بين جميع المؤسسات المهتمة بذلك، والمسؤول عن النشر والتعميم لكل ما أنجز من ذلك.

4- تعميم جميع التجارب  وعلى رأسها تجربة سورية وتعريب التعليم العالي على جميع الجامعات والمدارس والمعاهد العليا بالوطن العربي تيسيراٍ للانتفاع بها والانطلاق منها في أي تجربة جديدة.

5- توزيع المسؤوليات في إعداد ما يلزم من كتب المواد المقررة ومعاجم المصطلحات على جميع الهيآت والمؤسسات، كل حسب اختصاصه وقدرته ورغبته، لتتحقق السرعة والجودة في الإنتاج. وبهذه المناسبة، فإن معهد الدراسات المصطلحية يضع كل إمكاناته في حدود اختصاصه وقدرته رهن إشارة المنظمة فيما يوكل من ذلك إليه. ومتى أسسنا أعمالنا على العلمية، وسرنا في التخطيط العام والخاص لها وفق ما تقتضيه المنهجية، و أنجزنا كل ما ننجز بتنسيق وتكاملية فسنحصل بإذن الله تعالى على أفضل مردود بأقل مجهود. {ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريبا}. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. والسلام عليكم ورحمة الله.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>