اللغة العربية لغة القرآن الكريم8- الاستعمالات الخاطئة تفقد اللغة قيمتها التعبيرية


فعل طال وما يقصد به في الاستعمالات الجديدة (جـ)

اتضح لنا في الحلقة الماضية (عدد 329 من المحجة) أن أصل الألف في فعل طال واو، وهذا ما لا يسمح بأن يكون مُضارعه (يطال) على وزن يَفْعَل بفتح العين، وأشرنا إلى أن هذا الفعل يأتي تارة لازما وتارة متعديا، ولا حظنا أيضا أن الاستعمالات الخاطئة تأتي به متعديا ومع ذلك لا تَطَابُق بين دلالته كما هو في المعاجم متعديا، وهذه الدلالات الجديدة! وفي هذه الحلقة نعرض دلالات هذا الفعل (طال)  من حيث مادته (ط ـ ا ـ ل) ومشتقاته.

أولا : دلالة المادة الأصلية : يقول ابن فارس : (طول) : الطاء والواو، واللام أصله صحيح يدل على فضل وامتداد في الشيء.

من ذلك : طال الشيء يطول طولا. قال أحمد بن يحيى ثعلب :  الطول : خلاف العرض… وطال فلانا فلانٌ أي إنه أطول منه.

قال الشاعر :

إن الفرزدقَ صخرة ملموهة     ***     طالت فليس تنالها الأوعالا

وهذا قياس مُطرد في كل ما أشبه ذلك. فيقال للحبل الطِّوَل، لطوله وامتداده… ويقولون لا أكله طوَال الدهر…” معجم مقاييس اللغة 3/433. وعليه ف “الطول نقيض القصر في الناس وغيرهم من الحيوان والموات. ويقال للشيء الطويل : طال يطول طولا فهو طويل.. وكل ما امتد من زمن، أو لزم من همٍّ ونحوه فقد طال، كقولك طال الهم، وطال الليل  ل ع 11/411.

هكذا نلاحظ أن مادة ( ط ـ ا ـ ل) تدل على الطول الذي هو الامتداد في الأشياء المحسوسة والمعنوية. هذا بالنسبة لدلالة  المادة بأصلها أي فعل طال الأصلي المجرد. أما دلالات مشتقاته فهي كما يلي.

ثانيا : دلالات مشتقات فعل طال : وهذه المشتقات أنواع منها ما هو مجرد على وزن فَعْل بفتح الفاء وسكون العين، ومنها ما هو على وزن فِِعََل بكسر الفاء وفتح العين. وثمة صيغ أخرى مزيدة بحرفين أو أكثر ونورد نماذج من هذه المشتقات بأمثلتها ودلالاتها كما يلي :

أ ـ طوْل على وزن فَعْل : في التنزيل العزيز “ومن لم يستطع منكم طَوْلا” (الآية) قال الزحاج : معناه من لم يقدر منكم على مهر الحرة، قال : والطَّول القدرة على المهر. وقوله عز وجل “ذي الطَّول” أي ذي القدرة … والطَّول : الفضل، يقال : لفلان على فلان طَوْل أي فضل… ” ل ع 11/414

ب ـ الطِّوَل أو طِوَل : “والطِّول : بالكسر الحبل الطويل… وفي الحديث : لا حمى إلا في ثلاث : طِوَل الفرس، وثَلة البئر وحلقة القوم…”

والطِّول : التمادي في الأمر والتراخي، يقال : طال طِوَلُك… أي طال مكثك وتماديك في أمرها. ل ع 11/413

ج ـ أطْوَل : ” والأطول : نقيض الأقصر، وتأنيث الأطول : الطولي وجمعها الطُّوَال.

د ـ الطُّوال : الطُّوال بالضم : الطويل، يقال : طويل، وطُوَال، فإذا أفرط في الطول قبل : طُوَّال بالتشديد.

والطِّوَال بالكسر : جمع طويل، والطَّوال بالفتح من قولك لا أكلمه طَوَال الدهر، وطُول الدهر بمعنى  ل ع 11/411 .

والسبع الطُّوال من سور القرآن : سبع سور وهي : سورة البقرة، وسورة آل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف فهي ست سور  متواليات، واختلفوا في السابعة بين الأنفال وبراءة…” ل ع 11/410.

هـ ـ تطاول واستطال : قال : “ويقال : طال عليه واستطال وتطاول : إذا علاه وترفع عليه، وفي الحديث : اربى الربا الاستطالة في عِرض الناس، أي استحقارهم والترفع عليهم والوقيعة فيهم… واستطال الشق في الحائط : امتد وارتفع…

ـ وتطاول : تمدد إلى  الشيء ينظر نحوه قال الشاعر :

تطاولت كي يبدو الحصيرُ فما بدا .. ل ع 12-11/413.

وهو من باب طارقت النعل في اطلاقه على الواحد، ومنه الحديث : قال لأزواجه أولكن لحوقا بي أطولُكُنَّ يدا، فاجتمعن يتطاولن… أراد أمدكن يدا بالعطاء…

والتطوُّل عند العرب محمود يوضع موضع المحاسن، والتطاول مذموم، وكذلك الاستطالة يوضعان موضع التكبر….” ل ع 11/414.

هكذا يتضح من دلالات هذه المشتقات أنها لا تمت بأية صلة إلى الاستعمالات الجديدة لفعل (طال يطال).

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>