آيبون… تائبون! 22- قبل فوات الأوان!


أتكون هي؟!

رآها مدرجة في دمائها بين السيارات… لم يعرفها حينها.. حوقل ومضى اتصلت به الشرطة.. هرع إلى  المستشفى.. صدم.. أتكون فعلا ابنته؟ أي عري وأي تبرج؟!

فهم لماذا كانت الفتاة تحدق فيه، وهي تعبر الطريق… ظنت أنه يتعقبها، فخافت منه وهرولت، إلى أن صدمتها سيارة.. رغم أنه لم يعرف أنها ابنته!

لم ير ابنته متبرجة، ولو أمامه في البيت.. كان يلزمها بالحجاب، منذ طفولتها، ولو في البيت.. بدعوى هروب الملائكة إن هي عرت رأسها.. لم يداعبها قط.. لم يسمح لها باللعب في صغرها، ولا برفع صوتها.. معاملته لها كلها غلظة وفظاظة.. لم تختر قط لباسها.. فهو الذي يختار لها لباسا خشنا ويهددها دائما بتوقيفها عن الدراسة لتلزم البيت…!

الشارع فرصتها.. تبرج وميوعة.. تفتخر أن أباها لا يعرفها وهي تمر أمام متجره.. وفي البيت تلبس وتتصرف كما يريد هو…!

يسترق إليها النظر عبر الزجاج، وهي في غيبوبتها الطويلة تحت العناية المركزية يدعو لها.. يبكي ندما على  سوء معاملتها.. يتمنى لو تعيش، فيحضنها بكل أبوته.. لو يعود الماضي، ليمنحها فضاء حرية، تمارس فيه طفولتها التي صادرها..!

ازداد حزنا حين زار عالما، فوجده بين طفلاته، يلاعبهن ويحضنهن وهن في لباس الطفولة.. فعرف الجواب عن تساؤله دون أن يسأله!

كانت تفيق من غيبوبتها أحيانا.. لكنها تعود إليها حين ترى والدها أو تسمع صوته..!

بكى فرحا وهو يمسح ناصيتها، ويدعو لها بالشفاء العاجل، ويعتذر لها..!

عاد إلى  البيت، تفقد صغيراته.. ضمهن إليه وهن مندهشات.. فلم يسبق له ذلك.. وقد عزم على تغيير معاملته لهن وتربيتهن بالرفق والرحمة.. قبل أن يفوت الأوان!

 ذة. نبيلة  عـزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>